نبذة عن حياة فقيد الأمَّة الشيخ سميع الحق الشهيد رحمه الله (2)
4 الشيخ محمد شفيق المغلكي _رحمه الله_:
وحرَّرَ الشيخ سميع الحق في مذكِّرة له: كان الشيخ محمد شفيق زميل الشيخ عبد الحق في زمن دراسته وتلميذه بدارالعلوم ديوبند؛ لأنَّه قدِم إلى الجامعة الحقانيَّة مع الشيخ الجليل، وعُيِّنَ مدرسًا بالجامعة في أول عام تأسيسها، ودرس عليه الشيخ سميع الحق عدة كتب ابتدائية، وكان يسكن في بمغلكي قرب "أكورة ختك"، وقد تُوفِّي في 10 من آب (أُغسطس) 1956م الساعة الواحدة ليلة الجمعة، في المستشفى بـ"راوالبندي"، وذلك إثرَ معاناة طويلة من مرضِ القلب، وصلى عليه الشيخ عبد الحق بجمعٍ حاشد يبكيه بدموع مسترسلة، ودُفِنَ في مقبرة آبائه الواقعة في قرية مغلكي بـ"نوشهرة"[1].
5: الشيخ محمد فياض السواتي _رحمه الله_:
لا جرم أنَّ الشيخ محمد فيَّاض السواتي كان من أول المدرسين بالجامعة الحقانيَّة، وكانت تحته أخت الشيخ الدكتور شير علي شاه، وانضمَّ إلى شمْلِ مدرِّسي الجامعة في السنة الثالثة من تأسيسها، ويوافق ذلك غرة محرم الحرام سنة ألف وثلث مائة وثمان وستين للهجرة (1368هـ )، وكان يتعاطى خمس عشرة روبية من الجامعة كراتب شهريٍّ، وقد انتقل من الجامعة إلى بشاور لبعض ما تعرَّض له من المشاكل والمصاعب بعد ما أمضى ثلاثة أعوام فيها، واشتغل ثمَّة مدرِّسًا إلى حين وفاته، والجدير بالذكر أنَّه تلقى المعقولات والمنقولات في العلوم من الشيخ عبد الحق الحقاني، ثم سافر إلى الهند ودرس أمهات الكتب في الحديث النبوي الشريف على الشيوخ الأماثل كأمثال الشيخ السيد حسين أحمد المدني بعد تحرير هذا البلد العزيز بسنة واحدة في حرم الجامعة الإسلامية أزهر القارة الهنديَّة دارالعلوم ديوبند، وكانت تلك السنة سنة الاضطراب وعدم استقرار الأمن والسلام في البلد، وتمت عقارب ساعة حياته في العشرين من محرم الحرام 1398م وجاء أجله الموعود ووافته المنيَّة في أحدى مستشفيات بشاور، ودفن في مقبرة "ستارشاه" ودرس عليه الشيخ سميع الحق بضعة كتب منهجيَّة. (مجلة الحق يناير 1978م)
6: القاضي حبيب الرحمن _رحمه الله_:
إنَّ الشيخ حبيب الرحمن كان أول المدرِّسين في المنهج النظامي المتداول في شبه القارَّة، ووقد حظي الشيخ سميع الحق والشيخ "شيرعلي شاه" بشرف الدراسة عليه في ذلك العصر، وكان مدرِّسًا بـ"دارالعلوم سرحد" في أواخر حياته.
كانت سلالته منحدرة من قبائل السادات الحسينيَّة انتماءً إلى أبيه، وكان سلفُه خرجوا من المدينة المنوَّرة إلى مناطق بلخ وبخارَا لنشر الدين المتين وعلمه، ثم انتقلوا من هناك إلى فرعانة، وكان آبائهم قضاةً يومئذ، ولمَّا هاجم ظهير الدين البابر على الهند فقدِموا معه إلى أفغانستان، ومنها إلى الهند المتحدة، وتوَّلوا أمرَ القضاء في العصور والولايات المختلفة.
