اليوم الثالث عشر: من يومياتي في شهر رمضان عام 1442هـ
اليوم الثالث عشر من رمضان
مما لا شك أن الفراغ في الوقت يقتل الإنسان، فيشغل نفسه فيما لا يعنيه، فلذلك لا بد أن يملأ ذلك الفراغ بعمل يحبه، فإن كان ذلك العمل هو مطالعة الكتب فليطالعها، وإن كان ذلك العمل المحبوب لديه هو الكتابة فلا بد له أن يكتب في وقت فراغه. والكثير من الإخوة يسألون ماذا نكتب إذا نوينا الكتابة؟ فدائما أقول لهم: الدنيا مليئة من الأحداث والأفكار، فكل يوم حادث جديد وفكرة جديدة تتولد في هذه الدنيا فيمكنك أن تكتب حوله، ولا تذهب بعيدا بل انظر ما حولك، وكون منه فكرة معينة سواء تلك الفكرة تعجب الآخرين أم لا، ولكنها هي فكرتك، فقيدها بقلمك، وستنفعك بإذن الله ـ سبحانه وتعالى ـ في المستقبل. وإن كنت مازلت تشك في كلامي فجرب أولا وانتظر لمدة، ثم عد إلى ما كتبته من أفكارك وستعترف بأني كنت محقا. فهيأ اجمع جميع طاقاتك وصبها فيما ينفعك من القراءة والكتابة والمطالعة.
لو أسمعك بداية قصتي فلربما أنت لا تصدقني ولكنها هي حقيقة، وهي أني في البداية قبل ستة أعوام عام 2015م بدأت أسلك طريق تعلم الكتابة، ففي البداية عندما كنت أكتب كنت أخاطب نفسي: هل أنت مجنون؟ ما ذا تكتب؟ ولماذا تقتل أوقاتك في مثل هذه الكتابة التي لا هدف لها؟ ومثل هذا الصراع كان يحدث بيني وبين نفسي كل يوم، والوقت كان يمضي، وكنت أنظر ما حولي، وأدونه بقلمي الذي لم يكن مستقيما، وذلك لأني عند ما كنت أجلس للكتابة فكنت أتفكر ثم أتفكر حتى كنت أقول: ربما يصيبني الجنون لا سامح الله، ولكني لم أتخلف عن تحقيق حلمي، لأني سمعت من أساتذتي يقولون: كل من أراد أن يحقق حلمه فلا بد له أن يتعب نفسه في سبيله. فكلامهم هذا قد رسخ في دماغي، فكلما كنت أتكاسل أتذكر ذلك الكلام فأجد نشاطا في جسدي، ثم كنت أستمر في سبيلي.
وقد مرت ثلاث سنوات وفي يوم من الأيام أخذت حاسوبي وراجعت كل ما كتبته خلال هذه الفترة، فوالله ما عندي كلمات أقول لكم بها: كم أعجبتني تلك الكتابة، وما كنت أصدق في البداية أنها هي لي، من رغم أني كاتبها، ولكن في النهاية كان يجب علي تصديقها، لأني كنت أعلم أنها هي لي. ثم تضاعفت رغبتي مرة أخرى وجددت سفري في ذلك الطريق وأصحبت مسافرا وما زلت مسافرا، لأن ذلك السفر ليس مختصرا بل إنه طويل جدا، وقد ينتهي بنهاية الحياة، فعزمت من جديد على أني لا أترك ذلك السفر، ولا أدع ذلك الطريق، بل أسلكه إلى آخر نفس من حياتي إن شاء الله.
فأنصح جميع الإخوة بأنهم لو يحاولون استثمار أوقاتهم بدل قتلهم إياها، ويستفيدون منها حتى يتنور مستقبلهم، فلا يحتاجون فيه إلى أحد، بل يعتمدون على أنفسهم، وهذا لا يمكن سوى تقديم تكثيف جهود، فهيا تعالوا لنجدد عزيمتنا تجاه مستقبلنا حتى ننوره سويا.