الشيخ العلاّمة محمود الحسن الديوبندي رحمه الله
الشيخ العلاّمة محمود حسن الديوبندي رحمه الله هو الشيخ الأجل العلامة البحر الفهامة العلم النابغة الجهبذ ، بقية السلف المجاهد الزاهد العابد الورع ،المحدث الأكبروالمفسرالأعظم وإمام العصر ، العلامة محمود حسن الديوبندي ابن الشيخ العالم الأديب شاعر العربية ذو الفقار علي الديوبندي المتوفى 1322هـ الموافق 1904م . تخرج عليه كبار العلماء في الهند ، ولد عام 1268هـ الموافق 1851م ، وكان على رأس الدفعة الأولى من الطلاب التي التحقت بالجامعة الإسلامية دار العلوم / ديوبند ؛ حيث كان لدى تأسيسها يوم الخميس 15/ محرم 1283هـ الموافق 30/ مايو 1866/ يجتاز المراحل الثانوية من تعليمه ؛ فالتحق بها وتخرّج منها عام 1290هـ الموافق 1873م. و وُلّي التدريس بالجامعة عام 1291هـ / 1874م، ثم مُنِح الترقية و بات رئيس هيئة التدريس بها عام 1308هـ / 1890م. كان آية باهرة في علو الهمة وبعد النظر، والأخذ بالعزيمة ، وحب الجهاد في سبيل الله ، شديد البغض لأعداء الإسلام، كثير التواضع، دائم الابتهال، ثابت الجأش، جيد المشاركة في جميع العلوم العقلية والنقلية ، ومطلعًا على التاريخ ، كثير المحفوظ للشعر، كثير الأدب مع المحدثين والأئمة المجتهدين، تلوح على محياه أمارات التواضع والحلم، وتشرق أنوار العبادة والمجاهدة في وقار وهيبة. وكان أعلم العلماء في العلوم النافعة' وأحسن المتأخرين ملكة في الفقه وأصوله وأعرفهم بنصوصه وقواعده. وضع خطة محكمة لتحرير الهند من مخالب الاستعمار الإنجليزيّ عام 1323هـ / 1905م، وكان يودّ أن يستعين فيها بالحكومة الأفغانية والخلافة العثمانية . وقد هيّأ لذلك جماعة من تلاميذه تمتاز بالإيمان القوي، والطموح، والثقة بالنفس، والتوكل على الله، والحزم وثقوب النظر. وكان من بينها الشيخ عبيد الله السنديّ (المتوفى 1363هـ / 1944م) والشيخ محمد ميان منصور الأنصاري (المتوفى 1365هـ / 1946م) وكان الاتصال يتم بينه وبين تلاميذه وأصحابه المناضلين عن طريق الرسائل التي كانت تُكْتَب على الحرير الأصفر، ومن هنا عُرِفَ نضاله ضدّ الاستعمار بـ حركة الرسائل الحريرية . ولتنفيذ خطته سافر رغم كبر سنه إلى الحجاز عام 1333هـ / 1915م ، وقابل في المدينة المنورة كبار المسؤولين عن الخلافة العثمانية؛ ولكن من سوء الحظّ اطلعت حكومة الاستعمار الإنجليلزي على الرسائل الحريرية عام 1334هـ / 1916م، وألقت عليه القبض عن طريق الشريف حسين أمير مكة – الذي كان قد خرج على الدولة العثمانية – في صفر 1335هـ / نوفمبر 1916م و معه عدد من تلاميذه وأصحابه ، من بينهم الشيخ السيد حسين أحمد المدني المتوفى 1377هـ / 1957م، وسُفِّروا إلى مالطه وسُجِنُوا بها؛ حيث لبثوا فيها نحو 3 سنوات وشهرين، وأطلق سراحهم في جمادى الأخرى 1338هـ / يناير 1920م، و وصل الشيخ الهند يوم 20/ رمضان 1338 هـ الموافق 9/ مايو 1920م وتلقّاه الناس بحفاوة غير عاديّة، وغلب عليه لقب شيخ الهند واستُقْبل في كل مكان استقبالاً لم يعهد الناس مثله . ورغم كبر سنه وضعفه ومرضه وكونه مُحَطَّمًا لطول الأسر في الغربة، لم ير أن يستجم في وطنه ديوبند، وإنما ظل يزور ويجول في أرجاء البلاد يدعو الشعب إلى النضال ضد الإنجليز ومقاطعتهم ، من خلال خطبه و محاضراته . وفي هذه الحالة سافر إلى عليجراه و وضع حجر الأساس للجامعة الملية الإسلامية يوم 29/ أكتوبر 1920م (16 صفر 1339هـ) وقد انتقلت فيما بعد إلى دهلي. ثم اشتد به المرض والضنى حتى استأثرت به رحمة الله تعالى في صباح يوم 18/ ربيع الأول 1339هـ الموافق 30/ نوفمبر 1920م ؛ وذلك في دهلي حيث كان يتلقى العلاج. ونقل جثمانه في اليوم التالي إلى ديوبند، ودفن بجوار أستاذه العظيم الإمام محمد قاسم النانوتوي المتوفى 1297/ 1880م في المقبرة الجامعية التي عرفت بـ المقبرة القاسمية . وقد تشرف رحمه الله بنقل ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأردية وهي من أحسن التراجم الأردية وأكثرها قبولاً و رواجاً، وأضاف إليه تلميذه العلامة شبير أحمد العثماني المتوفى 1369هـ 1989م تعليقات مفيدة عُرِفتْ بـ التفسير العثماني . وقد قام مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة بطباعة هذه الترجمة مع التفسير عام 1409هـ الموافق 1989م بعدد مئات الآلاف و توزيعها على المسلمين في العالم. انظر للتوسّع في ترجمته كتب حياة شيخ الهند للشيخ ميان أصغر حسين الديوبندي و نقش حياة و أسير مالطة للشيخ السيد حسين أحمد المدني و تذكرة شيخ الهند للشيخ عزيز الرحمن البجنوري و حركة شيخ الهند للشيخ السيد محمد ميان الديوبندي الدهلوي و أسيران مالطة له أيضاً و نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر للشيخ الشريف عبد الحي الحسني ، چ و تأريخ دار العلوم/ ديوبند لمؤلّفه الشيخ السيّد محبوب رضوي، ج2. كاتب المقالة: حافظ إم خان