وسلالته كالتالي: القاضي حبيب الرحمن بن القاضي شريف الدين بن القاضي الحافظ وسيع الدين بن القاضي نسيم الدين بن القاضي كرم بن القاضي جيو.
وولد الشيخ يوم عيد الأضحى 1333هـ - الموافق: تشرين الأول (أكتوبر) 1914م وقرأ القرآن على والده في بيته، ثم حفظ القرآن الكريم عند عمه القاضي مطيع الدين في مردان في ثلاثة أعوام، وبعدما أتمَّ حفظ القرآن بدأ يَدرُس عليه بعض مبادئ الصرف والنحو، ثم مرَّ بمراحل الدراسة المختلفة في المواطن الشتى، وتلقَّى العلوم الشرعية من العلماء الكرام في مناطق بشاور وما يجاورها حتى أكمل الدراسة حقَّ الإكمال، وقد عزَّ عليَّ سردُها مفصَّلا، فاكتفيتُ بما قلَّ وسد الحاجة، وكان أستاذا للشيخ سميع الحق في مبادئ الكتب الدراسيَّة [2].
7: الشيخ لطافت الرحمن السواتي _رحمه الله_:
كان الشيخ لطافت الرحمن عالما نحريرًا مشغوفا بالأدب العربي، واشتغل زمنا طويلا في دارالعلوم الحقانيَّة، ثم انتقل إلى الجامعة الإسلاميَّة (بهاولبور) وتولَّى فيها التدريس إلى مدة، وكذا اشتغل بالتدريس في مختلف المدارس بمدينة كراتشي، ثم أنشأ مدرسة بقريته "رونيال" (سوات)، وتلمَّذ له الشيخ سميع الحق في الدراسة الدينيَّة [3].
8: الشيخ جلال الحق الجكيسري _رحمه الله_:
ذكر الشيخ سميع الحق في كتابه "مكاتيب مشاهير": كان الشيخ جلال الحق الجكيسري مدرِّسَ العلوم العقلية والنقلية بالجامعة دارالعلوم الحقانية (أكورة ختك)، ويا له من أستاذ خبير بأبعاد العلوم الدينيَّة ونواحيها ويا له من مُدرِّسٍ بارع في الفنون المتداولة في القارَّة الهنديَّة، ونلتُ (يُعنَى به الشيخ سميع الحق رحمه الله) شرف التلمذ له، واشتغل مدرِّسًا بالجامعة قرابة خمس سنين، وبعد ذلك انضم إلى المدارس المتعددة للإفادة والتدريس في الأعوام المختلفة، بيد أنه أنشأ مدرسة باسم "دارالعلوم تعليم القرآن" في منطقته "هوتل تكول" (ألائي) في الأوان الأخيرة من حياته الميمونة، وكان يدرِّس أمهات الكتب في الصف السابع ودورة الحديث إلى آخر حياته إلى أن نودي بالرحيل من هذه الدنيا الفانية وتوفِّي في 13 من يونيو سنة 2008م بعد ما عاش من حياته ثمانيةً وثمانين عامًا في هذا الكون [4].
ومن أبرز ميزاته وأحسن خصاله أنه كان يتحرَّز من السمعة والشهرة والتظاهر بشخصيته وإبرازها أيَّما تحرُّزٍ، فإنَّه كان رجلا صابرًا قانعًا، وهو خير نموذج في غَرَارة الحياة وسذاجتها، وصورة صحيحة متكاملة لإخفاء نفسه في كل شيء، ومضى جُلُّ حياته في تدريس العلوم العقليَّة فإنَّه كان يدرِّس كتاب "ملا جلال" و"صدرا" و"ميرزا قطبي" و"مولوي مير زاهد" و"الجلالين" ونحوها، وكذلك أمضى حظًّا كبيرًا من عمره المبارك في تدريس الحديث النبويِّ الشريف[5].
