يومياتي في الحظر: الحلقة (78)
تلقيت رسالة مكتوبة في شكل القصة اليوم، وكانت مكتوبة بلغة أردو، ولما طالعتها من بدايتها إلى الأخير نالت إعجابي، فجاءتني فكرة بأنه يناسبني نقل هذه الرسالة أو القصة إلى اللغة العربية حتى يستفيد منها الأكثر فالأكثر، والقصة جذابة وجميلة جدا، وليست مجرد قصة، بل هي توجه أعظم نصيحة إلى المسلين في العالم كله، وتأتي تلك النصيحة في نهاية القصة...
عنوان هذه القصة هو إمام مسجدنا لص!
في أحدى مدن أفريقيا تم تعيين رجل حافظ القرآن الكريم، وعالم بعلوم الشريعة كإمام في مسجد من المساجد، والناس كانوا يحترمون هذا الإمام كثيرا جدا، لأنه كان حافظ القرآن الكريم وكان عالما أيضا، وكانوا يدعونه من حين إلى آخر إلى بيوتهم لتناول المأدبة، وخاصة في شهر رمضان، فأحدهم دعاه إلى بيته ليفطر معه، وقد حضر ذلك الإمام في بيته حسب اتفاق معه، واستقبل ترحيبات ساخنة من قبل مضيف، فأفطر ودعا لهم، ثم انصرف إلى المسجد...
قامت زوجة ذلك المضيف بتنظيف بيت بعد مغادرة الضيف، وتذكرت أنها احتفظت ببعض النقود في بيت، وشرعت في البحث عنه، ولكنها لم تجده، فسألت زوجها: هل أخذت النقود من هنا؟ فرد الزوج: لا. ثم أخبرت زوجها بأنه لم يأت أحد إلى بيتنا اليوم سوى ذلك الإمام، وكان طفلنا نائما في غرفة أخرى، ولا يمكن لطفل صغير يعيش في المهد أن يسرق المال...و في نهاية المطاف وصلا إلى نتيجة بأن المبلغ سرقه ذلك العالم الإمام، وقد كان المضيف أقصد زوجها غاضبا من داخله، حتى قال: دعوناه إلى بيتنا بكل احترام، وأطعمناه، وقد فعل هذا الشيء، أستغفر الله العظيم، وكان يقول: لو كان عنده حاجة كان ينبغي أن يقول لي، ولكنه بئس ما فعل!
على الرغم من حزنه وغضبه أخفى ذلك المضيف غضبه، وفي نفس الوقت ذاته بدأ يبتعد عن ذلك العالم الإمام شيئا فشيئا حتى لا يضطر إلى السلام معه... وقد مضى الوقت حتى جاء رمضان جديد في العام الجديد، وبدأ الناس كل حب واحترام وبكل حماسة يدعون العلماء إلى بيوتهم للإفطار، فقال هذا الرجل لزوجته: ما ذا علينا أن نفعل؟ هل ندعو ذلك العالم في بيتنا للإفطار أم لا؟
قالت الزوجة: ينبغي أن يدعى ذلك العالم، فدعا هذا الرجل ذلك العالم بكل حب واحترام إلى بيته للإفطار، وعند ما انتهوا جميعا من الإفطار، قال ذلك الرجل المضيف لذلك العالم: سيدي هل لاحظت أن موقفي تجاهك قد تغير على مر السنين؟ فأجاب ذلك العالم: نعم، ولكن بسبب كثرة أشغالي لم أتمكن من الاستفسار عن سبب ابتعادكم عني.
قال ذلك الرجل المضيف: لدي سؤال، وآمل أن تعطيني إجابة واضحة، العام الماضي خلال شهر رمضان وضعت زوجتي بعض النقود في هذه الغرفة، ثم نسيت أن تأخذه، ولكنها لم تجد بعد ما غادرت هذا البيت، فهل أنت أخذته؟
رد ذلك العالم قائلا: نعم، أنا أخذته، فأصيب ذلك الرجل المضيف بصدمة وانزعاج، ولكن العالم استمر في الكلام قائلا: عند ما أردت مغادرة البيت رأيت نقودا موضوعا على طاولة، وكانت الريح تهب بشدة، وبدأ النقود يحلق في الجو، فأخذته وجمعته، ووضعته في مكان آمن...
ثم بدأ ذلك العالم بكاء بصوت عال، وخاطب ذلك الرجل المضيف قائلا: أنا لا أبكي لأجل أنك اتهمتني بالسرقة على الرغم من أنها مؤلمة، ولكني أبكي بأن ثلاثة مائة وخمسة وستين يوما قد مرت ولم يقرأ أحد منكم صحفة واحدة من القرآن الكريم، وإذا قرأت القرآن الكريم مرة واحدة لوجدت ذلك النقود فيه. فما إن سمع ذلك الرجل المضيف نهض بسرعة كبيرة، وأخذ القرآن الكريم، وفتحه فوجد الكمية المطلوبة من النقود محفوظة في القرآن الكريم...
فهذا هو وضع بعض الإخوة المسلمين الذين لا يفتحون القرآن الكريم على مدار العام، ويعتبرون أنفسهم مسلمين حقيقين...