المجموع : 7
يا شمسَ خِدْرٍ مالها مَغرِبُ
يا شمسَ خِدْرٍ مالها مَغرِبُ / أَرامةٌ دارُكِ أمْ غُرَّبُ
ذهبتِ فاستعبرَ طرفي دماً / مفضَّضُ الدمعِ به مُذْهَبُ
اللهَ في مهجةِ ذي لوعةٍ / تَيَّمَهُ يومَ النَّقا الرَّبرب
شامَ بريقاً باللِّوى فامترى / أضوءُهُ أم ثغرُكِ الأشنب
أشبه غَمّاً يومُهُ ليلَهُ / حتى استوى الأدهمُ والأشهب
سُرورُهُ بعدَكُمُ تَرْحَةٌ / وصُبْحُهُ بعدكمُ غَيْهَبُ
ناشدتكَ اللهَ نسيمَ الصَّبا / أين استقرَّتْ بعدَنا زينبُ
لم تسْر إلا بشذا عَرْفِها / أو لا فماذا النَّفَسُ الطيبُ
و يا سحابَ المُزنِ ما بالُنا / يشوقُنا ذيلُكَ إذ يُسْحَبُ
هاتِ حديثاً عن مغاني اللِّوى / فعهدُكَ اليومَ بها أقرَبُ
إيهٍ وإن عذَّبني ذِكرُها / فمِن عذابِ النَّفسِ ما يَعْذُبُ
هل لعِبَتْ بالعَرَصاتِ الصَّبا / فمحَّ منها للصِّبا مَلعَبُ
أمرضَها سُقياك إذ جُدْتَّها / كم غصَّ ظمآنٌ بما يشرَبُ
يا مَن شكى من زمنٍ قسوةً / أين السُّرى والعيسُ والسَّبْسَبُ
أفلحَ من خاضَ بحارَ الدُّجى / وصهوةُ العزِّ له مركبُ
أليسَ في البيداءِ مندوحةٌ / إن ضاقَ يوماً بالفتى مذهبُ
لأخبطُ الليلَ ولو أنّهُ / ذو لبَدٍ أو حيةٌ تَلْسُبُ
من همَّتي حادٍ ومن عَزمتي / هادٍ ولو ضلَّ بيَ الكوكبُ
تحملُ كوري فيه عَيْرانَةٌ / إلى سوى مَهْرَةَ لا تُنْسَبُ
أَسري إلى العَليا بها في الدُّجى / وفَوْدُهُ من شُهْبِهِ أَشْهَبُ
وإنما تُعْرَفُ سُبْلُ العُلى / يسلُكها الأنجبُ فالأنجبُ
إن كان للفضل أبٌ إنَّهُ / نجلُ بني عبد العزيزِ الأبُ
المُنْتَضَى من جَمَراتِ الأُلى / على السِّماكينِ لهمْ مَنْصِبُ
من أُسرةٍ إنْ شهدوا نادياً / زانَ بهم أو وَلَدوا أَنجبوا
تنحطُّ قحطانٌ وساداتُها / عنهمْ وتمشي خلفهمْ تغلِبُ
بيضٌ مصاليتُ قضى سَرْوُهُم / أنَّ جَداهُمْ مَطَرٌ صَيِّبُ
لم تخلُ من نارٍ لهمْ في الدجى / ثنيَّةٌ علياءُ أو مَرقَبُ
جنابُهُمْ أحوى وأبياتُهُمْ / تُوسَعُ بالإكرامِ أو تَرْحُبُ
حيثُ قبابُ المجدِ مضروبةٌ / تُعْمَدُ بالعلياء أو تُطْنَبُ
والأسَلُ السُّمرُ وبيضُ الظُّبا / دونَ العِدا والضُمَّرُ الشُزَّبُ
والعزُّ معقودُ الحُبا أقْعَسٌ / والبأسُ مطرورُ الشَّبا مُغْضَبُ
هل شيَّدَ العلياءَ إلا فتىً / راقَ به المَحْفَلُ والمركبُ
لا يرغبُ الدهرُ وأيامُهُ / والسَّعدُ إلا في الذي يرغبُ
يرى العلا من خيرِ ما يُقْتَنَى / والحمدَ من أفضلِ ما يُكْسَبُ
فاليُمْنُ عن يُمناهُ لا ينثني / واليُسْرُ عن يسراهُ لا يَعْزبُ
نجمٌ نجيبٌ بدرُها شمسُها / عمّارُها حُوَّلُها القُلَّبُ