9: الشيخ المفتي يوسف البونيري _رحمه الله_:
كان الشيخ يوسف البونيري عالمًا جليلاً ومدرِّسًا بارعًا ومفتيًا بالجامعة الحقانيَّة إلى فترة من الزمن، وقد
درس عليه الشيخ سميع الحق كتبا عديدة منها: كلام الملوك (وهو مجموعة من أبيات الصحابة واالأزواج المطهَّرات
باللغة العربيَّة)، والمطول والمعلَّقات السبع ونحوها من الكتب المهمَّة، إلاَّ أنَّه كان يميل بنزوعه الفكريِّ إلى الجماعة الإسلاميَّة التي أنشأها المودودي، وكان يؤيدها بمناقشاته وكتاباته، ثم تفاقم ذاك الخلاف الفكريُّ بينه وبين العلماء الآخرين حتى بلغت به الحال إلى أن عُزِلَ من التدريس بالجامعة الحقانيَّة [6] ، وإنِّي (العبد الفقير إلى الله كاتب هذه السطور) حاولتُ جاهدًا في سبيل أن أعثر على ترجمة عن حياته لكنَّني _للأسف الشديد_ لم أظفَر بها فأستكفي بهذه الأسطر العديدة.
10: الشيخ عبد الحليم الزروبوي_رحمه الله_:
ولد الشيخ عبد الحليم الزوربي في أسرة عريقة علميَّة متديِّنة، ووالده الشيخ خليل الرحمن بن الشيخ الشاه
غريب بن الشيخ سعد الدين، وآبائه وأجداده كانوا من كبار أهل العلم والفضل، وترعرع في أحضان والده الجليل وتلقَّى عنه وعن علماء قريته الدراسة الابتدائيَّة والعلوم الأخرى، وبعد ما تخرَّج في العلوم الآليَّة فقد انضمَّ إلى الجامعة الإسلاميَّة دارالعلوم ديوبند للدراسة العليا في الحديث النبويِّ الشريف، والتحق بها في عام 1351هـ ، وتلمَّذ للشيخ حسين أحمد المدني، والشيخ محمد رسول الهزاروي، والشيخ محمد إبراهيم البلياوي، والشيخ إعزاز علي، والمفتي محمد شفيع ـ رحمهم الله جميعًا ـ وتخرَّج منها سنة 1353هـ، ثم درَّس في مدارس مختلفة، منها: المدرسة الرحيميَّة، والمدرسة الجامعة الرحمانيَّة بـ"دهلي"(الهند)، وجامعة مظهر العلوم بـ"كراتشي"، ودارالعلوم الحقانيَّة بـ"نوشهرة" وبقي فيها مدرِّسًا إلى آخر حياته.
وقد وفَّقه الله عزَّ وجلَّ لأداء الحج فارتحل لأدائه في عام: 1969م، وبايع على يد الشيخ حسين أحمد المدني أوَّلاً، ثم ارتبط بالشيخ نصير الدين الغورغشتوي، وأخيرًا استخلفه الشيخ عبد المالك الصديقي، وكذلك نال الإجازة في باب السلوك والإحسان من الشيخ إبراهيم جان المجددي النقشبندي الأفغاني.
وتلمَّذ له الشيخ سميع الحق في علوم مختلفة وكتب عديدة في أيام دراسته، وقد سقطت هذه الدرة الثمينة من العقد النفيس 20 من ربيع الأول 1403هـ الموافق: 1983م طيَّب الله ثراه وتغمَّده بكامل عفوه [7].
11: الشيخ أحمد الشالفين _رحمه الله_:
لقد كتب الشيخ سميع الحق في مجلة "الحق" الشهريَّة:
توفي الشيخ أحمد الشالفين أيَّام الحج بـ"منى" حين رمى الجمرة العقبى 11 من ذي الحجة 1374هـ الموافق 1955م وكان إنسانًا مخلصًا ورعًا زاهدًا تقيًّا متفانيًا في طاعة الله واتباع الرسول في السر والعلن والمدخَل والمَخرَج، وبالإضافة إلى ذلك أنَّه كان مدرِّسًا بارعًا متضلِّعًا من العلوم العقليَّة والنقليَّة، وانضمَّ إلى هيئة المدرسين بـ"دارالعلوم الحقانيَّة" وذلك في16 من شوال المكرم سنة 1369هـ ،وعاش فيها حياته الباقية كلها بعد قدومه إليها، ودرستُ عليه بعض الكتب المهمة في الفنون والعلوم المختلفة.
