الجاحظ: أول عالم عربي جمع بين الجد والهزل
ولد أبو عثمان بن عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الليثي الكناني البصري، بالبصرة، ونشأ بها [1] فهو أديب عربي مسلم من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي. وهو أول عالم عربي جمع بين الجد والهزل، وتوسع في المحاضرات وأكثر من التصنيف وكتب في الحيوان والنبات والأخلاق والاجتماع.
كانت ولادة الجاحظ في خلافة المهدي ثالث الخلفاء العباسيين سنة 150 هـ وقيل 159 هـ وقيل 163 هـ، وتوفي في خلافة المهتدي بالله سنة 255 هجرية، فعاصر بذلك 12 خليفة عباسياً هم: المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله، وعاش القرن الذي كانت فيه الثقافة العربية في ذروة ازدهارها. [2]
طلب العلم في سن مبكّرة، فقرأ القرآن ومبادئ اللغة على شيوخ بلده، ولكن اليُتم والفقر حالا دون تفرغه لطلب العلم، فصار يبيع السمك والخبز في النهار، ويكتري دكاكين الورّاقين في الليل فكان يقرأ منها ما يستطيع قراءته.
فهذا الميل والرغبة لقراءة الكتب ومطالعتها لا زمه طيلة حياته، فما كان يكتفي بقراءة كتاب أو كتابين في يوم واحد، بل أحيانا يبيت في الدكاكين ليكمل البحث والنظر.
ومن عادته أنه كان يستوفي قراءة ما بدأ به مهما كان السبب، والحقيقة أنه يشبه بآلة تصوير!! فكل ما يقرأه يرتسم بذهنه، وتحفظه ذاكرته طويلا.
كان دميم الخلقة جهم الوجه جاحظ العيين، ولذ لقب بلقب الجاحظ، حتي قيل: إن الخليفة المتوكل سمع بمنزلته من العلم والفهم فطلبه ليؤدب ولده، فلما رآه استبشع منظره فصرفه بعشرة آلاف درهم. [3]
من أعظم مؤلفاته:
- كتاب (البيان والتبيين):[4]: فإنه يعالج موضوعات أدبية من خطب، ورسائل، وأحاديث وأشعار...، ولقد حاول الجاحظ فيه وضع أسس علم البيان وفلسفة اللغة، وقد توزع على ثلاثة أجزاء.
- كتاب البخلاء: إنه كتاب أدب وعلم وفكاهة، وهو من أنفس الكتب، ولقد وصف فيه الجاحظ الحياة الاجتماعية للدولة العباسية، بما فيها من أسرار الأسر، ودخائل المنازل، وسيسمع القاري من خلاله حديث القوم في شؤونهم الخاصة والعامة، والكشف عن الكثير من عاداتهم وصفاتهم وأحوالهم، وفيه قصصٌ فيها مواقف هزْلية تربوية نفسية لهذا الصِّنف من الناس.
- كتاب الحيوان: هو أضخم كتاب من كتبه على الإطلاق! يتحدث عن العرب والأَعراب وأحوالهم وعاداتهم وعلومهم وبعض مسائل الفقه والدين.
وهو بحث في طبائع الحيوان وغرائزه وأمراضه وتأثير البيئة فيه وفي الإنسان، ففيه كثير من المسائل الجغرافية في خصائص كثير من البلدان.
ويتحدّث كتّاب السير عن نهايته فإنها كانت عام 868م الموافق لسنة 255 هـ لكنها غريبة بعض الشيء! فبعد أن أقعدته الشيخوخة وأصيب بالشلل كان جالسا في مكتبته ليطالع أحد الكتب، فأراد أن يأخذ كتابا من رف المكتبة فسقطت عليه الكتاب فأردته قتيلا.
هكذا عاش من أجل الكتب ودفن بينها، وفقدت الأمة الإسلامية أحد الأدباء، لكنه ترك لنا جميعا ما يؤنسنا ويُعقِّلُنا ويفيدنا...
[1] - انظر تاريخ الأدب العربي لحسن الزيات، -دار المعرفة بيروت لبنان- ص 166.
[2] - انظر الرابط التالي لمزيد من المعلومات عنه: (https://goo.gl/L569YC).
[3] - انظر: تاريخ الأدب العربي لأحمد حسن الزيات.
[4] - البيان يعني الدلالة على المعنى – التبيين هو الإيضاح.