السابع والعشرون: من يومياتي في شهر رمضان عام 1442هـ
إن هذا اليوم هو يوم خاص من قبل الناس حيث أصبح من عادتهم أنهم يجتمعون في ليلته، ليقيموا ليلة القدر، وكأنهم جازمون وموقنون أن هذه هي ليلة القدر، فيجتمع الكبار والصغار والأطفال في المساجد لتحري ليلة القدر، فيوقظون أهاليهم ويقيمون الليل في بيوتهم وفي مساجد أحياءهم، ويجتهدون في العبادة في الليلة المذكورة أكثر من غيرها رجاء الفوز بمصادفة ليلة القدر.
فيأتي الأصوات من سماعات مختلف المساجد، فأحدهم ينشد في مدح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والثاني يتلو تلاوة القرآن الكريم، والثالث يعظ الناس بموعظة حسنة، والطريق عامرة بالناس، فأحدهم تجده ذاهبا إلى المسجد والثاني تجده عائدا من المسجد إلى البيت، والثالث تجده متسوقا في السوق، والرابع تجده حاملا الأطعمة متوجها إلى المسجد إكراما للناس، فيستمر هذا الوضع إلى طلوع الفجر.
والعجب فيه أن المساجد تكون مليئة من المصلين والتالين والذاكرين والعابدين والساجدين والتائبين، حتى يأتي فيها ذلك الذي قد لا يحضر في المسجد سوى الجمعة، ولكنه في مثل هذا اليوم تجد أنه قد لبس لباسا جديدا أم لباسا قديما ولكنه نظيف، وقد طيب نفسه بأجمل عطر، وسرح أشعاره، وكأنه شد مئزره للعبادة، فمثل هذه الرغبة تجدها في كثير من الناس في هذه الليلة المباركة.
فأنا أيضا قضيت هذه الليلة مستيقظا إلى وقت السحور، ثم تناولت السحور وأديت صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد ثم عدت إلى البيت ونمت، لأني كنت مستيقظا طوال الليل، فما كنت أستطيع الاستيقاظ بعد الفجر، فلذلك بعد أداءها مباشرة رميت نفسي على السرير وأغمضت عيني وخضت في أمواج بحر النوم حتى غرقت فيها.