مواعظ مسجد مدني كراتشي (الحلقة 1)

حسب العادة مساء الخميس بعد العصر أخذني أحد أصدقائي إلى مسجد مدني حتى نشارك في الموعظة ونجدد إيماننا، فبعد صلاة المغرب أحد المشائخين بدأ يعظ الناس بالأردية، فخلال سماع الموعظة حاولت تسجيل بعض النقاط المهمة التي تنفع هذه الأمة المسلمة، وهذه السلسة ...

حسب العادة مساء الخميس بعد العصر أخذني أحد أصدقائي إلى مسجد مدني حتى نشارك في الموعظة ونجدد إيماننا، فبعد صلاة المغرب أحد المشائخين بدأ يعظ الناس بالأردية، فخلال سماع الموعظة حاولت تسجيل بعض النقاط المهمة التي تنفع هذه الأمة المسلمة، وهذه السلسة إن شاء الله تستمر بصورة الحلقات،  فها هي الحلقة الأولى من مواعظ مسجد مدني كراتشي (باكستان)  

  • إن العبد يريد النجاح والفوز، فالله سبحانه وتعالى أيضا يريد نجاح العبد وفوزه، لكن مفهوم النجاح وفوزه يختلف عندهما، فالعبد يظن أن النجاح في أمور الدنيا، وعند الله سبحانه وتعالى مفهوم النجاح والفوز ومعياره هو هذا كما جاء في القرآن : (﴿فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز﴾ فنظرا إلى تغير في مفهوم النجاح والفوز تغير مجرى ومسرى عملنا أيضا.
  • لقد وضع الله سبحانه وتعالى النجاح بأكمله في الدين كله، والدين هو مجموع من الإيمان والعبادات والأخلاقيات والمعاشرة والمعاملة، فإن كل واحد من هذه يعد جزء الدين، إذن هذه كلها أجزاء الدين، فكمال الدين موقوف على كمال أجزائه، فإن وقع نقص في جزء من أجزائه فإنه يؤديه في الدين أيضا، أعني نقصان جزء من أجزاء الدين هو نقصان في الدين.
  • أسهل الدين من الأديان هو ديننا الإسلام، فمن السهل أن يكون كل واحد منا سائرا على الدين كله وهو في إدارته وجناحه.
  • إكمال ضرورة من ضرورياتنا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا دين، كما لو أن أحدا يرتدي بدلة جدية مراعيا السنة التي وردت فيها مهتما بالأدعية الواردة فيها، وكذاك أكل الطعام والنوم وغير ذلك هلم جرا.

فالفائدة التي تنالها هي تكمل الضرورة أيضا وتنحل مسألة الآخرة.

  • قد يكون جزاء عمل واحد مختلفا حسب الأماكن، كما أنك لو حافظت على بصرك وأنت في المسجد أيضا تثاب عليه، لكن لو كنت في وسط السوق وأنت تغض بصرك فلك فيه ضعف أجر، لماذا؟ لأن المسجد هو بيت الله سبحانه وتعالى للعبادة، فهناك من السهل أن تلتزم بقانون غض البصر، لكن السوق هي مكان الإهمال والغفلة، فتجد صعوبة في العمل على هذه السنة، والاجتناب عن المعاصي، فلذا زيد أجرك وثوابك.
  • السير على الدين حسب قوة الإيمان، فإذا كان إيمانك قويا فمن السهل أن تسير على الدين، وإن كان إيمانك ضعيفا فمن الصعب السير على الدين كله واتخاذه والامتثال للدين.
  • إذا كان الولد أعمى من ولادته فهو يعيش مع هذا النقصان طوال حياته، لأنه خلق أعمى في مراحل التخليق، فكذلك الدنيا هي اكتمال الصفات الطيبة، فإن كَمُلت فيها فتعيش الحياة الأخروية أيضا بكمالها، أمَّا لو لم تكتمل وبقي النقصان فيها فالحياة الأخروية أيضا تكون مع هذا النقصان، فمن هذه الصفات الصفة الأولى هي تحقيق لا إله إلا الله في قلوبنا وترسيخ اليقين الصحيح فيها وإخراج اليقين الفاسد منها......
  • يجب علينا تحقيق أمر الله سبحانه وتعالى مع ثقة بالله سبحانه وتعالى واليقين بوعده، أما الوعد عليه فهو يفي بوعده، ويمنحنا ما وعدنا على تحقيق ذاك الأمر، ثم انظر كيف ينصرك الله سبحانه وتعالى، أما تتذكر قصة إبراهيم عليه السلام، عندما كان وثيقا بوعده عزوجل، وعبوديته كانت تامة والطاعة والاستجابة لله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى أيضا حوَّل مخاطر محققة إلى أسباب أمن، إنها القدرة الإلهية يعجز الإنسان عن وصفها، فكذاك قصة أم موسى عليه السلام، عند ما أمِرَت أن تضع ابنها موسى عليه السلام في صندوق ثم ترميه في البحر فهذا كان أمرا من أوامر الله سبحانه وتعالى ثم أكمل الله سبحانه وتعالى حتى استقبل موسى عليه السلام عدوه فرعون.
  • عاقبة الذنوب والمعاصي ما هي؟ قد يحرم العبد العاصي بسبب معصيته من حلاوة مناجاة رب العالمين، ولم يُوَفَّق للحسنات أيضا أي يسلب منه التوفيق للقيام بالحسنات، ثم إنها بالفعل نيران إن اشتعلت تحرق كل شيء، ولا يقوى على إطفائها إلا التوبة النصوحة، التي يخلص العبد فيها الرجوح إلى الله سبحانه وتعالى كما قال الإمام ابن القيم: كثير من الجهّال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه وضيّعوا أمره ونهيه، ونسوا أنه شديد العقاب، وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمُعاند" .
  • كيف تكون التوبة ؟ التوبة تكون بهذه الكيفية بأننا نتوب الله سبحانه وتعالى على أخطائنا بشرط أن لا نعود إلى الذنب الذي تبنا عنه، ولا نرتكبه مرة أخرى، أوضح لكم هذه النقطة أكثر توضيح، بأنك لو استقرضتني مليونا ثم أنا أقول لك : عفوت عنك هذا الدَّين أي مليونا، فهل أنت تفرح؟ بلى تقفز لشدة الفرح، لكن لو أقول لك: عفوت عنك هذا الدّين وخذ مليونا آخر هدية لك، فكيف يكون وصف فرحك، أعني لايسعني أن أصف تلك الفرحة التي تشعر بها آنذاك، وكذلك إن أخطأنا في أي عمل من أعمال الدنيا فكيف نطلب العفو؟ طبعا نعتذر مع الوعد بأننا لانكرر نفس الخطأ مرة أخرى،

