المجموع : 6
يا علم قد سعدت بك الأوطان
يا علم قد سعدت بك الأوطان / فليسم منك على المدى سلطان
وليسق حبّيك العراق ليشتفي / منه الغليل ويرتوي الظمآن
هذِّب لنا أخلاق أهليه فقد / غشّى عليها الجهل والعدّوان
ياأيّها النشىء الجديد تسابقاً / بالعلم إن حياتكم ميدان
صونوا البلاد فانما عزماتكم / قضب ومن أقلامكم خرصان
يا شعب هل تخشى ضياعاً بعدما / حاطت عليك حياضك الشبان
شادوا المدارس بالعلوم تنافساً / فكأنَّما بين البلاد رهان
يا جهل رفقاً بالشعوب فأهلها / كادت تذيب قلوبها الأضغان
لا لن تفرقنا الحدود ولم تكن / تدري الحواجز اخوة جيران
ماذا يريد اللائمون فانّه / وطن يحبُّ وحبُّه إيمان
سنذود عنه بعزم حر صادق / منه ضمير يستوي ولسان
لا يرتضي إلا المنية منهلا / أو منزلاً من دونه كيوان
لي فيك آمال وصدق عزائم / لا بد تنشر طيَّها الأزمان
ولئن هتفت بما أجن فعاذر / فلقد اضر بصدري الكتمان
يا موطن النُّجد الغزاة هضيمة / كيف ارتقت عن شأنك الأوطان
ماذا التواني منك في شوط العلى / هلا نهضت وكلنا أعوان
إن تخش سطوة ظالم فلقد ترى / والغرب منه لحكمك الاذعان
غرُّوك اذ دارت كؤوس خداعهم / حتى سكرت فعقَّك النُّدمان
أمن المروءة أن تنال حقوقها / لقط وأنت نصيبك الحرمان
بئست علاقة واغلين وإنما / عيش الكريم مع اللئيم هوان
قد سرَّ اكناف الجزيرة ما رووا / يا مصر عنك ومادت الأركان
مديِّ برجك للعراق يبن له / نهج الرشاد أمدَّك الرحمن
يا أيها الوطن المفدى دونه / يوم الفداء الأرض والأوطان
فدّتك ناشئة البلاد وشمرت / لك عن سواعد عزمها الفتيان
زاحم بمنكبك النجوم ولا يطل / شرفا عليك ببرجه " كيوان "
وارع الشباب وصن كريم عهودهم / فهم لصفحة مجدك العنوان
عاودتُ بعد تغيُّبٍ لُبنانا
عاودتُ بعد تغيُّبٍ لُبنانا / ونزلتُ رَحْبَ فِنائه جَذلانا
ودَرَجتُ اقتنصُ الشباب خَسِرتُه / ذا رِبحةٍ ورَبِحته خسرانا
فوجدتُ رَيْعان الجمالِ ولم أسَأ / أني أضعت من الصبا ريعانا
ووجدتُ في مرح الحياة طفولتي / وشبيبتي وكهولتي سِيّانا
ونقضتُ بيني والكوارثِ مَوثِقاً / وأخذت من عَنَتِ الزمان أمانا
وأقَمت من يَومي لأمسيَ حاجزاً / وضَرَبت سَداً بينَنا النِسيانا
وطلَبتُ عونَ قريحتي فوجدتُها / سمحاءَ تبذُل خيرَها مِعوانا
وأثرتُ هاجعةَ القوافي لم تجد / في الراقدين لركضة ميدانا
قام الجفافُ بعذرها واستامَها / خِصبُ الجبال مرونةً ولِيانا
وأريتها " حَمّانة " فرأتْ بها / مَلَكاً يمُدُّ الشعرَ لا شيطانا
وأردتُها تَصِف الحياة رقيقةً / وجليلةً وتُجيدها إتقانا
فشكَتْ إلى لُغىً تضيقُ حروفُها / عن أن تُسيغ السجعَ والأوزانا
" شاغورُ حمانا " ولم يَرَ جنةً / من لم يشاهدْ مرةً " حمانا "
