يومياتي في الحظر: الحلقة (24)
بدت الأيام تقرب من شهر رمضان المبارك، والذي هو شهر صيام وقيام وقرآن، وخير وبركة، وبهجة وسرور، والناس بأعمار مختلفة منتظرون لهذا الشهر المبارك، وكل واحد يعد نفسه لينافس الإخوة الآخرين في الأعمال الصالحة، والمساجد مملوءة من المصلين، ومنورة بهم، فنجد أولادنا الصغار الذين قد تعلموا القرآن الكريم ينافسون في ختم القرآن الكريم، ولا يكتفون بختم واحد، فينفقون معظم أوقاتهم أمام كلام رب العالمين، إما في المسجد وإما في غرفة من غرف البيت، والأمهات والأخوات والزوجات كلهن يتعبن أنفسهن لإعداد الفطور والسحور، و الآباء من رغم صيامهم يعملون في النهار لكسب العيش، فيعودون مساء وهم مرهقون، ثم يقومون بقيام الليل، وهذه العبادة أقصد صلاة التراويح مختصة بهذا الشهر المبارك، فالحفاظ يكملون القرآن الكريم في صلاة التراويح، والأسواق والطرق عادة تكون عامرة في ليالي رمضان، فعند ما يأتي هذا الشهر المبارك يأتي بجميع بركاته، ولكنه عند ما يرحل فيرحل مع كل ما هو مربوط به...
فشهر شعبان هو تمهيد لشهر رمضان، ولقد جاء في حديث أنس ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان، قال: وكان يقول: ليلة الجمعة ليلة أغر، ويوم الجمعة يوم أزهر". رواه البيهقي في الدعوات الكبير، مشكاة المصابيح.
نعم، شهر رمضان يجمع الأسرة بأكملها على مائدة واحدة، ويجمع أفراد الحي في مسجد واحد، وكل واحد يتمنى أن يقضي شهر رمضان وهو في بيته، وليلا عند صلاة التراويح المساجد يرتفع فيها صوت تلاوة القرآن الكريم، الإخوة منصتون إلى قراءة الإمام في التراويح من رغم أنهم لا يفهمونه، ومع ذلك يقومون خلف الإمام ساعة والنصف...
أما الحفاظ فهم يراجعون القرآن الكريم نهارا، استعدادا لقراءته في صلاة التراويح، ثم لو أخطأ أي حافظ في القرآن الكريم في صلاة التراويح فيلقنه الحافظ الثاني الذي هو خلفه، ويخبره عن خطئه، فما أجمل هذا المشهد! فلا يمكن لأحد أن يراعي أحدا، ما إن يخطئ ولو خطأ بسيطا يلقنه لقمة، ولا يتركه يتقدم في القراءة إلا أن يصحح خطئه، ثم يتقدم، فسبحان الله رب العالمين...