الحلقة (5) : من حلقات اجتماع الدعوة والتبليغ
لما انتهت الموعظة الأولى من الاجتماع في اليوم الأول بعد العصر، أعلن من المنصة يرجى من المشاركين الاستعداد لصلاة المغرب، فأنا أيضا أحببت تجديد الوضوء، فذهبت إلى محلات الوضوء، فما أجمل نظام محلات الوضوء وما أقواه! فرأيت جدول الماء، يجتمع فيه الماء الشفاف، فجلست على المصطبة، وتوضأت، فلما رأيت حولي فرأيت كل واحد من الشيوخ وكبير الشبان والشباب يستاكون ويستنون بمسواك ويتوضؤون بماء شفاف، وأنا أيضا اشتريت مسواكا، وتسوكت به، ثم توضأت...
خلال الوضوء كل واحد كان يقول للآخرين، استعجلوا فالصلاة على وشك، فلما فرغت من الوضوء ذهبت إلى مكاننا، وانتظرت لإقامة صلاة المغرب، فأعلن من المنصة بأن الإخوة الذين عينوا لرفع الأذان في أماكنهم، يرجى منهم رفع الأذان، فبدأ الأذان من كل جانب، بكلمات أثرت في قلبي مباشرة، بل في كل مشارك وفي قلب كل مسلم، "اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أشهد أَن مُحَمَّد رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ اللَّهُ، أَشْهَدُ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"
ثم انتظرنا قليلا، فأقيمت الصلاة، فقمنا جميعا، والأمر الذي أدهش الجميع هو أن الصلوات يصليها الإمام دون مكبر الصوت، فالبعض من الرجال هم يكبرون خلف تكبيرة الإمام في الركوع والسجود إلى نهاية الصلاة، ثم بدأت الموعظة بعد المغرب والناس اقتربوا من السماعات لسماعها، فأنا أيضا كنت جالسا أمام السماع لكني كنت جالسا على فراشي... فلما انتهينا من الموعظة بدأ الجميع بفرش وببسط الأخاوين، حتى يفرغ الجميع من تناول العشاء، وصلاة العشاء عادة كانت تقام بعد نهاية الموعظة بساعة كاملة...
أما الشائ فالبعض كانوا يشربونه قبل العشاء والبعض بعد العشاء إلا أن معظم المشاركين كانوا يشربونه قبل العشاء، وبعد العشاء كل واحد كان يستعد للنوم مبكرا حتى يتمكنوا من الاستيقاظ في الصباح الباكر، فأنا وزملائي شربنا الشائ قبل العشاء، ثم بعد العشاء ما اشتغلنا في الحديث، بل التزم كل واحد منا فراشه ونام...
وفي الصباح الباكر استيقظت أنا وزملائي مبكرين، وتوضأنا قبل أن تزدحم محلات الوضوء، فما إن دخل وقت صلاة الفجر بدأ الإخوة برفع الأذان، والمنظر لا ينسى طوال حياتي، ثم قبل أن تقام صلاة الفجر كان هنالك أحد أساتذتنا، وطلب منا شرب الشائ معه قبل الفجر، فما كنت راغبا فيه إلا أنه كان أمره، فالأمر فوق الأدب، فلذا ذهبت مع زملائي إلى مكانه لشرب الشائ، فشربنا وعدنا إلى مكاننا، صلينا الفجر مع الجماعة، ثم جلسنا لسماع الموعظة، لكن هذه المرة استلقيت على الفراش لأسمع الموعظة، ولم تمض لحظات إلا وقد نمت، فلم أدرك الموعظة إلا نهايتها، فأيقظني زملائي للفطور...
والفطور لم يكن عاديا، بل كان فطور الملك، فيه الحمص والحلوى والخبز والشائ فتناولنا الفطور، وأعطينا الوقت لإنجاز أمور فردية، إلى الساعة العاشرة صباحا، أعني حوالي ساعة والنصف، فالجميع بدؤوا بإنجاز أمورهم الفردية حتى يتمكنوا من المشاركة في الأعمال الاجتماعية...