لعلك لم تسمع أيضا مثل هذا السؤال في حياتك؟
ولا أقول: إنه يجب على كل معلم تسجيل ما يواجهه من الأمور خلال تدريسه في مذكراته، لأن كل معلم وأستاذ حر في أموره الشخصية، وهذا الأمر طبعا هو أمر شخصي، فلا إجبار فيه...
حياة الأستاذ والمعلم حافلة من الأشياء العجيبة والغريبة حيث لو أن كل أستاذ يبدأ بكتابة ما يحدث معه خلال وظيفته لامتلأت الدواليب من الدواوين والمكاتب من المذكرات، لكن الأستاذ لا يلتفت إلى ما يجري معه خلال تدريسه وخلال إشرافه ومسئوليته...
ولا أقصد أنه يجوز ملامة ذاك المعلم الذي يجعل مذكرات حيث يدون فيها ما يحدث معه كذكريات، لأن جمع المعلومات الجديدة والتجارب العديدة شيء جميل، فيمكنه الاستفادة منها فيما بعد...
ولا أقول: إنه يجب على كل معلم تسجيل ما يواجهه من الأمور خلال تدريسه في مذكراته، لأن كل معلم وأستاذ حر في أموره الشخصية، وهذا الأمر طبعا هو أمر شخصي، فلا إجبار فيه...
لكن أمري لعله قد يختلف من الأساتذة الآخرين، فإنني أحاول تسجيل ما يحدث معي خلال أداء وظيفتي في مذكرات، سميتها "من يوميات معلم"، فأدرج فيها كل ما أواجهه في حياتي التدريسية لأتدرب على الكتابة أولا، وأستفيد منها مستقبلا ثانيا....
فإنني أحمد الله سبحانه وتعالى أولا وأخيرا على أنه وفقني لهذا العمل الخير، حيث أنني بدأت الاستفادة منه استفادة كاملة من حيث الكتابة ومن حيث الحاجة إليها مرة أخرى....
اليوم حسب العادة كنت في قاعة الاختبار متجولا بين الطلاب، فلمحت طالبا واقفا، فدنوت منه حتى أسأله عن سبب قيامه، فلما قربت منه سألته: نعم، يا أخي هل من خدمة؟
فقال لي : نعم، يا أستاذ، لدي سؤال، أريد أن أستفسرك عنه.
فقلت له: تفضل، ما هو سؤالك؟
فقال لي: يا أستاذ، ما معنى انتخب ثلاثا من الآيات الكريم وأعربها إعرابا مفصلا؟ هل المراد من هذا السؤال أنني أحرك آية قرآنية؟
فنظرت إليه لحظات دارسا ما يدور في مخه، فقلت: له يا أخي، هذه الآية (وكانت آية من سورة الفاتحة) محفوظة عند الجميع، فكيف يمكن للأستاذ أن يطلب منك تحريكها، بل إنه يريد منك في هذا السؤال إعراب تلك الآية إعرابا مفصلا، ولم يطلب منك تحريكها...
فبعد ما أجبته مكثت مدة طويلة وأنا سارح فيما سألني من سؤال، والأفكار تراودني من كل جانب، هل من الممكن أنه بالفعل لم يفهم هذا السؤال أم أنه أراد مني إجابة تلك السؤال؟
فبعد تفكر طويل لم أصل إلى أية نتيجة خوفا من أنني أظن به شيئا لم يكن مبنيا على الحقيقة فحينئذ أكون مذنبا وآثما، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كلامه: "إن بعض الظن إثم"، فلذا لم أحاول في الوصول إلى النتيجة...