يا مَن لصَبٍّ بأطْرافِ المُنَى عَلِقِ
يا مَن لصَبٍّ بأطْرافِ المُنَى عَلِقِ / يُبِيتُه الشَوْقُ مَطْوِياً على حُرَقِ
إنّ الّذين غَدَوْا بالعيسِ وانطلَقوا / قالوا لدَمْعي على آثارِنا انْطَلِق
يَزدادُ دَمْعي على مِقْدارِ سَيرِهمُ / تَزايُدَ الشُّهْبِ إثْرَ الشَّمس في الأُفق
لم أَنسَهُمْ وحُدوجُ الحَيِّ سائرةٌ / تَستَنُّ بالقاعِ كالمَلْمومةِ السُّحُقّ
من أَيمَنِ القارةِ الزَّوراءِ سِرْبُ مَهاً / سارَتْ إلى القارةِ الجَأْواءِ في حِزَق
يَرمُون بالحَدَقِ الأبطالَ عن عُرُضٍ / ودونَها قَومُها يَرمونَ في الحَدَق
من كلِّ بيضاءَ في حمراءَ في كِلَلٍ / كما استَجنَّ قِناعُ الشّمسِ في الشَّفَق
صَدَّتْ مُراقَبةَ الواشينَ والْتفتَتْ / بناظرٍ غَنِج عن ناضِرٍ شَرِق
وقاطعَتْني لأنْ سارَقْتُها نظَراً / وليس في الحُبِّ قَطْعُ الصَّبِّ بالسَّرَق
يَشكو إليَّ زماني صاحبي عجَباً / وكيفَ يَستنجِدُ المُبتَلُّ بالغَرِق
هَوِّنْ عليك فإنّ الدّهْرَ ذو غِيَرٍ / وكُلُّ مُجتَمعٍ يَوماً لِمُفْتَرَق
حَذِّرْ أخا البَغْيِ ما تَجْني عواقبُه / وقُلْ لسَكْرانَ صَبراً إن تعِشْ تُفِق
إنّا لفي زمَنٍ مَلآنَ من فِتَنٍ / فلا يُعابُ به مَلآنُ مِن فَرَق
ومَعْشَرٍ شَرُّهمْ دانٍ وخَيرُهمُ / مَكانَ بَدْرِ الدُّجَى من باعِ مُعتَنِق
أدْنَى إليهمْ خُلُوُّ الرَّبْعِ مِن أَنَسٍ / وطالما كرَع الظَّمآنُ في الرَّنَق
قُلْ للّذي شَخْصُه في القَصْرِ مُحتَجِبٌ / وعِرْضُه الدَّهْرَ مَطروحٌ على الطُّرُق
يَشْري الثّناءَ ولا يُعْطي به ثمناً / وذاك مَبلَغُ رأْيِ الجاهلِ الحَمِق
لَحاكُمُ اللهُ من أغصانِ عاريةٍ / من النّدى والجَنَى والظِّلِّ والوَرَق
إذا ما مدحْناهمُ لم يُوقَظوا كرَماً / وإن تركْناهمُ ناموا على حَنَق
ونَستسِلُّ إذا ازْوَرُّوا سَخائمَهمْ / بكلِّ مَنظومةٍ كاللُؤْلُؤِ النَّسَق
مَدائحٌ لاتّقاءِ الشَّرِّ تَحسَبُها / رُقَى العقاربِ تُكْسَى أَوجُه الوَرق
أعناقُكُمْ مِلْؤها دُرّي وليس لكمْ / وأحمَدُ اللهَ أدنَى المَنَّ في عُنُقي
وما خُلِقْنا حَماماتٍ لنُطْرِبَكمْ / شَجْواً ونَملِكَ أطْواقاً منَ الخِلَق
واللهِ لولا مُحاماتي وإن لَؤُموا / على الكريمَيْنِ من نَفْسي ومن خُلُقي
إذنْ لسارَتْ بما يُخزيهمُ كَلِمٌ / أُزِلُّها من حواشي مِقْوَلٍ نُطُق
إذا شَنَنْتُ على عِرْضٍ أوابدَها / أَجلَيْنَ عن قِدَدٍ منها وعن مِزَق
تَهتَزُّ منهنّ أعطافُ الورَى طَرباً / إلاّ الّذين أباتَتْهمْ على قَلَق
كالسَّيفِ يَحْمَدُه غيرُ القتيلِ به / يومَ الجِلادِ إذا ما احْمَرَّ من عَلَق