يومياتي في الحظر: الحلقة (16)
التواصل بين الأقرباء والزملاء يعتبر أعظم عبادة وأعظم بر، فليس البر بأنك تكلم أقرباءك وزملائك إن كانوا أمامك، ثم تنساهم نسيا منسيا، ولا تصل بينهم، فإنه ربما يدخل في زمرة قطع الرحم، وأعذار الإنسان لا تنتهي ولا تنقطع، بل تتجدد بتجدد الأيام، ولكن العصر الذي نحن فيه الآن، منح فرصة لكل واحد لا تنتهي أعذاره في التواصل مع أقرباءه وزملائه، فإنه أصبح محبوسا في بيته، ولا عمل عنده دون بقاءه في البيت، فينبغي أن يتواصل مع أقرباءه الذين لم يتصل بهم منذ زمن، ويتفقد أحوالهم، ويحيي علاقة بين زملائه القدماء والذين أبعدهم مشاغل الدنيا عنك، فحان وقت صلة الرحم...
ومن الممكن أحدهم يقدم عذرا معقولا، هو أن رصيد جواله قد صفر، والدكاكين مغلقة، فكيف بإمكاني التواصل بالاتصال مع أقربائي وزملائي، فإن لم يكن عنده عذر كهذا، فينشئ عذرا جديدا، وهو جوالي غير مشحون، فيحتاج إلى شحن، والكهرباء معدومة، فكيف بإمكاني التواصل مع أقربائي وزملائي، فإن لم يكن عنده عذر كهذا، فيأتي بعذر أكبر مما كان من قبل، وهو أن أقربائي وزملائي بعيدون مني، حيث إني أسكن في المدينة وسكنهم في البادية، فلا يصل إليهم البث، وهو كالمعدوم، فكلما أتصل بهم أجد في الرد أن جواله بعيد من الشبكة، والبعث معدوم، فعاود الاتصال به، فإن لم يكن عنده هذا العذر، فيأتي بعذر لا حل له عندي ولا عند أحد، وهو أن لدي جوالا، وهو مشحون أيضا، والبث أيضا موجود، غير أن أرقام هواتف أقربائي وزملائي ليست عندي، فمن أين آتي أرقام هواتفهم، وأتصل بهم...
فمثل هذا المريض يصعب أن يعالج عند أي طبيب، فمرضه خطير، ودواءه مفقود، فلا علاج له، ولا دواء له، ولا شفاء من هذا المرض الخاص به، وليس بمعنى أن علاجه مستحيل، بل من الإمكانيات أن يعالج ذلك المرض، ويشفى من مرضه، لكن بشرط واحد، وهو لا حاجة له بالذهاب إلى طبيب، بل هو طبيب لنفسه، ويعالج نفسه بنفسه، وينهي هذه الأعذار الكاذبة التي لا وجود لها في الأصل، فها هو دواؤه لمرضه، فما إن يستخدم ذلك الدواء يزول مرضه، ويرجع كما كان، فأسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوفقنا لإحياء صلة الرحم...