يومياتي في الحظر: الحلقة (50)
الأخبار متضاربة منذ البارحة، فهنالك من يقول: إن الحظر سوف يرفع من بعد الغد، وهنالك من يقول خلاف ذلك، ويخالفه تماما، والذي يسمع مثل هذه الأخبار فما ذا عليه؟ هل عليه أن يصدق الأول، ويكذب الثاني، أم أنه يكذب الأول ويصدق الثاني؟ وهل يجب عليه أن يكذب الأول والثاني، فتصديقه الأول، وتكذيبه الثاني، أو بالعكس لا يؤثر شيئا في الأخبار، فهي لا تزال متضاربة حتى يعلن رسميا من قبل الحكومة عن رفع الحظر تماما، وإلا فلا سبيل سوى الانتظار، أما الاعتماد على مثل هذه الأخبار يجعل الإنسان متوترا...
وبما أن استخدام التواصل الاجتماعي، مثل الفيسبوك، وواتس، قد كثر، والذين يستخدمونه لم يكونوا مراقبين من قبل الحكومة، فإنهم بدعس زر المشاركة ينشرون الأخبار دون أن يتأكدوا من صحتها، فكثر الكذب، والاضطراب في الأخبار، فالخبر إن كان صادقا لكنه في أوساط التواصل الاجتماعي يصبح محل شك للكذب، وكذلك لو كان الخبر كاذبا ولكنه في أوساط التواصل الاجتماعي يصير محل صدق ويقين، فكم من المستخدمين يصدقون الأخبار الكاذبة التي ليست لها ناقة ولا جمل بالصدق! وكم من المستخدمين يكذبون الأخبار الصادقة التي تمت بالحقيقة والواقع!...
والذي يحب الصدق في الأخبار، ولا يحب الكذب فيها، عند ما يعلم حقيقة هذه الأخبار فما ذا رأيك؟ ألا يصاب بالتوتر؟ طبعا، يصاب بتوتر شديد، ويصبح مريضا عصبيا إن تواصل مع هذه الأخبار، وأيقن على كل من يأتي على التواصل الاجتماعي، أما إذا تأكد من صحة الأخبار وكذبها قبل قبولها، ولا يؤمن بكل خبر جاء على التواصل الاجتماعي إلا إذا كان هنالك من يؤيده تأييدا على صحته فإن مثل هذا الرجل يسلم من مرض التوتر...
طيب، لو قال أحد: كيف تورث الأخبار المتضاربة مرض التوتر في الإنسان، فما هو جوابه؟ وكيف بإمكان أحد إقناعه؟ هل هنالك طريقة خاصة لإقناعه؟ نعم، ليست طريقة واحدة، بل طرق، ولكن الكاتب على حد علمي لا يذكر طرقا أخرى، بل يكتفي بذكر طريقة واحدة، والسبب واضح وهو أن لا يطول نص المقالة ولا يكون ثقيلا على القراء، فلذا يكتفي بذكر طريقة واحدة، وهي أنه لو أحد يسمع صباحا بأنه سوف يتم رفع الحظر بعد يومين، فما ذا تراه؟ هل يكون مسرورا أم لا؟ وهل تكون البهجة عالية على وجهه أم لا؟ نعم، إنه يكون مسرورا، ويفكر أمورا كثيرة لم يتمكن من إنجازها في حالة الحظر، والآن بإمكانه ينجز تلك الأمور، فمثل هذه الأفكار يتفكر حولها من الصباح إلى المساء، ثم مساء ذلك اليوم يأتي ويكدر مزاجه، ويخبره أن الخبر الذي سمعه صباحا لم يكن خبرا صادقا، بل كان مجرد إشاعة، وكان خبرا كاذبا، فماذا يحدث معه؟
طبعا، يحدث معه مثل ما حدث ذلك البناء الذي بنى بيتا بمشقة وجهد كبير، ثم يأتي أحد ويدعي أن الأرض التي بنيت بيتك فيها هي لي، وهو يمتلك مستنداته، وقد جاء بجرافة على الأجرة، لتهدم هذا البناء، وقد هدمها، فما ذا حدث لهذا البناء! طبعا، يصبح مريضا عصبيا، وقد يفقد عقله تماما، ويجن، فنفس الشي يحدث ذلك الأخ الذي يؤمن بأخبار تأتي على التواصل الاجتماعي...
فلذا يجب علينا الحذر من مثل هذه الأخبار، ولا نعتمد على أي خبر إلا بعد ما نتأكد من صحته، ثم الإيمان به لا بأس، أما قبل التأكد من صحته فالإيمان به يورث فينا مرض توتر...