دعوة للتغيير: رؤية مفتي باكستان العلامة تقي عثماني للخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية
في خضم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بباكستان، يبرز صوت العالم الإسلامي البارز، المفتي محمد تقي عثماني، داعياً إلى تغيير جذري في النهج المتبع لمعالجة مشكلات البلاد. في خطاب ألقاه مؤخراً في كراتشي، سلط معالي الشيخ حفظه الله الضوء على عدة قضايا محورية تواجه المجتمع الباكستاني، مقدماً رؤية نقدية للوضع الراهن ومقترحاً حلولاً جريئة.
يرى الشيخ أن جذور المشكلة تكمن في التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب، وخاصة لمؤسسات مثل صندوق النقد الدولي. وقد وصف هذه العلاقة بالعبودية، مشيراً إلى أن كل مواطن باكستاني، حتى الأطفال، أصبحوا مدينين نتيجة لهذه التبعية. ويرى أن هذا الوضع يجعل من الصعب تطبيق نظام إسلامي حقيقي من خلال الآليات السياسية التقليدية.
ومن النقاط المثيرة للاهتمام في خطابه انتقاده للنموذج الغربي الذي يتم تبنيه في مختلف مجالات الحياة في باكستان. فهو يرى أن هذا التقليد الأعمى قد أدى إلى إهمال الموارد الطبيعية الغنية التي تتمتع بها البلاد، مستشهداً بأمثلة ملموسة مثل عدم تطوير الطرق المؤدية إلى المناطق السياحية الهامة وعدم توسيع شبكة السكك الحديدية منذ العهد الاستعماري.
ويقترح الشيخ العثماني حلاً يعتمد على الشعب والمجتمع التجاري. فهو يرى أن التغيير الحقيقي لا يأتي فقط من خلال الحكومات، بل من خلال حركة شعبية واعية. ويدعو التجار والمواطنين إلى اتخاذ موقف موحد ضد الاعتماد على المنتجات المستوردة، خاصة تلك القادمة من الدول المعادية للمسلمين. ويعتقد أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تحدث تغييراً جذرياً في الاقتصاد وتقلل من التبعية للخارج.
كما يشدد على أهمية دور مراكز الأبحاث في وضع سياسات طويلة الأجل، منتقداً الانشغال المستمر بقضايا قصيرة المدى مثل التزوير في الانتخابات. ويرى أن هذا التركيز على القضايا قصيرة المدى يصرف الانتباه عن المشاكل الأساسية التي تواجه البلاد.
في الختام، يدعو المفتي تقي عثماني حفظه الله إلى وحدة المجتمع بكافة طبقاته للعمل معاً على إيجاد طريق للخروج من حالة "العبودية" الاقتصادية والسياسية. وهو يؤمن بأن قوة الشعب، إذا ما توحدت وتحركت بشكل منظم، يمكنها أن تجبر الحكومة على الاستجابة لمطالب التغيير.
إن رؤية المفتي عثماني تمثل دعوة للتفكير خارج الصندوق في معالجة المشاكل المزمنة التي تواجه باكستان، مؤكداً على ضرورة العودة إلى الجذور والاعتماد على الموارد والقدرات الذاتية للبلاد والشعب.