يومياتي في الحظر: الحلقة (15)
الظلام دامس، والأصوات صامتة، والناس نيام، والهدوء كامل، فلا حركة كحركة في النهار، ولا ضوء كضوء النهار، وكل واحد لازم فراشه لينال قسطا من راحة، وليكون نشيطا للغد، فالبعض قد خاضوا في بحر سباط، ووصلوا في قعره، وعمقه، أما البعض فما زالوا يحاولون الخوض والدخول في بحر نوم عميق، والأمواج لا تتوقف من تلاطمها، والغلبة في النهاية لهم في الوصول إلى نوم عميق...
وكانت الساعة الواحدة والنصف، ولكني ما زلت مستيقظا، وأتذكر قبيل صلاة العشاء أخذني نعاس شديد، وكدت أن أنام، ثم تفكرت بأني لو نمت الآن، فربما لا يطاوعني النوم في وقته، فلذا طيرت ذلك النعاس بطريقة وأخرى حتى جاء وقت النوم، ونفضت فراشي، وألقيت نفسي على فراشي، وأغمضت عيني، ولكن النوم لم يطاوعني بعد، حتى سهرت إلى ساعة متأخرة...
وأكثرت تقلبات على فراشي، وسئمت منها، فتفكرت لما ذا لا أقوم بعمل الكتابة، ولكنه كنت أرى صعبا علي، والسبب هو أني لو أقوم بعمل الكتابة، وأشغل حاسوبي فإني أحتاج إلى ضوء المصباح، فأوقده فربما ذلك الضوء يزعج أخي الذي هو نائم معي في نفس الغرفة، فتراجعت من فكرتي، وسليت نفسي، ولكن النوم أنكر تماما، فقلت في نفسي: ما ذا أفعل!؟
وما كان في وسعي سوى الانتظار على مطاوعة النوم، والصبر على ما أتلقى من كثرة التقلبات، فما وجدت سبيلا غير هذا، فانتظرت وقتا طويلا للنوم، ثم أخيرا خضت في سباط عميق، ولم أستيقظ من النوم إلا عند أذان الفجر، ثم استيقظت وتوضأت وأديت صلاة الفجر، ثم عدت إلى تلاوة القرآن الكريم، وكنت أشعر بنعاس، فأرسلت إلي أمي الحبيبة كوب الشاي، فما إن شربت الشاي حتى طار نومي، وصرت نشيطا، ثم اشتغلت في أمور حتى الفطور...