أحداث هذا اليوم بقلمي.
استلقيت على فراشي ليلا ودماغي يحمل أفكارا حول الأمور التي يجب علي إنجازها غدا. ولأن الغد هو يوم الجمعة وعادة هذا اليوم يكون يوم إجازة رسمية في المدارس الدينية غير المدارس العصرية. فطلاب المدارس الدينية يقضون حاجاتهم في هذا اليوم، فيكملون نومهم، ويغسلون ثيابهم، ويأخذون شواربهم، ويكتبون تمارينهم التي بقيت على ذمتهم، ولم تكتب بعد. ولكنني لا أستطيع التمتع بإجازة هذا اليوم من رغم أني أيضا طالب من طلبة المدارس الدينية، وذلك لأنه علي الذهاب إلى الجامعة غدا. فمثل هذه الأفكار كانت تتضارب في دماغي، وأنا مستلق على السرير، فلست أدري متى غفوت في النوم.
لما انفتحت عيني كنت أسمع صوت أذان الفجر، فتركت فراشي وتوجهت إلى محلات الوضوء حتى أستعد لصلاة الفجر، ثم أديتها في وقتها، وتلوت القرآن الكريم وأكملت التسبيحات التي يجب علي كل يوم إكمالها، ثم جهزت نفسي لأذهب إلى الجامعة. فخرجت مبكرا حتى لا أواجه زحمة المرور في الطريق، ولكن توقعاتي كانت خلاف اعتقادي، حيث إن خروجي باكرا ما نجاني من مواجهة زحمة المرور. فكل طريق من الطرق التي تؤدي إلى الجامعة مزدحمة، فكانت سيارتي تسير مثل النملة، حتى استغرقت ساعة واحدة في الوصول إلى الجامعة. ثم فتحت الفصل والمكتب وجلست في مكاني واشتغلت في أعمالي حتى جاء أستاذي ثم جاء أستاذان آخران، فجلسوا قليلا عندي، ثم بدأ الجميع يشتغلون في أعمالهم.
وبما أنني أدرس الطلاب في الأسبوع يومين مادة اللغة العربية فحضر اليوم أربعة طلاب من أقسام مختلفة، والعربية اختاروها كمادة اختيارية. فذهبت إلى الصف وتعرفت عليهم جميعا فعلمت أخيرا كلهم كانوا طلاب مدارس دينية مختلفة. فاثنان كانا من جامعة العلوم الإسلامية علامة بنوري تاؤن، وطالبان من جامعة الصفة، فسألتهم كم نسبة تعلمون اللغة العربية نطقا؟ ففي البداية كانوا يقولون: لا نعمل شيئا من العربية، ولكن في النهاية تكلموا وأخبروني عن نسبة مئوية مما يعلمون من اللغة العربية نطقا. فأحدهم قال: عشرون في المائة أقدر على النطق باللغة العربية. والثاني قال: أربعون في المائة أنا قادر عليه. والثالث قال: أنا فقط عشرة في المائة قادر على النطق باللغة العربية. أما الرابع فما كان يخبرني ثم قال لي: صفر في المائة أعلم النطق باللغة العربية.
فما إن سمعت أحوالهم بدأت في البداية ترغيبهم بتعلم اللغة العربية نطقا وكتابة، وكان ترغيبي باللغة العربية وتعجبت أيضا من حركاتهم وتصرفاتهم أيضا حيث إنهم في البداية كانوا يقولون: إننا لا نعلم اللغة العربية كثيرا، ولكن عند ما كنت أرغبهم باللغة العربية فكانوا يحركون رؤوسهم. فهذا يعني أنهم يفهمون العربية تماما إلا بضع كلمات، ولكنهم ليسوا قادرين على النطق بها. فعلمتهم طريقة تعلم اللغة العربية. وقلت لهم: إن هذه الطريقة التي أخبرتكم إياها هي طريقة مجربة وناجحة، فإن مسكتم بها سوف ترون نتائجها القيمة. فالجميع قالوا بصوت واحد: إن شاء الله، يا أستاذ، نحاول العمل بطريقة أخبرتني إياها في تعلم اللغة العربية.
والحصة استمرت أكثر من نصف ساعة، وأعطيتهم بعض العبارات التي يحتاجونها في كلامهم اليومي، ثم خرجت من الصف متوجها إلى مكاني وجلست حتى وصل الشاي فشربته مع الأساتذة الكرام وتحدثت معهم في موضوعات مختلفة حتى انتهى دوامنا فذهبت إلى السيارة وشغلتها ثم عدت إلى المدرسة. وفي الطريق تفكرت أنني أقيد أحداث اليوم بقلمي حتى تكون من ذكرياتي ولكنني ما استطعت في نفس الوقت، ولكن الآن وجدت فرصة قليلة فكتبت بضع كلمات في أحداث يوم الجمعة. وأتمنى أن تنال إعجابكم جميعا.