شاقَ الحَمَامُ إليك لمّا ناحا
شاقَ الحَمَامُ إليك لمّا ناحا / صَباً تَذكَّر إلْفَهُ فارتاحا
ليتَ الحَمامَ أتَمَّ لي إحسانه / فأعارني أيضاً إليه جَناحا
يا نازِحاً لم يَنقَطعْ ذِكْرِي له / لو أنّ ذاك يُقربُ النُزّاحا
أَتَظُنُّ أنّي صابِرٌ وجوانحي / مَمْلوءةٌ للبُعْدِ منك جِراحا
شَوقي إليك على البِعادِ قدِ اغتدَى / بَرَحاً لوَ أنّي أستطيعُ بَراحا
قَسَماً لقد كتَم اللّسانُ هواكُمُ / لكنَّ دمعي بالسّرائر باحا
عَزَّ العزاءُ عليَّ لمّا أنْ جَلا / يومَ الرّحيلِ معَ الصّباح صَباحا
وعلى الجيادِ مُعارِضينَ فوارسٌ / فوق الكَوائبِ عارِضينَ رِماحا
لو قاتَلوا بَدَلَ الظُّبَى بلِحاظِها / كانوا إذنْ أمضى الأنامِ سِلاحا
ومُرنَّحُ الأعطافِ تَحسَبُ صُدْغَه / ليلاً وتَحسَبُ خَدَّه مِصْباحا
صَلِفٌ له سلطانُ حُسْنٍ قاهرٌ / يأبَى إذا مَلَك الفَتىإسجاحا
بِتْنا نَدِيمَيْ خَلْوةٍ في عِفّةٍ / مُتَساقِيَيْنِ ولا زجاجةَ راحا
راحاً تَعاطاها السُّقاةُ نفوسَها / منّا ولم تُمْدد إليها راحا
للهِ أحبابٌ تأوَّبَ طَيْفُهم / ليُزيحَ عن عَيني الكرَى فأزاحا
غدَروا ففي الأسماع ما مَلَحوا وإن / سَفَروا فكانوا في العُيونِ مِلاحا
فكأنّما داعٍ دعا فأجَبْتُ ال / لازالَ أفعالُ الحسانِ قِباحا
كم كان من عُسْرٍ ومِن يُسرٍ / فما ألفِيتُ مِجْزاعاً ولا مِفراحا
خاطَبْتُ كلَّ مَعاشرٍ بلُغاتهم / زَمناً مُخاطبةَ الصّدَى مَن صاحا
ومنَعْتُ نفسي قولَ كلِّ بديعةٍ / عِطْفُ الكريم لها يُهَزُّ مِراحا
أضحىَ لعِجْلِ اللُّؤْمِ كُلٌ عابداً / جَهْلاً فألقَى شِعْريَ الألواحا
حتى صدَرْتُ إليك يا صدْرَ الورى / بمَطالبي العُلْيا بك استِنْجاحا
ورأيتُ مَمدوحاً كما رَضِيَ العُلا / فَرضيِتُ أن أُسْمَى له مَدّاحا
تُفْدَى الصدورُ لصدْرِ دَهرٍ لم يَزلْ / طَلِباً إلى فُضَلائه مُرْتاحا
في القُرْبِ مُرتاحاً إذا لاقاهُمُ / وعلى البِعادِ إليهمُ مُلْتاحا
من أصبحَ الإسلامُ وهْو لبيتهِ / ركْنٌ عُلاه أعيَتِ المُساحا
ولمَسْحِه كَفَّ الثريّا عُمْرَها / بَقِيَتْ كذا مَبْسوطةً إلحاحا
أقضَى قُضاةٍ في الممالكِ كُلِّها / مِمَّن غَدا يَبْغي العلا أو راحا
يّقْظانُ صاغَ اللهُ ثاقِبَ فَهْمِه / لُطْفاً لقُفْلِ غُيوبهِ مِفْتاحا
ما قِسْتُ عِلْمَ بني الزّمان بِعِلْمِه / مَن قائِسٌ بغُطامِطٍ ضَحْضاحا
وَرِثَ الأئمَةَ كابراً عن كابرٍ / ولوِرْثِه جَعَلَ العُلا الارجاحا
