يومياتي في الحظر: الحلقة (77)
بما أني ناطق باللغة العربية، فالسؤال الذي يوجهه إلي معظم زملائي، ومعارفي هو "كيف تعلمت اللغة العربية الفصحى؟ السؤال مختصر وجوابه قد يطول.
كنت دارسا في إحدى المدارس الدينية، والتي هي تعد أكبر مدرسة وجامعة، وهي جامعة عريقة ومشهورة، وفيها العديد من الكليات، وتحت كل كلية أقسام، فكنت في كلية الشريعة الإسلامية، وكنت طالبا في الصف السابع، وكان لدي بعض زملائي من الدراسين في صفوف مختلفة، فأحدهم كان يدرس في الصف الأول المعهد، ودائما كان يواظب على النطق باللغة العربية، فكنت أقول له: من فضلك يا أخي، لا تزعجنا، وكلمنا بلغة نفهمها، ولا تكلمنا بلغة يصعب علينا فهمها، ومثل هذا الحوار كان يجري بيني وبينه كل يوم أمام زملائي الآخرين، وكنت أندم من داخلي على عدم قدرتي على النطق باللغة العربية، فكنت أتأسف كثيرا جدا على ما ينقصني من عدم القدرة عليها، والوقت كان يمضي حتى جاء يوم الفراق، فأنهيت دراستي، وتخرجت من تلك الجامعة، وانتقلت إلى جامعة أخرى للتخصص في الفقه الإسلامي، وكانت مدة دراسة ذلك التخصص سنة واحدة، وذلك كان عام ألفين وثمانية، وكنت أتمنى تعلم اللغة العربية، ولكني ما كنت أفهم كيف يمكنني تعلم هذه اللغة؟ هل بإمكاني أن أتعلمها أم أنه يبقى مجرد حلم أحلم به طوال حياتي...
وفي عام ألفين وتسع ذهبت لزيارة أحد زملائي في المدرسة، ولمحت هنالك إعلانا عن بدء دورة التخصص باللغة العربية، فسألت جميع الشروط والتعليمات، والتحقت بها، وبدأت أتعلم اللغة العربية شيئا فشيئا، وقد درست تلك اللغة تقريبا سنة ونصف، ثم قمت بتدريس وصرت معلم اللغة العربية، وقمت بممارستها إلى هذا الحين، وخلال فترة ممارستي مادة اللغة العربية استفدت كثيرا، فكل يوم أطلع على عبارات جديدة وكلمات جديدة، والتحقت بدكتوراه في اللغة العربية، فكنت أدرس في الجامعة صباحا، وأدرس المدرسة الدينية مادة اللغة العربية مساء، حتى تخرجت من الجامعة من قسم الدكتوراه في قسم اللغة العربية، فما كنت على يقين في البداية بأن حلمي قد تحقق، ولكنه في الحقيقة تحقق، وهذا السفر لم يكن مختصرا بل هو طويل، حيث قطعت هذه المسافة خلال أحد عشر عاما، وما زلت في قطعها...
وقبل خمس سنين بدأت تعلم الكتابة باللغة العربية، حيث ألزمت على نفسي كتابة مقالة كل يوم، وفي البداية لم أكن قادرا على كتابة صفحة واحدة، ولكن بفضل من الله ومنه، وبفضل جهود أساتذتي لم يخيب أملي، واستمررت في فن الكتابة حتى صرت قادرا على كتابة صفحات عديدة خلال دقائق، وهذا ما أقوله لكم بتحديث نعمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ ولم أقصد من كلامي التفاخر والعياذ بالله، وفن الكتابة ما زلت أمارسه إلى يومنا، ولم أتوقف منه، ولا أتوقف، وإن شاء الله أتواصل بممارسة الكتابة إلى أن أكون بارعا في هذا الفن، والله الموفق...