مرْجٌ أرادتْه الطبيعةُ صورةً / منها على إبداعها عُنوانا
فحبتْه بالمُتَع الروائعِ كلِّها / ورَمَت عليه جمالَها ألوانا
المنتقاةَ من الحياة طبيعةً / والمصطفاة من البلاد مكانا
والخافقاتِ ظلالُها عن سَجسَجٍ / يَشفى الغَليل ويُثلجُ الظمأنا
والغامراتِ عيونُها وديانَها / وجبالَها وبقيعَها الفينانا
والغارقاتِ مروجُها في سُندُسٍ / خُضرٍ تَفوح من الشَذا أردانا
وادٍ تَلَفَّت ناشئاً فاذا به / بين الجبال تكفَّلَته حَنانا
واذا بها بمياهه وغياضِه / جاءَت تحوِّطُ مَرْجه بستانا
انظر إلى الجبل الأصمِّ بزرعِه / متبختراً وبضرعِه رَيّانا
لامستِ بالشك اليقينَ وزعزعَتْ / مرآكِ نفساً تنشُدُ الإيمانا
أمِنَ الجنان وخمرها لكِ صورةٌ / صوِّرَت عنكِ الجنانُ جنانا
عاودتُ ماءَكِ ناهلاً وحسبتُني / عاودتُ بعدَ تعفُّفٍ إدمانا
يا اختَ " لا مرتين " ارهفَ جوُك / الإحساسَ منه ولطَّفَ الوجدانا
هذي الينابيعُ الحسانُ تفجَّرتْ / منها ينابيعُ البَيان حِسانا
الخالداتُ خلودَ شمسك طلقةً / والسامياتُ سموَّ هضبِك شانا
والباعثاتُ من العواطف خيرَها / إيناسةً . وأرقَّها أحزانا
وحيٌ تنزَّلَ والندى ورسالةٌ / هَبَطتْ وأضواء النجوم قِرانا
في ساعةٍ أزَليةٍ بهباتِها / شأت الوحاة وبَزَّتِ الأزمانا
يا أيها النهرُ الذي بخريره / وَعَتِ العصورُ نشيدَهُ الرنّانا
يا أيها الجبلُ المَهيبُ بصمته / مترهِّباً يستلهمُ الأكوانا
يا أيها الشجَرُ الذي بحفيفِه / وفَّى الحياة ونورها شُكرانا
ما ضرَّ انك ما مَلَكتَ لسانا / ولأنت أفصحُ مَنطِقاً وبيانا
" شاغور حَمّانا " أثارَ بلُطفه / قِممَ الجبال وأرقَصَ الوديانا
فرشت له صُمُّ الصفا أذيالها / وتفتحَّت ثَغَراتُها أحضانا
ومَشَى عليها مالكاً ادراجها / متشوقاً لمسيله عَجْلانا
غَنِنَتْ به غُرُّ الضِفاف فخورةً / وزَهَا به يَبَسُ الثَرى جذلانا
وكسا الحشائشَ رونقاً لم تُعطَهُ / وجلا رُواءُ نميره العيدانا
وبدا الحَصَى اللمّاعُ في رَقراقه / دُرراً غواليَ تزدهي وجُمانا
تَرَكَ الجبالَ وعُريَها وهَجيرَها / وتقمَّصَ الاشجارَ والأغصانا
ورمى الخيالَ بمعجزٍ من حُسْنِهِ / في حالتَه كاسياً عُرْيانا
واستقبلته على الضِفاف بلابلٌ / نَشْوى تُغَنِّى مثلَه نَشْوانا
مُتَلوِّياً يُعطيك في لَفتاته / بين المسارب تائهاً حيرانا
ألقت عليه الشمسُ نُوراً باهتاً / زان الظلال رقيقةً وازدانا
وارتد إبّان الظهيرة غائماً / كالفجر يُعلن ضجةً اِيذانا
أوغَلتُ في أحراجه وكأنني / أصبحت أولَ مرَّةٍ فنّانا
وكأنني فيما أُحاولُ هاربٌ / حَذِرٌ مخافةَ ان يَرَى إنسانا
ووجدتُ نفسي والطبيعة ناسيا / ماذا يضمّ العالمان سوانا
