مَرَّت عَلى الخُفاشِ
مَرَّت عَلى الخُفاشِ / مَليكَةُ الفَراشِ
تَطيرُ بِالجُموعِ / سَعياً إِلى الشُموعِ
فَعَطَفَت وَمالَت / وَاِستَضحَكَت فَقالَت
أَزرَيتَ بِالغَرامِ / يا عاشِقَ الظلامِ
صِف لي الصَديقَ الأَسوَدا / الخامِلَ المُجَرَّدا
قالَ سَأَلتِ فيهِ / أَصدَقَ واصِفيهِ
هُوَ الصَديقُ الوافي / الكامِلُ الأَوصافِ
جِوارُهُ أَمانُ / وَسِرُّهُ كِتمانُ
وَطَرفُهُ كَليلُ / إِذا هَفا الخَليلُ
يَحنو عَلى العُشّاقِ / يَسمَعُ لِلمُشتاقِ
وَجُملَةُ المَقالِ / هُوَ الحَبيبُ الغالي
فَقالَتِ الحَمقاءُ / وَقَولُها اِستِهزاءُ
أَينَ أَبو المِسكِ الخَصي / ذو الثَمَنِ المُستَرخَصِ
مِن صاحِبي الأَميرِ / الظاهِرِ المُنيرِ
إِن عُدَّ فيمَن أَعرِفُ / أَسمو بِهِ وَأَشرُفُ
وَإِن سُئِلتُ عَنهُ / وَعَن مَكاني مِنهُ
أُفاخِرُ الأَترابا / وَأَنثَني إِعجابا
فَقالَ يا مَليكَه / وَرَبَّةَ الأَريكَه
إِنَّ مِنَ الغُرورِ / مَلامَةَ المَغرورِ
فَأَعطِني قَفاك / وَاِمضي إِلى الهَلاك
فَتَرَكَتهُ ساخِرَه / وَذَهَبَت مُفاخِرَه
وَبَعدَ ساعَةٍ مَضَت / مِنَ الزَمانِ فَاِنقَضَت
مَرَّت عَلى الخُفّاشِ / مَليكَةُ الفَراشِ
ناقِصَةَ الأَعضاءِ / تَشكو مِنَ الفَناءِ
فَجاءَها مُنهَمِكا / يُضحِكُهُ مِنها البُكا
قالَ أَلَم أَقُل لَكِ / هَلكتِ أَو لَم تَهلِكي
رُبَّ صَديقٍ عَبدِ / أَبيَضُ وَجهِ الوُدِّ
يَفديكَ كَالرَئيسِ / بِالنَفسِ وَالنَفيسِ
وَصاحِبٍ كَالنورِ / في الحُسنِ وَالظُهورِ
مُعتَكِرَ الفُؤادِ / مُضَيِّعَ الوِدادِ
جِبالُهُ أَشراكُ / وَقُربُهُ هَلاكُ