وعزم على الرحلة لأداء فريضة الحج في عام وفاته (1374هـ)، وعندها عقدت حفلة توديع له بالجامعة وألقى الشيخ عبد الحق الحقاني محاضرةً قيِّمةً على فضل الحج وأجره، وودعه الطلاب والأساتذة بإجلال وإكرام واحترام، وشاء القدر الإلهيُّ أن يكون هذا التوديع أخيرًا لا عودة بعده فسافر إلى الحج ومات ثمَّة في "منى" عند رمي الجمرة العقبى كما ذكرنا قبل قليل.
وحكى شخصٌ ممَّن صحبه في رحلة الحج بعدما عادت القوافل من الحج فبيَّن أحداثه التي اعترضَته قبل الموت وقال:" إنَّ الشيخ رأى رؤية في ليلة توفي منها وحدَّثنا بها أنَّه: أنَّه رأى بقعة نورانيَّة تتفجَّر منها قبسات النور الساطعة، والنبيُّ ﷺ يقول لي في المنام وأنا أراه: "انغَمِسْ فيها" فانغمَستُ فيها، ثم سُئل الشيخ: هل خرجتَ من النور أم بقيتَ فيه، فقال الشيخ الشالفين: بقيتُ في النور، وأردَف يقول: أُحبُّ أن أبقى بـ"منى" وأرى أنَّ تربتي منها (وأشار بذلك أنَّه تأتيه المنيَّة في منى) [8].
12: الشيخ عبد الغني الديروي _رحمه الله_:
ولد الشيخ عبد الغني في "ستهانه دار" بمنطقة تيمرجرة (مديريَّة دير) في بيت الشيخ حيدر علي _رحمه الله_، وكان ينتمي إلى قبيلة عريقة من قبائل بختون تسمى "أُتمان خيل"، وتلقَّى الدراسة الابتدائيَّة من أبيه، وتعلَّم بعضَ العلوم عن ابن عمه الشيخ محمد حسن، ثم رحل معه إلى الهند فدرس المنقولَ والمعقول من العلم الدينيَّة على أكابر الشيوخ الكرام والعلماء العظام رحمهم الله رحمة واسعة حتى ذهب أخيرا إلى الجامعة الإسلاميَّة دارالعلوم بـ"ديوبند" وانضم بها ليتناول دراسة الحديث العليا فتخرج منها على يدي الشيخ حسين أحمد المدني، ونال الشهادة.
وطفق يشفي غليلَ ظِماءِ العلوم الدينيَّة بمهارته التدريسيَّة وخبرته النادرة في مدرسة "علي جر"، فدرَّس فيها مختلف العلوم والفنون وأمهات كتب الحديث، وكان نائب شيخ الحديث فيها، وقدِم إلى باكستان بعد ما استقل البلد، وحينئذ بدأ يدرِّس الطلاب العلوم الشتى في بيته إلى ثلاث سنين تقريبًا، ثم استدعي إلى دارالعلوم الحقانيَّة للتدريس في عام 1970م فانضمَّ إلى الهيئة التعليميَّة بها وبقي فيها إلى حين موته [9].
13: الشيخ محمد علي السواتي _رحمه الله_:
كان الشيخ محمد علي نجل عنايت الله وهو من عائلة علميَّة عريقة، وولد في شالفين خوازه خيلة في عام: 1919م، ودرس الدراسة الابتدائيَّة على العلماء العظام بقريته من خِرِّيجي الجامعة الإسلاميَّة دارالعلوم بديوبند (الهند) وغيرهم، والتحق بمدرسة مظاهر العلوم سهارنفور في 1943م، وتخرَّج منها في سنة 1945م بعد ما درس أمهات الكتب في الحديث النبوي الشريف على أيدي المشايخ الكرام كالشيخ محمد زكريا الكاندهلوي والشيخ عبد الرحمن والشيخ عبد اللطيف، ونال الشهادة العالميَّة.
