من هو أشجّ بني أمية؟ - 100 قصة من حياة عمر بن عبد العزيز رحمه الله (1)
الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه ـ مرة من المرات رأى في منامه حلما، وما إن رآه إلا واستيقظ من نومه. فسئل: ماذا رأيت في المنام؟ يا أمير المؤمنين. قال: من أولادي يأتي أحد وفي وجهه جرح، فهو يملأ الأرض عدلا وإنصافا. ثم كان يقول: من يكون أشج من أولادي؟ ولما بلغ أسرته هذا الخبر فسروا ولكنهم لم يدركوا تفسير حلمه، غير أنهم كانوا ينتظرون تفسيره وتعبيره. كان عبد الله بن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ يردد قول أبيه: " ليتني أعلم من هو أشج من أولادي، ويسير سيرتي، ويقوم بالعدل والإنصاف في الأرض كله".
مضى الوقت واستمرت الأيام والأشهر والسنوات، وظهرت ثورات عديدة، حتى رحل الذي رأى في منامه ذلك الحلم، ولكن كلامه في حلمه كان ينقل بتواتر.
عمر بن العزيز كان في طفوليته، فسافر إلى حلوان في مصر للقاء أبيه، ولما وصل حلوان، فحسب عادته كان يمشي حتى وصل إلى مربد الخيول، وكان يتجول فيه، وكان معه أخوه الخيفي "اصبغ" أيضا كان يتجول فيه. فخلال تجوله مر بقرب من فرس، فركله في وجه حتى شجت جبهته ونزف الدم بغزارة، فأصيب بجرح عميق. ولما رآه أخوه "اصبغ" فبدأ يضحك، ويكبر بصوت عال "الله أكبر" هذا هو أشج بني مروان، والذي يكون حاكما. وكأن أخاه قد فسر رؤية عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه ـ.
فوجه عمر كان ملطخا بدم، وهو يتألم من تعمق جرحه، ولكن أخوه لا يزال يردد نفس الكلمات بأنه هو أشج بني مروان، والذي يكون حاكما، وكان يكبر بصوت مرتفع وعمر ما كان يفهم لما ذا يضحك أخوه؟ ولما ذا يكبر؟
ولما بلغ أمه هذا الخبر هرولت إليه ونظفت الدم من وجهه، وضمته إلى صدرها، وسلته، ولكن لما علمت أن أخاه كان يضحك عليه عند ما جرح، فشكته إلى زوجها "عبد العزيز " عن أخيه "اصبغ" ووبخت بنفسها "اصبغ" قائلة: لما ذا ذهبت بابني إلى اصطبل، ثم لما ركله فرس لماذا كنت تضحك عليه بدل أن تسليه وتنظف دمه من وجه؟ وغضب عليه أبوه أيضا.
لما سمع توبيخ أبيه وأمه فقال لأبيه: يا أبي، لم أكن ضاحكا على جرحه، بل كنت أضحك بأن العلامات التي رآه عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنهما ـ في منامه، كانت موجودة فيه غير أن علامة واحدة كانت تنقصه، وهي علامة شج. فلما جرح اليوم فاكتملت تلك العلامات وصار أشج. فلذا كنت أضحك عليه لشدة فرحة وسرور بأنه سيكون حاكما ويسير سيرة جده من الأم عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه ـ ويقوم في الأرض بعدل وإنصاف.
ولما سمع أبوه كلامه صمت، ورأى جرحه في جبهته فنادى أمه قائلا: انظري، بالفعل ابنك هذا هو أشج بني مروان. وسبب ذلك الجرح شرع الناس يقولونه: أشج بني مروان. وأمراء بني أمية عامة وأولاد عبد الملك خاصة كانوا يحسدونه. ولكن عبد الملك بن مروان كان يجلس ابن أخيه "عمر" بقربه، ولما كان يعترض عليه أحد فكان يقول له: ما ذا تعلم عن مقامه؟ سيكون حاكما، وهذا وهو أشج بني مروان، وتفسير حلم عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه ـ ولم يعلو الأرض الجور والظلم فهذا يأتي وينشر العدل والإنصاف فيها، إذن لما ذا لا أقربه ولما لا أجعله محبوبا لدي".