محاولة اغتيال أم أنه كان مستهدفا بخطة محكمة
إن سلسلة الحوادث التي تحدث في بلدنا المبارك، والتي كانت بلدا آمنا قبل عدة سنوات، ولم يكن هذا، بل إنها مصدر العلوم الشرعية حيث إنها تشمل آلاف المدارس في طياتها، فمن حيث الاقتصاد منقطع النظير، لكن في الآونة الأخيرة من السنوات الماضية أصيب بعين، أم أن أعداءه يخططون لتدمير مستقبله النيرة، والذي يكون أهم هدف من قبلهم، فحسب خطتهم بدأ تنفيذ عملياتهم، والتي لا يفهمها أمثالنا...
فلو فتحتا صفحات الجرائد اليومية التي كانت تتحدث عن بلدنا قبل ألفين، أعني قبل عشرين سنة، فإننا نجد بلدنا يختلف تماما فيما هو نحن فيه، فإن هذا البلد المبارك قبل عشرين عاما كان بلدا مثاليا في الأمن والاقتصاد وفي ترويج العلوم الشرعية وإنشاء المدارس الدينية وإشاعة الدين، حتى سكانها يعيشون في حالة الأمن دون ذعر، لكن أمورها انقلبت على رأسها، فنفس البلد بدأ سكانها يخافون على أنفسهم وعلى أموالهم وأولادهم، ومن جميع الأطراف تحدث انفجارات، وشاع قتل الأبرياء في الأماكن المقدسة، وذلك لأن الظالمين ليس لهم مذهب ولا دين، فلا يرون مسجدا ولا مدرسة ولا طفلا ولا بريا، بل هدفهم هو قتل الإنسان، أي من كان...
فتحمل بلدنا المبارك الضرر من كل جانب، ثم تدخل الجيش الباكستاني الذي يعتبره الشعب إنه هو رأس مالنا وإنه هو نجم بلدنا، والذي لا يبالي حياته، بل يخاطرها لإحياء الأمن ولمنح الشعب حياة سعيدة، فهم أيضا أمثالنا حيث إن لهم أولادا مثل أولادنا، ولهم الآباء مثل آبائنا، فهم ينضمون إلى أسرة كما أننا نحن منضمون إلى الأسرة، إلا أنهم وقفوا حياتهم في سبيل حفاظ البلد من مكر أعدائها، فلا يتفكرون ما ذا يحدث لو قدموا حياتهم لأجل البلد...
وبما أنهم مسلمون، فحياتهم سعيدة، إن ماتوا لأجل البلد، فهم يعتبرون شهداء، وإن عادوا إلى بيوتهم فهم غزاة، فلا تلمسهم خسارة ولا ضرر، بل هو الفائزون والناجحون في دنياهم، وفي آخرتهم...
وفي السنوات الأخيرة بدأ البلد يعود كما كان قبل عشرين عاما بسبب تضحية الجيش الباكستاني، فشاع الأمن في البلد كله، وبدأت الأطفال يخرجون من بيوتهم صباحا، ويعودون إليها مساء، سالمين، فلا نجد أي خوف ولا ذعر على وجوه الأطفال ولا على وجوه آبائهم وأمهاتهم، والتجار يتجرون بلا خوف، والمارون والماشيون يمشون على الطرق وجيوبهم مملوءة من الأشياء القيمة، لكن لم يتجرأ أحد بالنهب، فتذكرنا حينئذ نعمة السلامة والعافية والأمن...
ومنذ عدة أشهر لا أدري ماذا حدث ببلدنا؟ هل أصيب مرة أخرى بعين، أم أن الأعداء الذين جعلهم الجيش الباكستاني خبر كان، جمعوا قوتهم من جديد، فبدأت سلسلة الحوادث من جديد، حيث إن الأعداء ظلوا يقتلون الناس الأبرياء من جديد دون أي ذنب، فالحادثة التي حدثت يوم الجمعة قبل الجمعة بتاريخ 20 مارس 2019م في مدينة كراتشي، لن تنسى، ولقد كتبت كل جريدة تفاصيل تلك الحادثة، ونشرها على صفحاتها، حتى عرف كل واحد من الصغار إلى الكبار، وكان رد فعلهم تجاء أعداء البلد حيث إنهم وصفوهم بالظالمين، ولعلك أيضا سمعت عن تلك الحادثة...
إنها محاولة اغتيال أحد العلماء والذي أعتبره بمنزلة الأمة الكاملة، وهو أستاذي حيث إنني درست عليه البخاري الأول والثاني، فما إن سمعت خبر تلك الحادثة بدأت أتتبع أخبارها حتى تأكد لي أن أستاذنا بخير وعافية ولقد نجا من تلك المحاولة التي لو أقول: إنها أكبر محاولة اغتيال في حياتي فلست مبالغا فيه، أما تفاصيلها فهي مذكورة في الجرائد غير أنني أذكرها مختصرة ههنا...
كان أستاذنا ذاهبا إلى مسجد بيت المكرم لأداء صلاة الجمعة، وكان برفقة زوجته، فجاء مسلحون النار على دراجتين، وأطلقوا الرصاصات على سيارة الشيخ الأستاذ المفتي محمد تقي العثماني ـ حفظه الله ورعاه ـ فأصاب الرصاصات سائقه ودرعه البشري، علما إلى أن هجومهم لم مرة واحدة، بل كان مرتين، حيث إنهم أطلقوا الرصاصات على سيارة الشيخ المفتي محمد تقي عثماني حفظه الله ورعاه ـ وتقدموا، ثم عادوا من جديد بهجوم جديد وأقوى من الجهوم الأول، لكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قادر على كل شيء، وهو الذي بيده الحياة والموت، فلم يلمس أستاذنا ش أي ضرر، فنجا من محاولة اغتيال بأعجوبة وبفضل من الله ومنه، وذلك لأن أسباب النجاة لم تكن حينئذ، فحسب ما سمعت ما قال أستاذنا: إنه كان يتلو القرآن الكريم في سيارته، فقال: لما أكملت سورة الإسراء وبدأت سورة الكهف، فسمعت صوت الرصاصات، ففي البداية لم أفهم ماذا يحدث؟ لكني أدركت الأمر بأن هنالك محاولة اغتيالي، فخضت رأسي، وكنت على يقين أنه لا يصيبني شيء، وبحمد الله ومنه لم يصبه شيء.
وبما أن سائقه قد أصاب أحد يديه رصاص فشل، فقال له أستاذنا: دع السيارة لي، أنا أسوقها، فأنت مصاب، والدم يسيل من يدك، فأنا أسوق السيارة، لكنه منع أستاذنا منعا باتا، قائلا: من فضلك يا شيخ، لا تفعل، فإن الأعداء ربما يأتون من جديد للتأكد من هدفهم، وهو أنت، ولا ترفع رأسك أيضا، فبدأ السائق يسوق السيارة بمهارة وبكل جرأة رغم من أنه كان متألما ومصابا والدم يسيل من إحدى يديه، وأوصل سيارة الشيخ إلى مستشفى لياقت، والتي لم تكن قريبة من مكان الحادثة، بل كانت بعيدة، لكن السائق قد أبدى مهارته في السياقة، والذي يكون مخلصا مع أستاذنا، فما إن وصلت السيارة إلى إحاطة المستشفى فنزل الأستاذ وأنزل السائق ونقل مباشرة إلى المستشفى، للعلاج...