المجموع : 3
ومما شجاني إنها يوم ودعَت
ومما شجاني إنها يوم ودعَت / شجاها النوى مثلي فنحن شريكان
كأن سقيط الدمع من عبراتنا / على عاتقينا نثر در ومرجان
خذوا حدثوني عن فريق تحملوا / فذكرهم أنسي ورَوحي وريحاني
قضت وطراً من سكن أفناء نعمان
قضت وطراً من سكن أفناء نعمان / فشطت بالباب قضين بأشجان
أبانت سرور القلب منها ببينها / وجدت بطي البيد في نشر أحزان
كأن ظلال الأنس لما تقلصت / طوتها بأيديها قلاص كعقبان
وهيج ما بي إنها يوم ودعت / شجاها النوى شجوي فنحن شريكان
كأن سقيط الدمع من عبراتنا / على عاتقينا نثر در ومرجان
فولت بها ما بي وقلبي وقلبها / برائعة التفريق للوجد رهنان
تفدي حياتي والمفداة نفسها / وتقتلني سحراً با دعج فتان
ولما اشمعلت بالظعون مطيها / وضمن منها السجف درة دهقان
بكيت على أثر القطين ولا بكا / مفجعة ثكلى من الفقد مرنان
خليلي والتذكار بادرة الهوى / أهل أدرك الأحباب عهدي وأحباني
وهل علموا أني سليب غزالهم / غداة بدا لي بين بانات عنان
وعهدي بنفسي لا تطير لمزعج / شعاعاً فقد طارت لبارق نعمان
خذا حد ثاني عن فريق تحملوا / فذكرهم أنسي وروحي وريحاني
أعندهم أني منيت ببينهم / فهل أمل يقضي وهل ملتقى دان
خليلي إن الدهر جمع وفرقة / ونشر وطي لا يقر على آن
تمتعت منه بانبساط وبهجة / ورائع حسن من لياليه فتان
ليال سقتنا صفوها ونظامنا / كواكب أصحاب وأقمار اخوان
كخطبي من بين الخميسين إنه / على كبدي مذ فارقتني كيان
لقد كان قدماً سالماً جمع شملنا / فما سامه التكسير إلا الجديدان
نبيلان أما للولي فمنهل / صفي وأما للعدو فمران
لدن سعدت أيامنا بمليدة / أجر بافريقية الشرق أرداني
لعاصمة ترفض نبلاً جباهها / وتهفو بها البشرى لعرف وعرفان
أفات البلاد الفضل أدنى فصولها / وأبهجت القاصي وأسعدت الداني
بها من رجالي عصبة يمنية / طوال الأيادي من ذوائب قحطان
بَهَا ليلُ بَسَّامون في أي خطة / مواقف آمال مشارق ايمان
هم القوم لا يشقى جليسهم بهم / صنائعهم في الدهر كالفلق الثاني
محت آية الأفقار آية فضلهم / وجاءوا على حصر الكمال بسلطان
مساميح وهابون سهل مصاعب / مساعيهم لله سراً كاعلان
أجلت سهامي بين أسهم مجدهم / ففازت وأمجدت العلا بين أقران
وطاردت آمالي فقيدتها بهم / كأن المنى واليمن منهم بايمان
وصافيتهم دهراً فمنوا وآثروا / على غلة والدهر مبتئس عان
وما ظمأ الأحرار إلا لمورد / عليه سجال المجد بالحمد ملان
أولئك هم غير الخطوب مقاعس / قروم سراة الحي من ازدجرنان
حماة الأنوف الحافظون ذمارهم / كرام على العلات شيباً كولدان
كماة أباة الضيم شوس عوايس / إذا كرت الفرسان في رجل خرصان
تيقظ والأيام في غير نعسة
تيقظ والأيام في غير نعسة / فمنه على عين الزمان عيون
ففي كل غور من مشاكل دهره / له مرصد من رأيه وكمين
وفي كل أمر تقتضيه شؤونه / ظهور بحسب المقتضى وبطون
تسابق فعل الجد أفعال رأيه / فتحكم فيما كان أو سيكون
تراه غضيض الطرف وهو مراقب / ويرجف منه الدهر وهو سكون
له بصر في ملبس الأمر نافذ / فيدرك كنه الأمر وهو مصون
وتوحي له الحق المبين أصالة / من الرأي فيما لا يكاد يبين
يوافيه قبل الفكر حكم وحكمة / إذا شاجرته في الشؤون شؤون
تكهنت الأفكار في فهم رأيه / وأحكامها فيما استكن ظنون
بظاهر بين الحزم والرأي جيشه / يشن له الغارات وهو قطين
كأن غمار الدهر من حول حزمه / شكوك تجلى بينهن يقين