الحلقة (3) : من حلقات اجتماع الدعوة والتبليغ
كنت عازما على المشاركة في الاجتماع، فأعددت نفسي قبل بدأ الاجتماع بيومين، فجهرت حقيبتي ووضعت فيها ثلاث بدلات احتياطا، والمنديل وفرشاة الأسنان والصابون وما إلى غير ذلك ما كنت أحتاجه في الاجتماع، واشتريت كراسة لأكتب فيها ما أسمع من مواعظ المشايخ إلا أنني تركتها في الدولاب، ولم أضعها في حقيبتي، فجعلت أنتظر ليوم موعد الذهاب إلى ساحة الاجتماع لثلاثة أيام...
ها هو اليوم الذي كنت أنتظره بل ينتظره غيري أحر من الجمر، جاء، فاستعدت تماما وغيرت بدلة ودهنت لحيتي، ثم أعطيت فراشي وحقيبتي أحد زملائي، وذلك لأني كنت مشغولا في عمل ما، وزميلي كان ذاهبا مع الجماعة وفي الحافلة، لكن بعد ساعات أنا أيضا غيرت رأيي وذهبت معه في نفس الحافلة إلى ساحة الاجتماع...
فلما جاءت الحافلة ربطنا الفرش والأمتعة على سطح الحافلة، وأجلسنا بعض الإخوة عليها حتى يحافظوا على الأمتعة من سقوطها، فجلست أنا وزميلي معا على مقعدين متصلين، وقرأنا دعاء السفر وانطلقت الحافلة ببركة الله وباسمه ـ عزوجل ـ والمنظر كان جميلا بأن هنالك حوالي ثماني حافلات واحدة تلوى الأخرى، فكل واحد من المارين والماشين على الأقدام والجالسين في الحوانيت ينظرون إلينا بنظرة الإعجاب ويبتسمون في وجوهنا... والحقيقة إن مرور حافلاتنا أمامهم كان دعوة لهم للمشاركة في الاجتماع...
فكنت أظن أننا أول من خرجوا للاجتماع، لكن اندهشت عند ما رأيت حافلات أخرى وهي متوجهة أيضا إلى ساحة الاجتماع، فالشوارع بدأت تزدحم من تلك الحافلات وبطأ مرور السير لكثرة زحمة المرور في كل مكان، فبطأت حافلتنا أيضا لكنها كانت تسير شيئا فشيئا، وكنا نتذاكر في الحافلة حول الاجتماع، وكل واحد كان يدبر أمره خلال مكثه في ساحة الاجتماع..
وبما أن تكوين الجماعات قد تم من قبل، فلذا كل مسئول في كل جماعة كان متوليا أمور جماعته، فكان ينصح الإخوة باستثمار الوقت في ساحة الاجتماع، وذلك لأن البعض من الإخوة لم يشاركوا في مثل هذا الاجتماع في حياتهم، فهذا أول اجتماع لهم...
فلما دنونا من ساحة الاجتماع بدأت الطرق تزدحم، حتى توقف مرور السير، فلمحت من نافذ الحافلة الصغار كانوا يشيرون إلى سائقي الحافلات تجاه ساحة الاجتماع، ورأيت عند بعض الصغار دوارق الماء لسقي الركاب، فالمنظر كان مبكيا حيث إن الاجتماع لم يبدأ بعد، لكن ثمراته بدأت تظهر من الآن...
ما أكثر الحافلات! زحمة في كل مكان، فبدأ الإخوة بمساعدة بعضهم البعض، فأخيرا خرجت حافلتنا من الزحمة فبعد ساعة والنصف أخيرا وصلنا إلى موقف الحافلات في ساحة الاجتماع، وأنزلنا الأمتعة والأغراض منها، ووضعناها في زاوية ثم كل واحد أخذ أمتعته وأغراضه حتى تأكد الجميع أنهم لم يتركوا أي شيء من أمتعتهم، فأنا أيضا تأكدت من أغراضي وأمتعتي، فأذنا لسائق الحافلة بالذهاب إلا أنني أخيرا قلت له: متى تشارك في الاجتماع فقال لي: إن شاء الله في اليوم الثاني وسوف نشارك في الدعاء، وطلب منا جميعا أن نذكره في دعواتنا، فقلنا له: إن شاء الله سوف ندعو لك...