مَطرَوا هُمُ ومضوا كراماً في الورى / فثَوى غديراً بَعْدَهم طفَّاحا
حسُنتْ وطابَتْ في الورى أخبارُه / وأصَحَّها راوي العُلا إصحاحا
وكأنّ دُرًّا فاه راوى مَدْحِه / لمّا رَوى وكأنّ مِسْكا فاحا
مَلِكٌ سَرى العلماءُ تحت لوائه / فغَدا حريمُ بني الضَّلال مُباحا
قد سَخَّر الأرواحَ خالِقُها له / إن لم يكُنْ قد سَخّر الأرواحا
وإذا أشارَ بعَقْدِ مَوْعدِ مَجْلسٍ / شَوْقاً إليه تُعاوِدُ الأشباحا
أمّا المُلوكُ فلَثْمُ ما هو واطِيءٌ / شَوْقاً إليه يَطْمحَونَ طِماحا
تَمْتارُ من آرائه راياتُهم / نَصْراً مُتاحاً للِعدا مُجْتاحا
ويَروْنَ إن فَسَدَ الزّمانُ وأهلُه / للدين والدّنيا بهِ اسِتصْلاحا
إنّ المعاليَ كُنَّ سَرْحاً رائعاً / ألفاهُ عصْرُك عازِباً فأراحا
وحديثُ مَجْدٍ بالقديم وصَلْتَه / إذ كانَ حُبُّك للزّمانِ لِقاحا
أسلافُنا البيِضُ اليَمانونَ الأُلَى / كانوا وكان نداهم فضَّاحا
وإذا وقوا شح النفوس بمالهم / كانوا بأعراضٍ كَرُمْنَ شِحاحا
وغدَتْ فوارسُ للفوارسِ فيِهمُ / أبداً تُعوَّدُ للصِفاحِ صِفاحا
سَبقوا بنَصْرِ الدينِ دينِ مُحمَّدٍ / حتّى انجَلَى ليلُ الهُدى إصباحا
وشَرعْتَ أنت اليومَ نَصْراً مِثْله / فأزالَ عادِيةَ العِدا وأزاحا
فَعَلتْ فُصولُك فوق فِعْلِ نُصولِهم / لمّا أطارَ جَماجِماً وأطاحا
وأتىَ جِدالُك ما أتَوا بجِلادِهم / حتّى أسالَ دِماءهم وأساحا
ففَداكَ مِن رَيْبِ الحوادثِ حاسدٌ / يغدو إلى ما نِلْتَه طَمّاحا
عاوٍ يَقومُ على أناملِ رِجْلِه / لتنَال منه الكَفُّ نَجْماً لاحا
يَرجو سِواكَ وقد طَلَعْتَ لعَيْنهِ / قَسَماً لقد خُلِقَ الجَهولُ وَقاحا
في جَنْبِ شَمْسِ صُحىً يُقلِّبُ عَيْنَه / أعمىَ لِيَطْلُبَ بالسُّها استِصْباحا
ألسانَ أُمةِ أحمدٍ أنتَ الّذي / أوضَحْتَ مِلّةَ أحمدٍ لَمّاحا
لمّا رأوكَ منَ السّماحِ غمامةً / رَكِبوُا إليك من المَطِيِّ رِياحا
فمتى تَنالُ العَيْنُ منّي قُرّةً / بلِقاءِ شَمْسِ المُلْكِ منكَ كِفاحا
ومتى أُقَرِّطُ دُرَّ لفظِك مِسْمَعي / ويَزيدُ قُرْبُك روحِيَ اسْترواحا
قد كان خُوزِستانُ عُطْلاً عِطْفُها / حتّى كساها اللهُ منكَ وِشاحا
لا تَحقِرَنَّ قَضاءها من خِطَة / نُصْحاً لعَمْرُ أبي عُلاكَ صُراحا
فَهي المُعسْكرُ للمُهلّبِ جَدكم / أيامَ جرَّ جُيوشُه الأرْماحا
فَنفَى الخوارجَ عنْوةً عن أرضِها / نَفْياً أقامَ عليِهمُ النُّوّاحا