في الدَّسْتِ منه علمٌ أصيدٌ / وفي الوغى خر غامة أغلب
كم خطبَ المجدَ له صارمٌ / في منبرٍ من كفِّه يَخطَبُ
ذو ظمأ يشربُ ماءَ الطُّلا / وليس يُرويهِ الذي يشربُ
تخالُهُ مُنصلتاً بارقاً / أو كوكباً و قبساً يلهبُ
أَرسل في الحرب شُواظاً له / يَصلى لظاهُ البطلُ المُحربُ
تساجلُ الماءَ له صفحةٌ / ويعدلُ النارَ له مَضربُ
كُلِّلَ من إفرندِهِ جوهراً / ينهبُ أرواحاً ولا يُنْهَبُ
كلُّ شهابٍ عنده خامدٌ / وكلُّ برقٍ عنده خُلَّبُ
يفترُّ عن صفحته غمدُهُ / كما انجلى عن مائه الطُّحلُبُ
ويضربُ الهامَ به أروعٌ / سُرادق الفخرِ به يُضربُ
يخترقُ النَّقعَ على أشقرٍ / ينقضُّ منه في الوغى كوكبُ
يطيرُ في الخُضْرِ به أربعٌ / يُطْوى لها المشرقُ والمغربُ
صَهيلُهُ عن عِتقِهِ مُفْصِحٌ / وخَلْقُهُ عن سَبْقِهِ مُعربُ
لو طلب العنقا على متنهِ / راكبُهُ ما فاتَهُ مَطلبُ
الريحُ تكبو خلفَهُ من وَنىً / والبرقُ من سرعته يَعجَبُ
يُزْهَى به كلُّ زُها جحفلٍ / مَجْرٍ ويزدانُ به المِقْنَبُ
له تليلٌ مثلُ ما ينثني / غصنٌ به ريحُ الصَّبا تلعبُ
وحافرٌ إن يكُ ذا خُضرةٍ / فالجوُّ من عِثْيَرِهِ أكْهَبُ
يحملُ في صهوتهِ ضيغَماً / ليس سوى السيفِ له مِخلبُ
قرَّبَهُ من كلِّ أُكرومةٍ / مُهنَّدٌ أو سابحٌ مُقْربُ
أو صَعدةٌ سمراءُ أو مثلها / يراعةٌ تَطعنُ إذ تَكتُبُ
تمجُّ سماً وجَنَى نحلةٍ / فريقُها يُرجى كما يُرْهَبُ
تريكَ من صِبغَتها جوهراً / يُنْظَمُ في الطِّرْسِ ولا يُثْقَبُ
خرساءُ لكنَّ لها منطقاً / أقرَّ بالسَّبْقِ لها يَعربُ
تلك بنانٌ خُلِقَتْ للنَّدى / فما تني أنوارُها تُسْكَبُ
من واهبٍ لم أدرِ من قَبلِه / أَنَّ المعالي جَمَّةً تُوهَبُ
ذي همَّةٍ علياءَ لا تُرْتَقَى / وعزمةٍ صمّاءَ لا تُغْلَبُ
وفطنةٍ قصَّرَ عن نَعْتِها / أو بعضِها المُطْنِبُ والمسهب
حظّي من الأيام نَدبٌ به / يُرْأَبُ ما يُصْدَعُ أو يُشْعَبُ
ومعقلي طودُ عُلاهُ الذي / يزاحمُ النجمَ له مَنْكِبُ
أوفتْ على الأُفْقِ له ذروةٌ / لاذتْ به الجوزاءُ والعَقرَبُ
سنَّيْتُ أبرادَ ثنائي على / عِطْفَيْهِ من حَوكيَ ما تُسلَبُ
سال به الطبعُ مَعيناً كما / شقَّ بساطَ الروضةِ المِذنَبُ
فالطرسُ مذ أُلبسَ منها حُلىً / تحسُدُهُ العذراءُ والشُّيبُ
راغبةٌ فيهِ على أنها / عن كلِّ بيتٍ في العُلا تَرغَبُ
والغادةُ الحسناءُ مخطوبةٌ / وكفؤُها أوَّلُ مَنْ يَخطُبُ
يا رشأً مسكنهُ فاس
يا رشأً مسكنهُ فاس / أَلشمسُ مهما لُحتَ نبراسُ
صدغاكَ في خدَّيكَ ما لاح أَمْ / أُنبِتَ فيه الوردُ والآس