ورميتُ أثقال المطامحِ جانباً / ووجدت عن خُدُعاتِها سُلوانا
وحسِبت عصفوراً يُلاعب ظلَّه / في الماءِ ينعمُ راحةً وأمانا
واستسلمتْ نفسي لاحلامِ الصبا / ولمَسْت طيف خيالها يقظانا
ومَزَجْتُ بين الذكريات خليطةً / فوجدتُني متلذِّذاً أسيانا
وتسلَّلتْ بالرَغم مني مرَّةً / صُورُ الحقائق تبعثُ الأشجانا
فإذا الخيال المحضُ يلمعُ زاهياً / وإذا الحقيقةُ تُطفىءُ اللمَعَانا
أرض العراق سعت لها لبنانُ
أرض العراق سعت لها لبنانُ / فتصافح الانجيلُ والقرآنُ
وتطلَّعت لكَ دجلةٌ فتضاربت / فكأنما بعبُابها الهَيَمان
أأمين أن سُرَّ العراقُ فبعدما / أبكى ربوعَ كولمبس َ الهجران
لك بالعراق عن الشآم تصبر / وبأهله عن أهلها سُلوان
لو تستطيع دنت إليك مُدّلةًً / فتزودت من رُدنك الأردان
وحِّد بدعوتك القبائل إنه / ألقى إليك زمامَه التِّبيان
كيف التآلفُ والقلوبُ مواقد / تغلي بها الأحقادُ والاضغان
أنِر العُقول من الجهالة يستبنْ / وضحَ السبيلِ ويهتدي الحيران
وأجهز بحد رهيف حدٍ لمَ ينُبْ / لك عن شَباه مهند وسنان
خضعت لعنوته الطغاةُ فأقسمت / أن ليس تعدو حُكْمَه التيجان
نار تُذيب النار وهي يراعةٌ / عضبٌ يفُل العضب َ وهو لسان
أنّي يقصِر بالعِنان اذا انبرى / وهو الجموح وفكرك الميدان
زِدنا بمنطقك الوجيز صبابةٍ / فهو السَّلاف وكلُّنا نشوان
ما كل حي قائل ما قلته / لكنْ أمدَّ بيانك الرحمن
الشرق مهتز بنطقك معجب / والغرب أنت بجوه مِرنان
والقول ما نَّمقْتَ والشعر الذي / يوحي إليك فصاحةٌ وبيان
انا خصم كل منافق ! لم يَنْهَني / حَذرٌ ولم يقعُد بي الكِتمان
عابوا الصراحة منك لما استعظموا / أن يستوي الاسرارُ والاعلان
يا شعب خذ بيد الشباب فإنهم / لك عند كل كريهة أعوان
واعرِف حقوق المصلحين فانما / بهم الحقوق الضائعات تصان
واعطف لريحان النُّفوس ورَوْحها / فله عليك تعطف وحنان
واسِ الضعيف يكن ليومك أسوة / وكذا الشُعوب كما تدين تدان
يا شرق يا مهد النوابغ شدّما / ساوى مكانٌ بينهم وزمان
للناس كان .. وإن أبت لبنان / " فأمين " ليس لها ولا " جبران "
أمُنعِّمَ القلب الخلي
أمُنعِّمَ القلب الخلي / تركتني حِلْفَ المحنْ
لم ترع عهد فتى رعاك / على السريرة وأتمن
سل جفنك الوسنان هل / علمت جُفوني ما الوسن
لحظ الحبيب أثار بين / النوم واللحظ الفتن
ان كان لا بد الرِّهانُ / فرحمةً بالمرتهن
رفقاً بقلب ما درى / غيرَ الشجى بك والشجن
يصبو لذكرك كلما / ناح الحمام على فنن
اخشى يطول على الصراط / عذاب مطلعك الحسن
ما ضرَّ من ضمن الحشا / لو كان يرعى ما ضمن
طَرْفٌ قرير كان فيك / رماه هجرك بالدَّرَن
الله ماذا حَمَّلت / كفُّ النوى هذا البدن
