كيف تعالج طلابك الضعفاء في الدراسة؟
المعلم والأستاذ لا يكون مجرد أستاذ ومعلم، بل يكون مربيا أيضا، وبما أنه بمنزلة الأب، فيكون متفكرا في طلابه، وتلامذته، وتعلميهم، وتربيتهم، وذلك لأن الأب له أكبر دور في تربية أولاده وتعليمهم، فيواجه أولاده بأساليب مختلفة حسب أمزجتهم، فإن أمزجة جميع الأولاد كالأصابع في اليد، كما أن الأصابع في اليد لا تكون متساوية في الطول وفي الضخامة، فأمزجة الأولاد أيضا لا تكون متساوية بل تكون مختلفة، فأحدهم ينقاد لأبيه بمجرد أن يسمع تعليمات وتوجيهات منه، والثاني لا ينقاد بهذه السهولة، بل يتكاسل فيه، فيحتاج إلى تنبيه، فينبهه أبوه، والثالث يكون معاندا لكن لا بد لأبيه من معالجة عناده، فإن لم يعالج عناده، فيكبر على عناده، ثم الفشل يُقَبِّلُ مستقبله، إذن للأب يجب أن يختار أساليب متنوعة لتعليم الأبناء وتربيتهم.
فطلاب العلم بمنزلة الأولاد، حيث أمزجتهم أيضا مختلفة في حصول الدراسة، ومستوياتهم متنوعة، فهناك أحد ما إن يتلقى دروسا من أساتذته، يتقنها في دماغه ولا يحتاج إلى مراجعتها، فمثل هؤلاء قل ما يكون، ولكن يكون..
وهناك من يسمع دروسا من أساتذته، فيحتاج إلى مراجعة بسيطة، فلا يفتقر إلى إتعاب نفسه إلى أكبر درجة، بل بمجرد مراجعته دروسا يحفظها، لكن من بين هؤلاء الطلاب يوجد الكثير من الإخوة يسمعون الدروس من أساتذتهم، لكنهم بأمس الحاجة إلى مراجعة قوية، وإتعاب أنفسهم في سبيل إتقان الدروس، فالبعض يراجعون ويجتهدون، والبعض لا يراجعون ولا يجتهدون، فهذه الطائفة الأخيرة هي أكثر صعوبة للأساتذة، وتجعلهم حائرين في أمرهم، بأنهم ما ذا عليهم تجاههم؟ فكل أستاذ حسب فكرته يأخذ القرار فيهم، ويحاول العديد من الطرق لتعليمهم، فيزجرهم، ويحاسبهم ويعاقبهم...
لكن هنالك فئة من الطلاب الضعفاء، الذين يحتاجون إلى إشراف قوي عليهم في مراجعتهم، وفي دروسهم، حيث إن الأستاذ يركز عليهم خلال التدريس، ولا يتركهم يسبحون في أفكارهم الخيالية، بل يسحبهم إن خرجوا للسباحة في أفكارهم الخيالية غير الدرس، ويعيدهم إلى ما كانوا عليه من قبل.
فمثل هؤلاء يكونون في العدد قلة، لكن أمرهم يجعل الأستاذ حائرا في شانهم، فتعقد الجلسات في المدارس والجامعة لحل هذه المعضلة، والتي سببت أكبر صداع للأساتذة، وذلك لأنهم بمنزلة الأولاد، فهم أمانة على أكتاف الأساتذة، فيجلسون في الجلسات المختلفة، ويناقشون فيها أمرهم، ثم يأخذون القرار حسب آراء الأساتذة، ويعملون بها...
وبما أنني أيضا في مجال التدريس والتعليم فإنني شاركت في جلسة عقدت لحل هذه المشكلة، والتي حلت على جميع الأساتذة، وآلمتهم أشد الألم، فكان كل أستاذ مكلفا بإدلاء رأيه حسب خبرته في رفع مستواهم العلمي، فكانت الآراء مختلفة، ومفيدة، لكن رأي أحد الإخوة ـ والذي أراه مناسبا لكل أستاذ يواجه مثل هذه المشكلة في أمر طلابه، وتلامذته، ـ كان مفيدا جدا، ونحن كالأساتذة عادة لا نختار ذلك الرأي، وهو الدعاء في جوف الليل لهم.
فلما سمعت رأي ذلك الأخ قلت في نفسي: إنني بالفعل مقصر فيه، فلم أقم بالدعاء لهم في جوف الليل، فكيف يمكنني أن أطلب منهم نتائج قوية إلى هذه الدرجة، فأولا أدعو لهم في جوف الليل، ثم أجتهد معهم حسب وسعي، وسأرى نتائج قوية في مستواهم العلمي، ولقد سبقت لي التجربة في هذا الأمر من قبل، لكن هذه المرة تكاسلت فيه، فما إن سمعت ذلك الرأي قررت بأنه يجب علي أن أدعو لهم في جوف الليل، حتى أجني ثمرات جهدي وجهودهم.
فأسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوفقنا جميعا للقيام بأعمال الخير، وأن يستخدمنا في تعليم الطلاب أحسن التعليم مع أحسن التربية، وأن يرفع مستوى طلابنا العلمي، وأن يجعلهم علماء ربانيين، وأن يجعلهم نافعين للأمة الإسلامية، وأن يجعلهم في ميزان حسناتنا يوم القيامة. آمين.