الانتصار على النفس في رمضان
هناك بعض الأمور الأساسية، يجب على الإنسان أن يهتم بها، وخاصة في رمضان، لكونها ميسورة العمل والتطبيق، فسوف تؤهل المرء على مقاومة النفس اللاهية، ومن متاعب الحياة في ما بعد، وتضمن له حياة طيبة...
الأمور اللازمة والتركيز عليها حتى العثور على ثمرة رمضان
أولا علينا أن نفهم بأن التمسك بآداب رمضان، من المعارك الدقيقة مع النفس وهواها وشهواتها..
فالصوم يمنع الشهوات، والقيام يمنع الضياع، والتلاوة تمنع اللغو والنوم، والصدقات تمنع البخل واللؤم، وعليه تتحق السعادة، فإن ذلك مفتاح الحياة الطيبة...
وفي الصوم صبر وتحمل، وجهاد وتعلق، وصراع وتأمل، ومن لم يُطِق ذلك لم يحقق الصوم الحقيقي، ولا أصاب ثمراته ومحاسنه..
ولما كان الشبع سببا لانتشار الشيطان وتسلطه على بني آدم كما قال عليه الصلاة والسلام: ( الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) شُرع الصيام دواءً لذلك، فكان في جوع الإنسان تضييقا على الشيطان، وسدا لمسالكه...
ولذلك قيود رمضان والصيام تربي وتهذّب وتصقل، وتعدّ الإنسان لمعارك شديدة في هذه الحياة، من أجلها معارك هوى النفس...
وتشتعل معركة المجاهدة في رمضان حتى تثمر القوة، ويهجر الصائم مباحات، ويتباعد عن معصيات حتى يبلغ درجة التقوى العظمية، ومنزلة المراقبة الكبرى...
فيجب علينا التقيد بهذه الأمور، ولتكن نصب أعيننا، حتى نتحصل على المقصود...
الانتصارات لمن لازم الأمور اللازمة المذكورة
ومن هذا السبيل ينتصر الصائم على نفسه، ويحملها على طاعة الله ويعلمها الصيام النزيه والقيام الراسخ، وجلسة الذكر البهية.
وينتصر حينما تتعرض له شهوات مباحة فيتركها انصياعا لله، وتوقيرا لدينه، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجله، والمجاهدة هنا من أشرف مقامات العمل، لما تؤول إليه من التهذيب والصقل والتدريب.
وينتصر الصائم على النوم والكسل بالقيام سريعا للصلوات، وهجرا للراحة والاسترخاء.
وينتصر عليها بتغيير عاداتها الاجتماعية السيئة، وأعرافها الغذائية المتعبة، فيدخل في ترتيب جديد يحمله لو اتعظ على تغيير كل السلبيات الضارة.
فمن صام بإحسان، وأقبل على الذكر والقرآن، وكف اللغو واللسان، فقد خطا خطوات الانتصار، وصعِد إلى مراكب العلا والإنجاز.
وهذه المراتب تكاد تجتمع في رمضان لكثير من الصائمين فيحملون نفوسهم على تعلم الصيام وأحكامه والتباعد عن الشهوات جهادا وصبرا...
وفقنا الله لما يحب ويرضى، ويلهمنا الصبر على الطاعات ما دمنا أحياء..