سلسلة رمضانية: شهر رمضان هو شهر تمرين وتدريب للآخرة
الدنيا التي نحن فيها هي عجيبة، والتي لا يساويها شيء، ومع ذلك الكثير من سكانها يفتخرون بكثرة السيارات، وكثرة الرصيد في مصارف عديدة، وهم يعلمون أن هذه كلها بعد رحيلهم من هذه الدنيا تصبح لغيرهم، لكن الحسابات التي تترتب عليها هي كلها في ذمة الذي يجمعها للآخرين...
لست أنكر بأن الدنيا ليست ضرورة، بل هي أشد ضرورة لكل واحد للعيش، فدونها يصعب العيش فيها، كما أن الماء ضروري للسفينة، فإنها دونه لا تجري، وكذلك الدنيا للإنسان، إلا أن هنالك شيئا نسيناه، وهو أن ذلك الماء الذي جعل السفينة تجري في البحار، هو أشد ضررا لها، كما أنه كان نافعا لها، فإن دخل الماء في السفينة فيجعلها تغرق في أعماق البحار...
فنفس الدنيا التي هي جعلت الإنسان يعيش بسببها، لو دخلت في قلبه لتضره أشد ضرر، حيث إنه لا يمكنه الخلاص منها، حيث إنها لو دخلت في قلب الإنسان فتمنعه من العبادات، وتبعده عن مقصد وجوده في هذه الدنيا، حيث يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ في كلامه: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" فمقصد وجود الإنسان في هذه البسيطة هو اشتغاله في عبادة الله ـ سبحانه وتعالى ـ ومحاولته لحصول رضاه، وقضاء حياته على طريقة أخبر بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فها هو شهر رمضان، الذي بعثه الله ـ سبحانه وتعالى ـ رحمة لنا، ومغرفة، فنستطيع أن نخرج حب الدنيا من قلوبنا، ونضعها عند حدها، حتى نفوز في الدنيا والآخرة...