الألعاب والمباريات و واجب المسلمين
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا ومولانا محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
واعلموا عباد الله، أن الله خلق هذا الكون وخلق ما فيه لعباده، وخلق عباده ليوحدوا ربهم ويخلصوا العبادة له. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) البقرة: 21 – 22 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ الذاريات: 56 وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ البينة: 5
عباد الله، إننا آمنا بالله، وصدَّقنا رسوله الذي بعثه إلينا، ورضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ونبيا، إنه صلى الله عليه وسلم قد بين لنا طريق حياتنا، وأوضح لنا دروب معيشتنا، إنه قد تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها سواء، إنه لم يترك لنا مجالا، ولم يدع لنا ناحية من نواحي حياتنا إلا وقد زودنا بإرشاداته القيمة وتوجيهاته النيرة.
عباد الله، إننا نرى اليوم أناسا نسوا مقصد حياتهم الذي خلقوا لأجله، وافتتنوا بالألعاب والأفلام والفضائح، يقضون حياتهم في التفكير بها ويُمضون ليلهم ونهارهم في مشاهدتها، إنهم نسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل لهو يكره إلا ملاعبة الرجل امرأته، ومشيه بين الهدفين، وتعليمه فرسه"، وتركوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربعة، ملاعبة الرجل أهله، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين، وتعلم الرجل السباحة".
عباد الله، إن من مؤامرات القوى الطاغية، ومن مكايد الدول الطاغوتية أن لا يخلص هذا الشعب إلى مهامِّه من الحياة، إن هذا الشعب الذي أصبح عرضة للهجمات المغرضة من قبل أعداء الإسلام الأجانب ومن قبل عملائهم الوطنيين، إن هذا الشعب الذي يباد بالحملات الانتحارية، وتنتهك حرمته في عقر داره، إن هذا الشعب الذي يبذل ثمن حريته وإبائه والتمسك بدينه بحمل جثامين الشهداء في الهجوم الإرهابي الأكبر الأمريكي كل يوم: هل يحق لمثل هذا الشعب أن يلتفت إلى هذه الألعاب الفاضحة؟!
وهل يستحق هذا الشعب إظهار الفرح والسرور على الفوز في هذا الميدان؟!!
اللهم! لا لا لا!!!! إن الفطرة السليمة والعقل السليم والجبلة الأبية تأبى ذلك كل الإباء، ولا تقبل الدنية في الدين أبدا.
عباد الله، ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر:٦].
عباد الله، لا يطلع علينا يوم إلا وهو يسفر عن عشرات الضحايا الأبرياء من الناس البؤساء المساكين بهذه المدينة مدينة كراتشي، وبمناطق أخرى من هذه البلاد، إن هؤلاء الموتى ليس أحد منهم إلا وهو قرة عين لأبويه، وعمدة لأهله وأولاده وأسرته، ولكن يعبث بحياتهم الشياطين من أبناء جلدتهم، فييتمون الأطفال، ويرملون العوائل والأسر ويستلبون من يتكسب لهم يوميا، فيستحقون غضب الجبار ... فهل لمثل هذا الشعب المنكوب أن يتوجه إلى الألعاب والأفراح؟!! عباد الله، إن الله عز وجل يقول: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: 4-7] ، فكم من شيخ وشاب وكم من أم وبنت افتتنوا بهذا اللعب، ولَهَوْا عن الصلوات، فأضاعوها، ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾ [مريم:59] .
عباد الله، إن من كيد أعداء الإسلام ومؤامراتهم الخفية هو شغل المسلمين بالألعاب، وإشغال شباب المسلمين بالفضائح، وتدمير قواهم وإبادة نسلهم عقليا وروحيا ومعنويا. فهل من صاح يصحو له؟ وهل من متنبه يتنبه له؟ وهل من قلب واع؟ وهل من أذن صاغية؟ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
عباد الله، توبوا إلى الله! واصحوا عما أنتم عليه من الغشي والغباء، وتداركوا ما يلعب بكم أهل الباطل والأهواء، واستعدوا لمكافحة الأعداء، وانهضوا للدفاع عن الملة البيضاء. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7] قال تعالى: ﴿حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس:103] قال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم: 47] قال تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139] قال تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 35] قال تعالى: ﴿مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110] قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ [البقرة: 143]
بارك الله لنا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا وإياكم بالآي والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.