المفتي محمد تقي العثماني حفظه الله تعالی
شيخ الإسلام العلامة الفقيه المفتي محمد تقي العثماني حفظه الله
في حياة المدرس الدينية تحركت تلك الأمواج الهائجة و بها تحرك مأوی الحوت، و تلك الآلام التي كانت تتألم منها مدارسنا و معاهدنا قد تشفيت و تحسنت، ذلك الطبيب الذي تموج فيه روح الصقر الذي يطير في أجواء السماء و فوق العنقاء و النجوم، و تستضيء منه شموس الأرض و أقمارها و له الجرأة و القوة و الحماسة في تطبيق القوانين الإلهية في أرضه، ذلك الطبيب الألمعي اللوذعي المتضلع المنحك الأديب الأريب الفقيه المحدث الأصولي شيخ الإسلام العلامة الفقيه المفتي محمد تقي العثماني حفظه الله تعالی.
قيّضه الله تعالی لتجديد الفقه الإسلامي و معالجة الآلام و الأسقام التي تعانيها الأمة المسلمة، الدكتور محمد تقي العثماني هو أكبر حجة قاطعة علی حقيقة المدارس الدينية السائدة في شبه القارة الهندية و أفغانستان و إيران و إفريقيا، الدكتور محمد تقي العثماني هو مفخر الأمة المسلمة، و تباهي به و تفتخر به المدارس الدينية، فتحَ أبواب العلوم المغلقة، و طالع التاريخ و الفقه و الحديث و الأصول، و تضلع و تبحر في العلوم الشرعية، جعل الله تعالی المطالعة و الكتابة له ألذّ و أحلی و أسمی من جميع ملذات الدنيا، شيخنا حفظه الله تعالی حينما كان عمره 16، يطالع عمدة القاري و فتح الباري و فيض الباري و فتح الملهم للعلامة شبير أحمد العثماني رحمه الله تعالی و بذل المعبود شرح أبي داوود و الكوكب الدري شرح الترمذي.
نعم شيخنا منذ نعومة أظفاره يغتنم كافة لحظات حياته، نِعم ما قاله الشاعر: إذا كانت النفوس كبارا تعبت الأجسام في مُرادها، شيخنا ترعرع في بيئة شريفة علمية لدی والده العظيم المفتي محمد شفيع العثماني رحمه الله تعالی، و تتلمذ علی فقيه الزمان المجاهد البطل المفتي رشيد أحمد اللدهيانوي و إمام المحدثين شيخ الحديث مولانا سليم الله خان رحمهم الله تعالی، و ارتوی من ينابيع علومهم و مناهل فيوضاتهم، من مميزات شيخنا قوة مطالعته و المواظبة علی أوقاته و كثرة مطالعته، كما يقال: لايُستطاع العلم براحة الجسم.
شيخنا حفظه الله تعالی يسهر الليالي و يغذي قلبه و فكره بحصيلة مطالعته و يقتطف الدرر و اللآلي من أبحار السلف الصالح، الذي لايكل و لايمل و لايتعب من البحث و الفحص و المطالعة و التدريس صار إماما و قدوة لعلماء الإسلام.
نِعم ما قاله العلامة الزمخشري:
سَهري لتنقيح العلوم ألذّ لي/ من وصل غانية و طِيب عِناق/
و تمايلي طربا لحل عويصة/ أشهی و أحلی من مدامة ساق/
و صرير أقلامي علی أوراقها/ أحلی من الدوكاء و العشاق/
و ألذ من نقر الفتاة لدَفِّها/نقري لألقي الرمل من أوراقي.
لذة الأفكار خير من لذة الأبكار و لايحصل العلی بالمنی، بقدر الكد تكتسب المعالي فمن طلب العلی سهر الليالي.
شيخنا يطير في سماء العلوم و يستضيء منه العلماء و الدعاة و المفكرون، مؤلفاته و كتاباته تدل علی إمامته في الفقه و الحديث و العلوم العصرية، عجزت الأيام أن تلد مثله، و بعدما عقمت المدارس أن تلد مثله و تنجب فارسا مثله أنجبته جامعة دارالعلوم كراتشي، و شيخنا يتلألأ كالشموس في السماء، بل كثير من العلماء عجزوا عن فهم كتاباته و مؤلفاته، شيخنا في قمة العلم و الحلم و التواضع و الورع و الخشوع و الدماثة و حسن الخلق، هو أكبر رحالة عالمي في العصر الراهن، يجول و يصول في العالم و يضمد جراحات المسلمين و يداويها و بمثابة الممثل الإسلامي يحضر المؤتمرات و الندوات العالمية في أرجاء المعمورة.
شيخنا معروف بشدة مواظبته علی أوقاته، لاتتضيع ثانية من حياته، يغتنم جميع ثواني حياته، يحافظ علی نظام أوقاته، مع أن نشاهد كثير من العلماء يضيعون أوقاتهم في الأمور التافهة الضئيلة بلا جدوی، و من مميزات شيخنا الإعتدال و الوسطية في جميع أعماله و في اصدار الفتوی، لم يُشاهد عالِم معتدل مثله.
العلماء كلهم أجمعوا علی علو شخصيته الربانية العلمية العالمية اللوذعية و نبوغه العلمي و العرفاني، كأنه أخذ من القرون الأولی و وُضع في القرن العشرين لتجديد الفقه الإسلامي و الفكر الإسلامي و تهذيب نفوس العلماء و الطلاب، منذ عقود متوالية يسعی شيخنا لتنفيذ القوانين الإلهية في باكستان، و أفنی حياته لخدمة شرع الله تعالی و تطبيقه في كافة أطوار الحياة.
شيخنا حفظه الله تعالی هو نائب رئيس جامعة دارالعلوم كراتشي و نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي بجدة السعودية قاضي القضاة لمحكمات باكستان و المفتي الأعظم في باكستان.
نرجو الله تعالی أن يحفظ شيخنا الإمام الجليل المحدث الكبير الشيخ المفتي محمد تقي العثماني حفظه الله تعالی من كل سوء و مكروه و يحميه بقوته.