يومياتي في الحظر: الحلقة (19)
عودتي إلى مراجعة القرآن الكريم، بعد مضي شهرين، ولقد التحقت بقسم التحفيظ من المسجد النبوي، والتعليم يكون من بعد، وهذه السلسلة بدأتها قبل سنتين عند ما وفقت لأداء العمرة مع أسرتي، فرأيت كثيرا من الإخوة جالسين في داخل المسجد النبوي، والحواسيب أمامهم، والسماعات مربوطة في أذنهم، فسألت أحدا، ما هذا؟ فأخبرني بأن هؤلاء الإخوة يعلمون الناس من بعد القرآن الكريم، فرغبت بأني أيضا ألتحق بهذا القسم، وأتعلم منهم، وأحفظ القرآن الكريم مع تجويد، وذهبت إلى أحد من أولئك الجالسين وسألته عن طريقة الالتحاق، فأخبرني بكافة التفاصيل، فلما عدت إلى بلدي ففي بداية شوال التحقت، وبدأت حفظ القرآن الكريم مع التجويد، ففي السنة الأولى لما أكملت خمسة أجزاء حفظا اختبرت، والحمد لله قد نجحت في ذلك الاختبار، ثم واصلت حتى أكملت إلى نهاية السنة عشرة أجزاء...
وفي السنة الثانية بدأت بعد نهاية إجازات سنوية من الجزء الحادي عشر، فكنت أحاول كل يوم أحفظ صفحة واحدة من القرآن الكريم مع مراجعة القديم حتى أكملت سورة الشعراء، فتغير أستاذي، ونقلت إلى حلقة جديدة، فتواصلت معه حتى أكملت عشرين جزءا، وهذا ما حدث قبل شهرين والنصف، ثم كان لي اختبار ولكن من سوء الحظ اصطدمت وانكسر عظم فحذي، وأجريت له عملية جراحية، فمنذ شهرين وأنا على فراش، فألغي اختباري، وأخذت الإجازة لمدة شهرين، حتى ينجبر ذلك الكسر...
ومن اليوم الحمد لله رب العالمين على ما منحني توفيقا وفضلا بأني عدت من جديد إلى حفظ القرآن الكريم، فراسلت أستاذي المكرم، فأخبرني لا بأس، تفضل، وقال لي: أريد منك مراجعة خمس صفحات يوميا مع التجويد، فبدأتها اليوم، وهذه السنة بالنسبة لي السنة الثانية، وما زالت عشرة أجزاء من القرآن الكريم، فربما بتوفيق الله ومنه وفضله وكرمه أكمل حفظ كلامه في السنة القادمة، وهذه من سعادتي بأني مرتبط بالقرآن الكريم مع كثرة الأشغال والأمور، ولا أدري كيف تتم الأمور كلها...
وليس الأمر سهلا في مثل هذا العمر أن يحفظ القرآن الكريم، ولكنه ليس مستحيلا، وأنا أقول: إنه أكبر سعادة للذي يربط نفسه بكلام رب العالمين، ويتعلمه حتى يرحل من هذه الدنيا الفانية، فيبقى اسمه في قائمة طلبة العلم، وببركة القرآن الكريم يسهل عله الأمور بعد وفاته بفضل الله ومنه...