لم يندمل جرحه القديم، وقد أصابه جرح جديد!
لا أصدق ما حدث اليوم الخامس من سبتمبر عام 2019م، حيث إن جوالي قدرنّ وكأنّ رسالة جاءت، وبما أنني كنت مشغولا في عمل الكتابة، فلم ألمسه، وطال عملي حيث إنه أخذ مني حوالي ساعة والنصف، ثم نسيت رنين الجوال، واشتغلت بأمر آخر، وذاك الأمر لا يمكن اكتماله دون الشبكة، فاضطررت إلى لمس شاشة الجوال حتى أفتح فيه شبكة، وأربطه مع الحاسوب كي يتسنى لي إكمال ذلك الأمر...
فلما رفعت جوالي ووضعت بصمة على مكانها للفتح، لاحظت أن رسالة جاءت من جهة ما، فلما انفتح جوالي بدأت أفحصه حتى وصلت إلى تلك الرسالة التي وصلتني قبل ساعة والنصف، لكن انشغالي في عمل منعني من فتحها، وقراءتها، ولما فتحتها بدأ قلبي ينبض بنبضات سريعة، وفقدت وعيي عدة دقائق، ففي البداية كنت أقول: إنه مستحيل، لكن بعد ما استرجعت وعيي غيرت قراري، وقلت في نفسي: إنه ممكن، لكن لا بد أن أتحقق أولا...
ولأجل التحقيق راسلت على الرقم الذي استلمت رسالة منه، وكتبت له بأن ما تقوله هو مبني على الحقيقة، فمباشرة رد علي دون توقف قائلا: نعم، ما أقوله لك هو صحيح. فحينئذ بدأت بالبكاء، وكأن المصيبة قد نزلت علي، وأخفيت قطرات الدموع بمسحها، وتفكرت بأن ذاك الأخ الذي نزلت عليه هذه المصيبة لم يندمل جرحه القديم، والذي لم يمض على إصابته إلا الأسبوعان، لكن قدر الله ما شاء...
وبما أنه كان زميلي في الدراسة وقضينا معا أوقاتا جميلة، فكنت أشعر وكأن تلك النازلة نزلت علي، فأولا حاولت الاتصال به لكن خطه كان مغلقا، فتفكرت ما علي أن أفعل، فدعوت لذلك الرحيل الفقيد والذي هو أبو زميلي، فتوفي اليوم، وزميل كان في الخروج في سبيل الله، فتشاور أحباب الجماعة في أمره، حيث إنهم أرسلوه إلى بيته دون أن يخبروه، وقالوا له بأن أباك مريض، فيجب عليك الحضور في خدمته، فأركبوه على الحافلة، فلا أدري ذلك الأخ ما ذا كان يتصور، ويتخيل، إلا أنه قد فقد أثمن نعمة في الدنيا، وفي هذه اللحظة لا أستطيع إلا أن أقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلنصبر ولنحتسب، "إنا لله وإنا إليه راجعون"...