حب اللغة العربية من الإيمان وتعلمها فرض واجب
من منا لا يعرف عظمة القرآن؟ من منا لا يـحب القرآن؟
نحن نقول بكل فخر وبكل غبطة: إن القرآن عظيم! إنه حبيب! إنه خير كلام في الوجود! إنه قرآن مجيد! نحبه بلحمنا ودمنا ـ وقلوبنا! نحن نحى بالقرآن، نحن نتجدد بالقرآن، نحن نفعل كل شيئ بالقرآن. القرآن دستورنا الخالد، وبهذا الدستور حكم الدنيا آبائنا وأجدادنا، حين نتدبر القرآن تشرق لنا الدنيا وتبتسم لنا الآخرة! القرآن حياتنا ومماتنا!
بأي لغة نزل القرآن الكريم؟ باللغة العربية، هذا شرف للغة العربية أكبر، لا يدانيه شرف! قد شرف الله جل وعلا هذه اللغة حيث جعلها لغة القرآن! ولكن يا أعزائي! كيف يكون القرآن حبيبنا ورفيقنا و دستور حياتنا ومشعل دربنا ومنارة عقولنا وجلاء أذهاننا وأفكارنا إن لم نفهم لغة القرآن؟! إن لم ندرك لغة القرآن؟! إن لم نتقن في لغة القرآن؟ مستحيل!
أنظروا إلى الخطباء يوم الجمعة، فبأي لغة يخطب؟ باللغة العربية الفصحى!
أنظروا إلى منارات المساجد في العالم كله، فبأي لغة يردد الأذان كل يوم خمس مرات؟ لا شك بلغة القرآن! بل ملايين المؤمنين والمؤمنات يرددون كل يوم بل كل حين آيات القرآن العربي البليغ، وكذلك يستمعون للقرآن وينصتون عملا بقول الله تبارك وتعالى: وَإِذا قُرِئَ الُقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوْا لَه وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَ. كل هذا يحملنا على ربطنا المستمر الدائم بهذه اللغة العربية الفصحى ـ لغة القرآن!
أنظروا إلى الأوربيين، فتجدوا لهم عناية كبرى بلغاتهم والمحافظة عليها ونشرها بين أبنائهم في داخل أوطانهم وخارجها.
أنظروا إلى اللغة الإنجليزية، كل إنجليزي يفاخر بهذه اللغة ويتحدث بها فصيحة نقية بليغة لا تعتريها ولا تشوبها عامية، بل الدنيا كلها تفاخر بهذه اللغة وتعتز بالتحدث بها! فما بال أمة القرآن؟ لماذا لا يهتمون بهذه اللغة كالأوربيين والإنجليزيين؟
فواجب على محبي القرآن والسنة أن يتعلموا لغة القرآن والسنة ويتفقهوا فيها قراءة وكتابة ومحادثة، كما يجب عليهم أن يعلموا الأبناء والأطفال هذه اللغة الحية المباركة قبل أن يطغى عليها سواها من لغات الأجانب، لأن هذه اللغة لغة قرآننا وجزء ديننا وتاريخنا، في سيادة هذه اللغة سيادة عقيدتنا ومبادئنا، فالنحرص كل الحرص عليها في كل حين وآن مناسب، اقول بكل صراحة: إن الأمة الإسلامية لا شخصية لها بدون لغتها والإتقان فيها.
الآن تعالوا نذكر بعض فضائل هذه اللغة الحية الكريمة القرآنية الأصيلة الحبيبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرَّبَّ رَبٌّ وَاحِدٌ وَالأَبَ أَبٌ وَاحِدٌ ، وَلَيْسَتِ الْعَرَبِيَّةُ بِأَحَدِكُمْ مِنْ أَبٍ وَلا أُمٍّ وَإِنَّمَا هِيَ لِسَانٌ ، فَمَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ عَرَبِيٌّ " .
كتب سيدنا عمر إلى أبي موسى الأشعري: أما بعد: " تفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي ".
قال عمر رضي الله عنه: تعلَّموا العربيّة فإنّها من دينكم .
أيها الأحبة! لا شك في أننا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حياتنا، أفلا نحب إذن لغته الحبيبة؟ التي كان يتكلم بها؟ إنه كان يفتخر بهذه اللغة، قال صلى الله عليه وسلم" أنا أفصح العرب بيد أني من قريش. أنظروا ماذا قال الثعالبي في شأن اللغة العربية وفي شان حب الرسول صلى الله عليه وسلم: قال في كتابه الشهير فقه اللغة وسرُّ العربية : « إنّ مَن أحَبَّ اللهَ أحبَّ رسولهُ، ومن أحبَّ النّبي أحَبَّ العَربَ، ومَن أحبَّ العربَ أحبَّ اللُّغة العربيّةَ التي بها نزلَ أفضلَ الكُتبِ على أفضلَ العجمِ والعربِ، ومَن أحبَّ العربيّةَ عُنيَ بها وثابرَ عليها، وصرفَ هِمَّتهُ إليها».
قال شيخُ الإسلام ابن تيميّة: « إنّ اللغةَ العربيّةَ من الدِّين، ومعرفتُها فرضٌ وواجبٌ، فإنَّ فهم الكِتابِ والسُّنةِ فرضٌ، ولا يُفْهمُ إلاّ باللغةِ العربيةِ، وما لا يتُّمُ الواجبُ إلاّ بهِ فهو واجبٌ »
فأدعو إخواني الطلاب الأعزة إلى دراسة اللغة العربية والحب لها و إلى الإتقان فيها تماما وكمالا (قراءة وكتابة ومكالمة).
اللهم ارزقنا حلاوة اللغة العربية وآدابها وفقهنا في القرآن والسنة من خلال تذوق هذه اللغة الحبيبة!