قصتي مع عالم الإنترنت
عرفت الجريدةَ العربية الدولية المعروفة : الشرق الأوسط حين كنت متعلما في قسم الأدب العربي في دارالعلوم ديوبند عام ألفين و خمسة (٢٠٠٥) .
فقد أتى طالب ( لعله كان من أقارب بعض الأساتذة فيما أظن و أتذكر ) بنسخة عكسية من نبأ نشر فيها آنذاك و كان مكتوبا على ناصية الورقة *الشرق الأوسط* .
وقال الطالب متفاخرا و متبجحا : هذه جريدة عربية تصدر عن لندن ، و أنه يمكن قراءتها عبر الإنترنت !! و ملكتني الحيرة و الاستغراب حين رأيت أن النبأ مؤرخ بتاريخ يومنا ذاك . و حدثتني نفسي أن الإنترنت عالم عجيب و لعله يشبه عالم العمالقة ( القصص العربية المعروفة و لعل أصلها ألف ليلة و ليلة ) كيف يمكن أن ترد إلينا جريدة تصدر عن لندن و في نفس الصباح الذي صدر فيه هناك !!!
كان علمي بالإنترنت و عجائبه ضئيلا جدا.... فلما دخلت هذا العالم و من دون دليل يدلني على طريق قويم في خضم المتاهات و وقفت على طريقة البحث في هذا العالم الأسطوري ؛ قمت بالبحث عن جريدة "الشرق الأوسط" ! و كان مستوى النت جد متدن و سرعته فوق ما يوصف بالبطيئ ! فإذا أنا —بعد دقيقتين أو ثلاث — برابط الجريدة : الشرق الأوسط ! فمرَّرْت السهم و أو صلته على الرابط ( فإنه كان الهاتف غير مدعوم بشاشة اللمس ) و قمت بالضغط و أنتظر —إن قلت : على أحر من الجمر ما وصفت حدة و شدة انتظاري !!
و بعد انتظار طال ضعف الانتظار الأول ؛ أقرأ عناوين جريدة العرب الدولية "الشرق الأوسط" . ولا أتذكر نبأً من أنباء ذلك اليوم إلا أنني كنت في عالم آخر غير الذي كنت أعيشه منذ أمد بعيد ... فقد كنت أسمع بالإنترنت و عجائبه و غرائبه منذ زمن غير قصير و كنت أتفكر أن هذا الشيء لن يصل إلى بلادنا و إلى مناطقنا النائية إلا بعد أن نقضي نحبنا أو بعد أن تجاوزنا الستين أو السبعين .... ( لا تضحكوا أيها الأصدقاء) واليوم (ذاك اليوم) كنت في هذا العالم العفريتي ! نعم العفريتي فقد كنت وصلت في بضع دقائق إلى العاصمة البريطانية : لندن كالعفريت الذي قال أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك...
أو لا نصل اليوم في مثل لمحة البصر إلى لندن و أمريكا؟؟!!
نتحادث فيما بيننا و بعضنا في آسيا و الآخر في أوربا .
لو سمع بمثل هذه المحادثة العجيبة رجل ممن عاشوا قبل ثلاثة أو أربعة قرون لوصفها —بالتأكيد— بالعفريتية .
على كل حال هكذا كانت أحاسيسي في بداية عهدي بالإنترنت وهو الآن لا يزال يتقدم في كل لحظة نعيشها و يفتح لنا آفاقا جديدة من العلم و المعرفة و كل خطوة من خطواته تزيدنا حيرةً و استغرابا .
ولهذا العالم —مثل عالمنا و كل عالم موجود— إيجابيات و سلبيات يعرفها كل من توغل في هذا العالم إلى مناطق بعيدة .
و زادتني هذه الجريدة سرورا حين (قبل ثلاثة أو أربعة أيام) علمت أنها تُصدر نسخة أرديةً . كفى لغتنا الأردية افتخارا أن جريدة عربية دولية كالشرق الأوسط بدأت تصدر إصدارا أرديا. !!