يومياتي في الحظر: الحلقة (53)
قصة جميلة قرأتها على صفحة التواصل الاجتماعي، فقد أعجبتني تماما، ولكنها كانت باللغة الأردو، فأحببت تعريبها ونقلها إلى اللغة العربية لتعم الفائدة، ولتتنور قلوبنا بمحبة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقصة تبدأ من بناء...
إن الناس يعتبرون بناء تاج محل علامة الحب، ولكن بناء المسجد النبوي في العصر العثماني هو ذروة الحب والتفاني في عالم العمارة. عند ما أراد الأتراك بناء المسجد النبوي، فأعلنوا في أنحاء العالم بأن الحكومة تريد تجديد بناء المسجد النبوي وتوسيعه، فهي بأمس الحاجة إلى خبراء في فن صنعها، فما إن أعلنت الحكومة إلا وقد قدم الكثيرون من الخبراء أنفسهم لهذه الخدمة المباركة، ثم أمر السلطان بإنشاء مدينة خارج اسطنبول، حيث يسكن فيها هؤلاء الخبراء الذين جاؤوا من أنحاء العالم في قصور منفصلة، ثم طلب السلطان من كل خبير أن يعلم طفله الذكي فنه بإتقان، فبدأ الجميع يعلمون الأولاد الصغار الأذكياء فنونهم، وفي نفس الوقت جعلت الحكومة التركية أولئك الأطفال يحفظون القرآن الكريم، واستمر هذا المشروع الغريب في تاريخ العالم سنوات عديدة، وتقريبا بعد خمس وعشرين سنة تم إعداد جماعة من الذين قد حفظوا القرآن الكريم، وهم خبراء في فنونهم، وكان عددهم حوالي خمس مائة، وأثناء هذه الفترة تم اكتشاف محاجر حجرية جديدة، وقطع الخشب من الغابات، والحصول على ألواح خشبية، وقد تم إرسال هذه البضائع إلى المدينة المنورة، ومن باب الأدب لم توصل البضائع إلى داخل مدينة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل أنشئت بلدة صغيرة بعيدا عن المدينة المنورة للحفاظ عليها، ولكيلا يكون الضجيج في جو المدينة المنورة...
وكان أدب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ملحوظا خلال فترة عمل بناء المسجد النبوي، حيث إن كان هنالك حجر يحتاج إلى تعديل، فكان يرسل ذلك الحجر إلى تلك البلدة التي أنشئت خارج المدينة المنورة، ثم عند ما كان يتم تعديله يعاد مرة أخرى إلى المسجد النبوي، وهذا كله لأجل أدب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولأجل محبته ـ عليه الصلاة والسلام ـ
واستمر هذا العمل لمدة خسة عشر عام، وشهد التاريخ بأن الذين كانوا يعملون في بناء المسجد النبوي كانوا متوضئين خلال فترة العمل، وكانت ألسنتهم مشغولة بالصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبتلاوة القرآن الكريم، وهذا الشرط كان من قبل السلطان من الأتراك...
وقد غطوا بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقماش حتى لا يدخل فيه غبار، وغطوا أيضا رياض الجنة بقماش حتى لا يسقط عليه غبار، وشهد التاريخ أنه لم يتم مثل هذا البناء بهذه المحبة والعقيدة على الإطلاق، لا الآن ولا في المستقبل...