مسرحية ممتعة: تعلم الفراسة والدهاء من أبناء نزار جد النبي صلى الله عليه وسلم

ربيعة: لم أر كاليوم لحمًا أطيب منه، لولا أن شاته غُذيت بلبن كلبة.

مضر: لم أر كاليوم عصيرًا أطيب منه لولا أن حبلتها نبتت على قبر.

إياد: لم أر كاليوم رجلًا أسرى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى له.

أنمار: لم أر كاليوم كلامًا أنفع في حاجتنا من كلامنا.

فراسة أبناء نزار

المقدم: كان نزار بن معد بن عدنان من أجداد النبي ﷺ ومن ذرية إسماعيل عليه السلام، وكان موصوفًا بالذكاء والدهاء، فلما حضره الوفاة جمع بنيه الأربعة مضر – جد النبي ﷺ الأعلى الملقب بقريش – وربيعة وإياد وأنمار، فقسم بينهم ميراثه قسمة عجيبة، وأمرهم بمراجعة الأفعى الجرهمي ملك نجران إذا أشكل عليهم كيف يقتسمون؟ وهذه القصة العجيبة التي سنقصها عليكم تدل على دهاء نزار بن معد الوالد، وفراسة أولاده الأربعة، وذكاء الأفعى الجرهمي.. فهاكم القصة المسرحية.. أصغوا إليها بانتباه.

مضر: أسأل الله أن يشفيك يا أبي، لا بأس طهور إن شاء الله.

نزار: لا بل هي حمى تفور، على شيخ كبير تزيره القبور، جزاكم ربي على بركم بوالدكم، وإني سأرحل عما قليل، فتعالوا يا أبنائي أقسم بينكم ميراثكم، يا مضر، لك هذه القبة الحمراء من أدم، وأما الفرس الأدهم والخباء الأسود فلربيعة. ولك يا إياد هذه الخادم الشمطاء، وهذه الندوة والمجلس لأنمار يجلس فيه.

ربيعة: يا أبت، هذا التقسيم لم أفهمه.

نزار:  فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فأتوا الأفعى الجرهمي، ومنزله بنجران. -ثم يموت نزار-

المشهد الثاني

ربيعة: والله لم أفهم هذا التقسيم، ماذا أفعل بالخباء الأسود.

أنمار: وما تنفعني الندوة والمجلس إن لم يكن لي مال.

مضر: فتعالوا نتحاكم إلى الأفعى الجرهمي.

إياد: هيا بنا.

المشهد الثالث

مضر: إن البعير الذي رعى هذا الكلأ لأعور!.

ربيعة: إنه لأزور!.

إياد: إنه لأبتر!.

أنمار: إنه لشرود!. تعال يا رجل، عن أي شيء تبحث؟

المنشد: أرأيتم ها هنا بعيرًا.

مضر: أهو أعور؟

المنشد: نعم.

ربيعة: أهو أزور؟

المنشد: قد أصبت.

إياد: أهو أبتر؟

المنشد: نعم والله.

أنمار: أهو شرود؟

المنشد: اللهم نعم، وهذه والله صفة بعيري فدلُّوني عليه.

الأربعة: والله ما رأيناه.

المنشد: هذا والله الكذب!. ردوا إلي بعيري.

إياد: ما أخذنا بعيرك يا هذا.

المنشد: كيف أصدِّقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته! والله لا أدعكم حتى أحاكمكم إلى أفعى نجران...

المشهد الثالث

المنشد: يا حكم العرب، افتح بيننا وبين هؤلاء، فلقد أخذوا جملي، ووصفوا لي صفته.. ثم قالوا: لم نره!.

الأفعى: كيف وصفتموه ولم تروه؟

مضر: رأيته رعى جانبًا وترك جانبًا، فعلمت أنه أعور.

ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر، والأخرى فاسدته، فعلمت أنه أزور، لأنه أفسده بشدة وطئه لازوراره.

إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بعره.. ولو كان ذيَّالًا لمصع به.

أنمار: عرفت أنه شرود، لأنه كان يرعى في المكان الملتفِّ نبته، ثم يجوزه إلى مكان أرق منه وأخبث نبتًا؛ فعلمت أنه شرود.

الأفعى: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه!... من أنتم؟

الأربعة: نحن أبناء نزار سيد بطن مكة، وقد توفي والدنا، وأشكل علينا ميراثه، فجئناك لتفصل بيننا بالحق، فإن الوالد أوصانا بذلك.

الأفعى: أتحتاجون إلي وأنتم كما أرى!. [فذبح لهم شاةً، وأتاهم بخمر وجلس لهم الأفعى حيث لا يُرى وهو يسمع كلامهم]

المشهد الرابع

ربيعة: لم أر كاليوم لحمًا أطيب منه، لولا أن شاته غُذيت بلبن كلبة.

مضر: لم أر كاليوم عصيرًا أطيب منه لولا أن حبلتها نبتت على قبر.

إياد: لم أر كاليوم رجلًا أسرى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى له.

أنمار: لم أر كاليوم كلامًا أنفع في حاجتنا من كلامنا.

الأفعى: أف ف ف.. ما هؤلاء إلا شياطين!. تعال يا قهرمان، ما هذه الخمر؟ وما أمرها؟

القهرمان: معذرة يا سيدي فهو من حبلة غرستها على قبر أبيك لم يكن عندنا شرابٌ أطيب من شرابها.

الأفعى: أين الراعي؟

القهرمان: أطلبه لك.

الأفعى: يا راعي الضأن، ما أمر هذه الشاة؟

الراعي: هي شاة صغيرة أرضعتها بلبن كلبة.

الأفعى: لمَ يا تُرى؟

الراعي: لأن أمها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة وُلِدت غيرها. [يدخل الأفعى الستر ويخاطب أمه].

الأفعى: يا أماه! أفأستطيع أن أسألك سؤالًا؟

الأم: قل يا بني.

الأفعى: إن ضيوفي هؤلاء شياطين دهاة، وإنهم ليزعمون أني لست ولدًا للذي أدعى له، فما هذا الخبر؟

الأم: صدقوا، فقد كان أبوك ملكًا كثير المال، وكان لا يولد له، فخفت أن يموت ولا ولد له فيذهب الملك!.

الأفعى: شياطين والله لا يغيب عنهم شيء. [يخرج إلى أولاد نزار الأربعة ويقول:] ما قصتكم؟

إياد: لقد قسم والدي ميراثه بيننا قسمة لا أظن إلا أنها ضيزى، وقال: فإن أشكل عليكم القسمة فأتوا الأفعى الجرهمي.

الأفعى: وكيف قسم ميراثه؟

مضر: قسم لي القبة الحمراء من أدم، ولربيعة الفرس الأدهم والخباء الأسود، ولإياد الخادم الشمطاء، ولأنمار ندوته ومجلسه الذي يجلس فيه!.

الأفعى: لك يا مضر الحمراء، كل ما أشبه القبة الحمراء كالدنانير والإبل الحمر. وأما الخيل الدهم وكل شيء أشبه الخباء الأسود فهو لربيعة الفرس. وكل ما أشبه الخادم الشمطاء من المواشي البُلق والحبلَّق من الأغنام والنَّقَد من الشياه فهو لإياد الشمطاء. ولك يا أنمار الفضل الدراهم وما فضل.

أنمار: الآن حصحص الحق.

الأفعى: يا قهرمان.

قهرمان: لبيك يا مولاي.

الأفعى: ودِّع هؤلاء الشياطين عاجلًا، فسوء الخلق خير من الفضيحة.

شمس الدين الصديقي

مدرس، طالب، تلميذ، معلم
مجموع المواد : 60
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024