العظيم من تمكن من الاحتفاظ بطفولته
وقع بصري مؤخرا على غلاف دفتر مكتوب عليه " العظيم من تمكن من الاحتفاظ بطفولته " .. عظيم و عجيب بالنسبة لي!!
فإني سمعت الناس كثيرا ما، يعيبون الرجل الذي يرون فيه بعض سلوكيات الطفولة ، و يرمونه بأنه لم يتنصل من عادات الصبا بعد ، كأن الصبا جريمة كبيرة ، و الطفولة نوع من السفاهة أو الجنون.. أو أن الطفولة في نظرهم شيء مشين ، على الإنسان أن يتجنبه كما يتجنب المنكرات ، و عهد الطفولة كان عارا في حياتهم يجب أن يمحي كل أثر من آثاره!!
و أنا بدوري واجهت كثيرا من هؤلاء الناس الذين يريدون سلب الأطفال لُيونتَهم في الأخلاق اللطيفة، ونعومتَهم في الحياة الساذجة، و لأجل ذلك كتبت كلمات تنم عن نوع من المبالغة ؛ و لكن بعض الكتاب و المثقفين أعاد إلي ثقتي بنفسي و ثقتي بنزاهة الطفولة و عواطفها الطيبة النبيلة ؛ فله مني و من الأطفال جزيل الشكر.
و أنا الآن أود أن أبقى طفلا و أعيش طفلا، و لكن ما أصعب أن تبقى طفلا !! فإن الحياة بخيلها و رجلها تهجم على الطفولة فتبيدها أشد الإبادة و أعنفها..
يا ليتها كانت الحياة امتدادا للطفولة و أزهارها العبقة فحسب ، و لم نعرف فيها أو لم نجرب فيها ما أفقدنا الكثير من القيم الإنسانية الرفيعة!!
ما الطفولة إلا مجموعة من العواطف النزيهة البريئة و السلوكيات الساذجة و الأعمال البسيطة.. فلا حقد و لا ضغينة و لا عجب و لا نفاق و لا كبر عند الأطفال ؛ بل لا يعرفون هذه المساوئ التي هي أساس الفساد في البر و البحر. و القضاء على الطفولة قضاء على كثير من الأخلاق الرفيعة..
و أفضل المعلمين من نجح في الاحتفاظ بطفولته ؛ فإنه هو الذي يتمكن من معرفة ما للأطفال من الميول و النزعات ، و ما للطفولة من مكانة عظيمة في حياة الإنسان... و هو العظيم الذي يبني الأجيال و يأتي بجلائل الأعمال في الحياة !!