فكذلك عند ما نتوب إلى الله عزوجل توبة نصوحة بشرط أن لا نعود مرة أخرى إلى نفس الخطأ والذنب والمعصية، فالله سبحانه وتعالى أيضا يقبل توبتنا و يتوب علينا ويغفرلنا أخطائنا مع تغيير السيئات بالحسنات، أي ننال جائزتين: الأولى المغفرة، والثانية تبديل السيئات حسنات، هذا إذا كان توبتنا توبة نصوحة وإلا لو تبنا فقط فنجد جائزة واحدة وهي المغفرة.

  • ثم تَحَدَّثَ عن الحقوق، وقال: هناك أمران: أحدهما عمل الخير، والثاني الحفاظ عليه، أي الحماية على الحسنات، فمن السهل أن تكتسب الحسنات كثيرة، لكن من الصعب أن تحميها وتحافظ عليها، وإليك المثال التالي: أحدهم جاء إلى كراتشي للكسب، فاكتسب كثيرا لكنه أنفق ما كسبه في كراتشي، ورجع إلى البيت صفر الأيدي، ثم أراد شراء قطعة الأرض في مدينته فهل يقوى على شرائها رغم فقرها وإفلاسها، طبعا لايقوى لأنه لم يُبْق فلسا واحدا عنده، فكذاك الذي يعمل بالحسنات في هذه الدنيا لكنه يتلف حقوق الآخرين، فيصبح يوم القيامة مفلسا، كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».

ففي شرح الحديث كتب:

(إن المفلس من أمتي) معناه أن هذا حقيقة المفلس أما من ليس له مال ومن قل ماله فالناس يسمونه مفلسا وليس هو حقيقة المفلس لأن هذا الأمر يزول وينقطع بموته وربما ينقطع بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث فهو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام المقطع فتؤخذ حسناته لغرمائه فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه].

  • فالخروج في سبيل الله أمر عظيم كما جاء في الحديث: "لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها" وله فضائل كثيرة، فعلى كل واحد منا يستعد للخروج في سبيل الله ولإحياء جهد الرسول صلى الله عليه وسلم في العالم كله، ولا ننظر إلى الأسباب، كما أن العريس يقبل الزواج في وقت الزواج فهو يصبح لأجل القبول مسئولا عن تلبية جميع حاجات تلك المرأة التي أضحت زوجة له ومتطلباتها، فكذاكم أيها الإخوة عند ما نقدم أنفسنا لنشر الدين، فالله سبحانه وتعالى يلبي حاجاتنا ، ويوفقنا بالخروج في سبيل الله بتوفيقه وفضله وكرمه.

 

أ.د.خليل أحمد


مجموع المواد : 507
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025