وعطفكَ اللَّدْنُ انثنى نشوةً / أم غُصُنٌ للأيكِ مَيّاس
حسبيَ أجفانُك خمراً وخدَّ / اك ومن ريَّاكَ أنفاس
لا تسقني الخمرَ إذاً بعدها / قد فعلتْ ما تفعلُ الكاس
ومهفهفٍ أحوى اللَّمى ذي مقلةٍ / تُردي ظُباها بالكميِّ الفارسِ
فَعلتْ شمائلُهُ العذابُ بمهجتي / فعلَ النسائمِ بالقضيبِ المائس
كالغُصنِ هُزَّ على كثيبٍ أَهْيَلٍ / كالصبحِ أُطْلِعَ تحت ليلٍ دامس
أأبا الوليدِ لقد أَدَرْتَ لواحظا / رَسَخَتْ سهامُ قسيِّها في البائس
يا مَنْ سَبا ريّاهُ عَرْفُ الصِّبا
يا مَنْ سَبا ريّاهُ عَرْفُ الصِّبا / وذرَّ من أزرارهِ شارِقُ
ذَرْنِي وعينيكَ أُسائِلْهُما / بأيَّ ذنبٍ قُتِلَ الوامق
تاللهِ ما أَمْلِكُ نجوايَ يا / مملوكُ والدمعُ به ناطق
أنَّى لمثلي فيكَ كَتْمُ الهوى / والدمعُ سَكْبٌ والحشا خافق
غفرتُ للأيامِ ذنبَ الفراقْ
غفرتُ للأيامِ ذنبَ الفراقْ / أنْ فزتُ من توديعهمْ بالعناقْ
ما أَنسَ لا أنسَ لهم وَقْفَةً / كالشهدِ والعلقمِ عندَ المذاق
مزجتُ فيها درَّ أسلاكهم / إذ أزفَ البين بدرِّ المآق
ساروا وقلبي بين أظعانهمْ / فلينشدوهُ بين تلكَ الرفاق
لا مرحباً بالبرقِ ما لم يكنْ / تسقي عزاليه رسومَ البُراق
حيثُ القبابُ البيضُ مضروبةٌ / تحرسُها سُمْرٌ وبيضٌ رقاق
تحملُ في أثنائها غادةً / يحملُ منها القلبُ ما لا يطاق
حاليةً تبسمُ عن مبسمٍ / كمثلِ ما قُلِّد منها التَّراق
من شَفَقِ الليلِ لها وجنةٌ / أو من دمٍ باللحظِ منها يراق
ضعيفةٌ طرفاً وخصراً فما / يُطيقُ ذا اللحظَ ولا ذا النِّطاق
تاهت على البانِ بأعْطافها / وعَيَّرَتْ بدرَ الدُّجى بالمُحاقْ
وأرسلتْ فَرْعَاً غدا لَوْنُهُ / كحالِ مَنْ يُحْرَمُ منها التَّلاق
أَعادتِ الصبحَ ليلةً / حتى تَوَهَّمْتُ صَبوحي اغتباق
سقى ديارَ الحيِّ بالمنحنى / من سَبَلِ المُزْنِ أو الدمعِ ساق
كم ليلةٍ لي بعقيقِ الحمى / قَصَّرتها باللثم والاعتناق
ما ادَّرَعَ الليلُ بظلمائه / حتى كساه الصبحُ منه رُواقْ
فانجفلت أنجمه فاشتكى / للبعضِ منها البعضُ وَشْكَ الفراق
أما الثريَّا فنَوى رأسها / يركضُ نحو الغربِ ركضَ السباق
وطار في إثرِ غرابِ الدُّجى / نسرُ النجومِ الزُّهرِ يبغي اللحاق
وانتبَه الصبحُ بُعَيْدَ الكرى / كذي هوىً مِن غَشيَةٍ قد أَفاق
ورجَّع المُكَّاءُ تَحْنِينَهُ / حتى حسِبناهُ حليفَ اشتياق
في روضةٍ علَّم أغصانُها / أهلَ الهوى العذريِّ كيف العناق
هبّتْ به ريحُ الصِّبا سُحْرةً / فالتفَّتِ الأشجارُ ساقاً بساق
تلك الليالي أعْقَبَتْ بعد ما / أحمدْتُها عيشاً بوشكِ الفراق
