إنها نتيجة حكمت عليها: من سلسلة يومياتي بقلمي.
صباح اليوم بعد ما أديت صلاة الفجر كنت أحتاج إلى شرب ماء كأس، فنظرت يمينا وشمالا حولي فلم أجد أحدا حتى أقول له، فاضطررت للخروج بنفسي من الغرفة حتى أذهب إلى براد الماء وأسكب الماء في كأس ثم أشربه. فلما دنوت من باب الغرفة لمحت من نافذتها أحد الإخوة، فأشرت إليه فقرب من تلك النافذة فالتمست منه إتيان ماء عاد في كأس للشرب. فسألني: الماء البارد أم الماء العادي، وكان يقصد به الماء المعتدل. فظننت أنه بالفعل طالب فهيم وذكي، فقلت له: أريد الماء العادي. فرجعت إلى مكاني منتظرا له، وعيناي واقعتان على باب الغرفة. فمضت دقائق وكنت متيقنا أنه يحضر الماء لأنه فهم، ولكن بدأ يقيني يتحول إلى ظن، ثم بدأ ظني يتحول إلى شك، وأخيرا أصبح شكي في إنكار حيث إن ذلك الطالب الذي كنت أعتقد أنه فهيم ومدرك الأمور فإنه كان خلاف اعتقادي، وكان طالبا ساذجا حيث مضت ساعة وثلثان ولم يأت بالماء.
فمنذ تلك اللحظة كنت متفكرا لما ذا لم يأت بالماء؟ فأخيرا فوصلت إلى نتيجة حكمت عليها ـ ومن المتوقع أن تلك النتيجة التي حكمت عليها لا تكون صحيحة بل تكون خاطئة ـ وهي أنه لم يفهم كلامي جيدا، فربما فهم ذلك الطالب أني قلت له: اشرب الماء العادي ولا تشرب الماء البارد. هكذا أراهن أنه فهم، وإلا من المستحيل أنه يفهم ولا يحضر الماء.
فلا تنظر إلى تحريك رأس ذلك الذي كلفته بإنجاز عمل ما بل تتحقق بنفسك حيث بعد ما تكلفه وتفهمه ذلك الأمر تسأله مرة أخرى وتتأكد منه أنه بالفعل فهم ذلك الأمر أم لا؟ فإن تأكدت أنه فهم فبها وإلا فأفهمه مرة أخرى حتى تتيقن أنه الآن قد فهم.