وعُيِّن مدرسًا في جامعة دارالعلوم الحقانيَّة في 1955م، وكان فيها مدرِّسًا إلى يوم وفاته، وتوفِّي إثر نوبة قلبيَّة أصابته وقت الصبح بعدما فرغ من تدريس كتاب "الهداية" الجزء الأخير في الفقه الحنفيِّ، فما إن انتهى من التدريس حتى أطرق على الكتاب فوافته المنيَّة لساعته [10].
وكتب الشيخ سميع الحق في كُنَّاشِه: "درستُ عليه الكافية في النحو، والهداية (بجزئيه الأخيرين) في الفقه الحنفي ومختصر المعاني في علم البلاغة"[11].
14: الشيخ عبد الغفور السواتي_رحمه الله_:
ولد الشيخ عبد الغفور في قرية "خوازه خيله" بولاية "سوات" وأخذ الدراسة الأولى في بيته، ثم درس بعض العلوم على علماء المنطقة إلى أن انتهى منها، ثم سافر إلى المدرسة الأمينيَّة بـ"دهلي" حتى تخرج منها على فقيه الهند الشيخ كفايت الله _رحمه الله_، ثمَّ اشتغل مدرِّسًا في المدرسة نفسها وبقي على ذلك إلى مدة، ولمَّا انقسمت ولاية سوات إلى كُتلتين فاشتغل بالتدريس في مدرسة حكوميَّة أنشأها والي سوات، وشاءت الأقدار أن يكون مدرِّسًا في الجامعة الحقانيَّة، فأراد الشيخ عبد الحق تعيينَه في مدرسته فذهب إلى والي سوات وطلب منه بعثته إلى الجامعة الحقانيَّة، فما كان إلا أن حلَّ هذا الطلب الملحُّ محلَّ القبول عند الوالي، وأذن له بالرحيل إلى الحقانيَّة حسْب ما تمَّ الوفاق على ذلك بينهما، فذهب إلى الجامعة وكان فيها مدرِّسًا إلى أن توفَّاه الله تعالى في 18 شوال 1376هـ الموافق 1957م، _أنزل الله عليه شآبيب رحمته_، وقد دَرَسَ عليه الشيخ سميع الحق عدة كتب منها مير قطبي وشرح الملا الجامي ونحوها من الكتب المهمَّة [12].
15: الشيخ إسرار الحق _رحمه الله_:
كتب الشيخ سميع الحق في مفكرته الشخصيَّة ما مفاده "أنَّ الشيخ إسرارالحق من أعظم الرجال، وتخرَّج
من دارالعلوم ديوبند بالهند، وقد مَنَحَه الله _عزَّ وجلَّ _ مواهبَ عظيمة وقدراتٍ عجيبةً فقد كان صاحب القلم السيَّال الرقراق جدًّا، ومن أحسَنِ عادتِه في زمن طلب العلم أنَّه كان يُدوِّن دروسَ مشايخه العظام ومحاضراتهم في سِجلَّاته الخاصَّة، وألَّف أماليَه لسنن أبي داود وغيره من كتب الأحاديث، ونال إعجاب الشيخ عبد الحق الحقاني كلَّ الإعجاب؛ فإنَّه كان صاحب مكانة سامية لديه حتى صار من أخِصَّائه، وهو من أقدم الأساتذة في الجامعة الحقانيَّة منذ أن تأسَّسَتْ بعد انقسام الهند إلى كُتلتين"، وقد عُرِفَ بالخبرة والمهارة في اللغة والأدب العَرَبيَّيْن، وتلمَّذ له الشيخ سميع الحق في الكتب الابتدائيَّة [13].