لي سَكَنٌ شَطَّتْ به غُرْبَةٌ
لي سَكَنٌ شَطَّتْ به غُرْبَةٌ / جادتْ لها عينايَ بالمُزْنِ
ما حَسُنَ الصبحُ ولا راقني / بياضُهُ مذ بانَ في الظَّعن
كأنما الصُّبْحُ لنا بعدَهُ / عينٌ قد ابْيَضَّتْ من الحزن
طُرَّةُ ليلٍ فوقَ صُبْحٍ مُبينْ
طُرَّةُ ليلٍ فوقَ صُبْحٍ مُبينْ / أم حَلَكُ اللَّمةِ فوقَ الجبينْ
وابِأبي مَنْ أرتضي حُكْمَهُ / في مُهْجَتي وهو من الظالمين
أَغْيَدُ في وَجْنَتِهِ رَوْضَةٌ / يجري بها ماءُ الشباب المعين
قلتُ وقد أقبل يختالُ في / بُرْدَتِهِ يَسْبِي نُهى الناظرين
هذا هو البدرُ وغصنُ النَّقا / فلا تكنْ فيه من الممترين
عُلِّقْتُهُ أحوى حَوى بهجةً / تَمَثَّلَ السحرُ بها في العيون
مطرَّزُ الخدِّ بماءِ الصِّبا / ناهيكَ مِنْ وردٍ ومن ياسمين
أطعتُ فيه نَزَعَات الهوى / ولم أزلْ أعصي به العاذلين
وصنتُ نفسي عن هوى غيرِهِ / من روضِ خَدَّيْهِ بوشيٍ مَصون
ولو سِوَى مَنْظَرِهِ راقني / لألاؤُهُ كنتُ من الخاسرين
يا غُصُناً أزرى بِسُمْرِ القنا / وشادناً أودى بأُسْدِ العرين
طلعتَ منْ قَوْمِكَ في أنجمٍ / أَوْضَحَتِ الظلماءَ للمدلجين
أمسيتَ فيهم قمراً زاهراً / يُعشي سناهُ أعينَ الناظرين
يا لَهَنا المجدِ الذي حُزْتهُ / إنَّكَ منهُ في أي مكانٍ مكين
وليهنأ النبلُ سماتٍ بدت / عليك من فهمك للسامعين
ما لمحيَّاك يروقُ الضحى / وما لأعطافكَ تَسْبي الغصون
هل أنتَ إلا قِبْلَةٌ للورى / قد وقعوا طُرَّاً لها ساجدين
أبا الوليد انتضِ سيفَ الهوى / واخضبْ ظُباه بدما العاشقين
قد نمَّق الحسادُ في وصلنا / زخارفَ الخالين والحاسدين
راموا انقلابَ الودِّ فلْترْمِهِمْ / بردهم ينقلبوا صاغرين
يا قَمَراً مَطلَعُهُ فِي الحَشى
يا قَمَراً مَطلَعُهُ فِي الحَشى / سُبحانَ مَن في خَلَدِي خَلّدَك
لَم يُعطَ ما أَعطِيتَ خَلقاً وَلا / أَفرَدَهُ اللَهُ بِما أَفرَدَك
لَو قُلتَ لِلبَدرِ أَلَستَ الَّذي / فُقتُكَ في الحُسنِ لَما فَنّدك
صِلنِي وَلَو في غَمراتِ الكَرى / وَعِد وَإِن لَم تُنجِزَن مَوعِدَك
كَم قُلتُ لِلكأسِ وَقَد نِلتَها / لَمّا دَنَت مِن فيكَ ما أَسعَدَك
هِمتُ فَما أَدناكَ مِن مُهجَتي / وَدِنتَ بِالهَجرِ فَما أَبعَدَك
قَد خَصَّك اللَهُ عَلِيّاً بِما / شِئتَ مِنَ الحُسنِ وَقَد أَيَّدَك
مَلّكَكَ الدُنيا وَأَربابَها / وَصيّرَ الناسَ بِها أَعبُدَك
فَاِحكُم عَلى الكُلِّ بِما شِئتَهُ / أَنهَضَكَ اللَهُ بِما قَلّدَك
وَامدُد فُؤادِي بِجُنودِ الهُوى / أَيَّدَكَ اللَهُ وَأَعلى يَدَك