هل تعلم معنى كلمة (الدُّلْجَةُ) ؟

      حضرت في الصف قبل الموعد كالعادة، فاشتغلت بمطالعة كتاب "الأيام" لدكتور طه حسين، فلم أدرك أن الوقت يمضي كسرعة فائقة، وأنا مطأطأ رأسي بين صفحات الكتاب، منهمك في مطالعتها، فشعرت حركة غير عادية، حيث إن الساعة ظلت تشير إلى وقت بدء الدوام الصباحي، فبدأ كل واحد من الطلاب يستعد للحضور في صفه، فأحدهم يذهب إلى محلات الوضوء، والثاني يطوي فراشه، ويركنه في زاوية المهجع، والثالث ماش خلف مكتبه، والرابع باحث عن كتبه، وأنا جالس على كرسي في مكاني، منتظر لقدوم طلاب صفي.

      والحركة لم تغفلني عن مقصدي، فما باليت بها، حتى أفقت من مطالعتي حين سمعت صوت المراجعة، فأدركت أن الطلاب قد جاءوا، فلمحت ساعتي اليدوية، فعلمت أن الدقيقة الواحدة بقيت لبدء الدوام الصباحي، فتركت مطالعة ذلك الكتاب، وتوجهت إلى الطلاب حتى أسمع منهم درسهم، وألاحظ كراساتهم، حتى أعلم أنهم كتبوا التمارين والواجبات الكتابية الأخرى أم لا؟

      وفي نفس الوقت كنت أريد أسمع منهم الأحاديث التي يجب عليهم حفظها. فأشرت إلى طالب كان على أهبة الاستعدادـ فجاءني وبدأ يسمعني الأحاديث، وهذه الأثناء سمعت كلمة " الدُّلْجَة" التي وردت في الحديث الشريف، وأنا لم أدر معنى تلك الكلمة، فنويت في ذلك الوقت أنه يجب علي البحث عن هذه الكلمة في القاموس، لكن بعد ما أفرغ من الدراسة، ثم تواصلت في سماع دروس الطلاب، حتى رن الجرس مشعرا بأن الحصة الأولى قد انتهت، فقمت من الصف، وأنا متفكر في معنى تلك الكلمة.

      لما بحثت تلك الكلمة في القاموس، فدهشت حيث إني اطلعت على شيء جديد، والذي لم يمر ببالي ولو بيوم واحد، وهو نفس الكلمة استخدمت في الحديث النبوي ـ عليه الصلاة والسلام ـ والذي يشير إلى فضل السفر ليلا، فكلمة "دلجة" معناها في معجم الوسيط: السير من أول الليل، والمعنى الثاني: سير الليل كله. وفي الحديث: "عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل".

      ولما رأيت هذا الحديث خيل إلي وكأني أسمع ذلك الحديث أول مرة في حياتي، فمباشرة مسكت قلما وكراسة حتى أكتب ذلك الحديث بألفاظه، ثم أحفظه، والحديث يشير إلى أن السفر في الليل ـ إذا أراد أحد ـ أفضل، وها ما أراه في مجتمعنا نحن.

أ.د.خليل أحمد


مجموع المواد : 507
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024