إجازاته في الحديث تكريمًا وإعزازً:
قد تشرَّف الشيخ بنيل عدة إجازات التفوُّق في مجالات مختلفة إجلالاً وإكرامًا له من أكبر الجامعات العالميَّة كالجامعة الإسلاميَّة دارالعلوم ديوبند (الهند)، وكذلك أجازه كثيرٌ من كبار المشايخ في الحديث النبويِّ الشريف من مشايخ الحرمين وغيرهم، فمنهم فضيلة الشيخ عباس العلوي المالكي، وشيخ الحديث العلامة فخرالدين بـ"دارالعلوم ديوبند"، والشيخ بدر عالم الميرتي، وشيخ الحديث العلامة نصير الدين الغورغشتي، والشيخ المقرئ محمد طيب القاسمي، والشيخ عبدالرحمن كاملفوري والشيخ عبدالغفور العباسي _رحمهم الله_[14].
تدريسه بالجامعة الحقانيَّة:
وبعد ما تخرَّج من الجامعة وتحصَّل على الشهادة العالميَّة فحينئذ تمَّ تعيينه كمدرِّس مستقل في الجامعة الحبيبة في سنة 1379هـ الموافق 25 ربيع الأوَّل، وبدأ يدرِّس فيها العلوم العربيَّة والإسلاميَّة المتداولة، وذلك من 1958م إلى آخر حياته، وقد حظي الشيخ خلال هذه الفترة الطويلة بتدريس معظم الكتب المنهجيَّة من الصف الأول إلى دورة الحديث، ووَلِيَ تدريس صحيح البخاريِّ والجامع الترمذيِّ منذ نصف القرن الجاري إلى الأوان الأخيرة، وما يجدر بالذكر أنَّ أول راتبه الشهري أخذه من الجامعة هو خمسون روبية، وأما راتبه الأخير في سنة 1416هـ ، هو ألفان وستمائة وتسعون روبية (2690)، وامتنع عن أخذ راتب المدرسة بعدها، وطفِق يقدِّم جميعَ واجباته للجامعة تطوعًا.
صلته بالتصوف وبيعته على المشايخ:
كان الشيخ له صلة وثيقة بالسلوك والإحسان، فقد بايع العلماءَ الموجِّهين ومشايخ التصوف الكبار في الفينة بعد الأخرى، وقال الشيخ بنفسه: لمَّا كنت أدرُسُ دورةَ التفسير فالتمستُ من الشيخ أحمد علي اللاهوري مرة أن يبايعني فسألني عن إذن والدي وموافقته على ذلك، فأجبته بالإثبات فبايعَني بالحب والكرامة في غرفة تخصه، وعلَّمَني لطيفة القلب وأوصاني بممارستها وبترداد "الله هو" ألف مرة، وإضافةً إلى ذلك أمَرَني بأن أحتاط في المأكولات والمشروبات [15].
وكذلك قد استرشد الفاضل العلامة عبدالغفور العباسي المهاجر المدني _رحمه الله_، وذلك لمَّا قَدِمَ فحضر إلى الجامعة الحقانيَّة فبايعه خلقٌ كثير من العلماء والدَّهماء فتقدَّم الشيخ سميع الحق مع من تقدَّم وبايعه بيعة السلوك والإحسان، فأوصاه الشيخ بقراءة الكلمات الآتيات: "اللهم نوِّرْ بالعلمِ قلبي واستَعمِلْ بطاعتِك بَدَني وبَارِكْ وسلِّمْ عليه" وأمره بترداد "يا اللهُ يا سَلامُ يا قويُّ" ثلاث مائة وثلث عشرة مرة.
وإضافة إلى ذلك فإنَّه استفاد حقَّ الاستفادة في باب التصوُّف والسلوك من غيرهم من المشايخ الكرام كما أنَّه بايع شيخَ السلاسل الصوفيَّة العالم عبدالمالك _رحمه الله_ أيضًا، وهو من أجلِّ مشايخ التصوف الذين ينتمون إلى الطريقة النقشبنديَّة.
____________
[1] خود نوشت ڈائری مولانا سمیع الحق.
[6] مولانا سمیع الحق حیات وخدمات، تالیف: مولانا عبدالقیوم حقانی.
[10] مولانا سميع الحق حيات وخدمات:1/49.
[14] مولانا سمىع الحق حىات وخدمات:۱/61.
[15] مولانا سمىع الحق حىات وخدمات:1/53، تالىف: مولانا عبد القىوم حقانى.