يومياتي في الحظر: الحلقة (22)
هل يجب على كاتب كتابة موضوع يوميا أم أنه لا حرج في عدم كتابته؟ وهل يفيده عمله هذا في مستقبله أم أنه غير نافع له؟ وهل تتوسع أفكار الكتاب بكثرة الكتابة أم أنها تبقى كما كانت؟ وهل يجب عليه الاعتماد في الكتابة على نفسه، أم أنه ينبغي نقل مواضيع أخرى من كتب، وصحف، وجرائد؟ أسئلة تمس بأشد حاجة إلى أجوبة تناسبها، وهي تختلف حسب العقول والأفكار...
أنا بالنسبة لي كتابة موضوع جديد كل يوم ضروري، بل يجب علي، ولا خيار لي في تركها، ولو ليوم واحد، مثل أمور أخرى، ثم لا عذر لدي بضيق الوقت، وزحمة الأمور، واشتغالي في كذا وكذا...
أما السؤال الثاني فأجيب عنه أن عمل الكتاب هذا بالفعل مفيد له، ونافع، وتظهر آثار فائدة الكتابة عليه في مدة قصيرة، وأنا أتذكر أول يوم للكتابة، وأرجع إلى ماضيي، فرأيت نفسي لم أكن قادرا على كتابة عريضة فضلا عن كتابة مواضيع أخرى، ولما تواصلت هذه الكتابة، واستمررت عليها، ومررت نفسي عليها أربع سنوات، وأكتب كل يوم موضوعا جديدا من رغم كثرة الأشغال، والأعمال، وزحمة الأمور، حتى أصبحت قادرا على أية فكرة أريدها، والآن الكتابة عليها لا تستغرق وقتا طويلا، وهذه كلها بفضل من الله ومنه، وبدعوة الأساتذة، وبمساعدة زملائي، ولا سيما زميلي في الدراسة، ولا أريد أن أذكر اسمه، فلست أنا وحدي أستفيد من الكتابة، بل كل من يمشي على هذا المنوال، ويكتب كل يوم على موضوع جديد لا شك أنه يستفيد...
عند ما قيل: هل تتوسع أفكار الكاتب أم لا؟ فالإجابة عن هذا السؤال لم تكن غامضة، بل هي واضحة كوضوح الشمس، فالكاتب عند ما يمارس كتابة مواضيع أخرى كل يوم، فإن أفكاره لم تكن ضيقة، بل تتوسع، لأنه لما يتفكر حول موضوع ما، ويركز عليه، فإنه يعتاد على فكرة جديدة، فكل يوم فكرة جديدة، فنظرا إلى هذا لا بد من توسع أفكاره...
أما السؤال الأخير فهو يتعلق بالاعتماد على النفس، فإن لي رأيا خاصا في إجابة هذا السؤال، حيث إني أقول: يجب على الكاتب المبتدئ الاعتماد على نفسه دون أن ينقل عبارات من كتب أخرى، ويتدرب حتى يتقن مهارته في الكتابة، ولا بأس بأنه يطالع كتبا أخرى، ويأخذ منها أفكارا، ثم ينقل تلك الأفكار بعباراته، وبكلامه، وأسلوبه، أما لو اعتمد الكاتب على نقل العبارات من كتب شتى، فإن مثله لا يترقى في الكتابة، ولا يتقدم، ولا يمكنه أن يكتب بالحرية...