لا تحسبوا ماءَ الفرات / كعهدكمْ فلقد أجَن
حسد الزمان ليالياً / سَمَح الوصال بها فضن
أعذَرْتُمُ لولا النوى / ووَفَيْتُمُ لو لا الزمن
لو تشترى بالروح / أيام الصبا قل الثمن
ولقد وقفتُ بداركمْ / وكأنها بطن المِجَنْ
يا مألف الأحباب حُلْتَ / وحال عهدُك بالسَّكن
واعتضتَ آراماً سوانحَ / فيك عن ريمي الأغن
وذَعْرتَ سِربي بالفراق / فليت سربَك لا أمِن
ويحَ المعذب بالبِعاد / تَهيِجُه حتى الدِّمن
ماذا على العُذّال إن / وجد المقيم بمن ظعن
أيلام إلْفٌ بان عنه / أليفُه فبكى وحن
لو لم يشُفِ القوس / مرمى سهمه ما كان رن
تركوا البلادَ وأمْرَهنَّه
تركوا البلادَ وأمْرَهنَّه / لخيال مسعور بجِنَّهْ
لمغفّلٍ عمّا به / حُمْقاً فكيفَ لما بهنَّه
تركوا البلادَ وأمرَهُنّه / للدائراتِ تُديرُهنّه
وموكَّلٍ بالبائعين / وبالدُروب ورشِّهنَّه
ومرافق نُدلَ الفنادقِ / بين مَردوخ وحَنّه
باللهِ قلْ لي يا ابنَ منتوفِ / السِبال لأنت فتْنَه
ماذا تُريدُ من الزمانِ
ماذا تُريدُ من الزمانِ / ومن الرغائب والأماني
أوَكلّما شارفتَ من / آمالك الغرِ الحسان
ورعتك الطافُ العناية / بالرفاهِ وبالأمان
أُغْرِمْتَ بالآهات إغرامَ / الحنيفةِ بالأذان؟
إن كنتَ تَحسُدُ من يحوطُ / البابَ منه حارسان
فلديكَ حراسٌ كأنَّك / منهُمُ في معمعان
ومؤكلون بما تُصرِّفُ / في الدقائقِ والثواني
أُسكنتَ داراً مالها / في الصيت والعظموت ثاني
ما إن يباحُ دخولُها / إلا لذي خَطَرٍ وشان
دارٌ يُشيرُ لها صديق / أو عدوٌ بالبنان
أهوى عليها ألفُ باكٍ / وادّعاها ألفُ باني
وُقّيتَ فيها رَغمَ أنفِك / من خبيئات الدِنان
وحُفظْتَ فيها من غرور المال / أو سِحْرِ الحسان
حجبوك عن لحظِ العيونِ / تأنقاً لك في الصيّان
مثل المعيديّ السَّماعُ / به أحب من العِيان
وعلامَ تَحْسُدُ من تلهّى / بالمثالث والمثاني
أوَليس خشخشةُ الحديد / ألَذَّ من عزفِ القِيان
يشدو بها من أجل / لهوك ألفُ مكروبٍ وعاني
أوزانُ شعرِك بعضُ / أوزانٍ حوتها باتزان
ماذا تريد من الزمان / أُعطيتَ ما لم يُعْطَ ثاني
أُعطيتَ من لطف الطبيعة / أن يُشِعَ النيران
صبحاً وإمساءً وأن / يوحي إليك الفرقدان
سبِّحْ بأنعُمِهِمْ فأنت / بفضل ما أولَوْك جاني
صكّ الحديدِ على يديكَ / جزاءُ ما جَنَتِ اليدان
يا عابثاً بسلامة الوطن / العزيز وبالأمان
ومفرقاً زُمَرَ اليهودِ / طوائفاً كلاًّ لشان
ما أنت و " الكاشير " و " الطاريف " / من بقرٍ وضان
إن الصحافةَ حرةٌ / لكن على شَرطِ الضمان
سبِّحْ بأنعُمِهمْ وإنْ / عانيت منهم ما تعاني
إن لم تُفدْكَ عقوبةٌ / فعسى تُفيدُ عقوبتان
أوْ لَمْ يُفِدْك مطهر / فلقد يُفيدُ مطهران