فاتْبَعْ كذلكَ في الممالِك إثْرَهُ / تَعْقُبْ فَساداً عَمَّهنّ صَلاحا
لو أرى المُهَّنى في البسيطةِ أمْةٌ / وُلِّيتُها فَتهادَتِ الأفراحا
وتَجِلُّ أنت عن الهَناءِ بمِثْلِها / شَرَفاً لكَ اللهُ الكريم أتاحا
أبكارُ مَدْحي كلّما استأمَرْتُها / تأبَى لكُفْوءٍ غيرِكَ الإنكاحا
فأصِخْ لها من مِدحةٍ حاآتُها / وحياضُ جُودِكَ رَوَّتِ المُدّاحا
أخّرتُ كتُبْي كي أكونَ مُقدّماً / منّي إليك معَ الوفودِ رَداحا
حُبّاً لنَفْسي لا بنفسي أنْ أرى / منّي الغداةَ لها إليك سَراحا
قَدَمِي تَغارُ عليك من قَلَمي إذا / أصلَحْتُه لِكتابةٍ إصلاحا
ولوِ استَطَعْتُ حكَيْتُه وسبَقْتُه / مَغْدىً إليك بمَفْرِقِي ومُراحا
بل لو قَدِرت وقد عَجَزْت عن السرى / لصُروفِ دَهرٍ قد أهَدَّ جِماحا
لَجَعْلت نقطةَ باءِ بسمٍ ناظري / مُتشَوِّقاً لِكتابِيَ اسِتفتاحا
فعسى يَرى إنسانَ عَيْني أوّلاً / قبلَ القراءةِ وَجْهك الوَضّاحا
فأجِبْ جَوابَ مُشرَفٍ عن خِدْمتي / حَسَنِ السّوابقِ لُبسها أوضاحا
وأقَلُّ حَقّي إن طَرقْتُ فِناءكم / وأنخْتُ أنضائي إليه طِلاحا
والخَدُّ لم يّظلْلِه ليلَ شَبيبتي / واليومَ جَلّلَه المَشيبَ صَباحا
فمِنَ البياضِ إلى البياضِ خدمتكُم / خِدماً بها يوماً رجَوْتُ فَلاحا
واليومَ ذاك اليوم فاسْعَ مُبادِراً / نَصْرِي فدَهْرِي في العِنادِ أشاحا
لم يَبْقَ منّي غير سُؤْرِ حَوادثٍ / إن لم تَدَاركْه بِجُودِكَ طاحا
لِمُهَلّبٍ بكُم وأنْصارِ النّبِي / حَقٌ إذا استَوضَحْتَه استيضاحا
يَقْضى على كرمِ العناصرِ منكَ أنْ / تُهْدِي بلا سَعْيٍ إلى جَناحا
فاسَمحْ بمأمولي الذي أنا طالبٌ / يا ابنَ الأُلىَ فضَلُوا المُلوكَ سَماحا
واحْمِلْ تَدلُّلَ آمِيلكَ فقد رأوا / طُرُقَ الرّجاءِ إلى نَداكَ فِساحا
فإليَّ أُهْدِ الإقْتراحَ كرامةً / وإلى فؤادِ الحاسد الأقراحا
أرغِمْ حسوداً فيكَ يُصبحُ بالقِلَي / عُمرَ الزمانِ إناؤه رَشَاحا
لا تُرْعَينْ كلَّ امْرىءٍ مُتَنَصّحٍ / سَمْعَ المُصدِقِّ قولَهُ استِنْصاحا
وزِنِ الوَرى وَزْناً بقِسطاسِ النُّهى / وانْقُدْ رِجالَ الاسْطِناعِ رَجاحا
واقدَحْ زِنادَ الرّأيِ منكَ ولا تَكُنْ / فيما عنَى نَشْرَ الحَيا قَدّاحا
واشْرِ المحامِدَ مُغْلياً أثماَها / فلَتلْكَ أعظَمُ صفَقْةٍ أرباحا
دُمْ للعلا ما جاد صُبْحاً دِيمةٌ / وسرى بلَيْلٍ بارِقٌ وألاحا
واستَنْطَقَ الطّيرَ الرّبيعُ فأصبحَتْ / في شُكْرِه عُجْمُ الطيورِ فِصاحا