التأسي بأسوة الرسول صلى الله عليه وسلم هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمات
إننا - نحن المسلمين - نعيش في سائر العالم : شرقه وغربه شماله وجنوبه في مآزق ومصائب ومحن؛ فالأعداء يتهموننا بالتطرف والأصولية، ويصفوننا بالعنف والإرهاب، ويسموننا بالتخلف والتدهور، ويفرضون الحظر على نشاطاتنا الدينية والدعوية، ويهجمون على مدارسنا ومساجدنا، ويحاولون تغيير ديننا والقضاء على معالم شخصيتنا الإسلامية، ويقمعون حرياتنا، ويبخسون حقوقنا. ونحن نواجه الاستعمار و الاستعباد، نعاني من الفقر والبطالة، نتعرض للغارات والهجمات الجوية والأرضية. نعيش في ظروف تعصف بكيان الأمة الإسلامية وفي مآزق لانجد منها خلاصا ولا منجاة، ولا نهتدي إلى الخروج من الأزمات والمشاكل المعاصرة، مع حرصنا الشديد على الخروج من هذه المآسي التي تَحل بمجتمعاتنا الإسلامية، وتهدد كياننا.
وهنا نطرح سؤالا: لماذا وقعنا في هذا المآزق؟
والجواب واضح،كان ذلك بسبب الانحراف عن التأسي والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فعلينا أن نجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة لنا في عبادتنا ودعوتنا وخلقنا ومعاملاتنا وجميع أمور حياتنا، وأن نجعله المثل الأعلى لنا في جميع جوانب الحياة.
فالله تعالى شرفنا بالإسلام الذي يحتاج منهجُه إلى بشر يحملونه، ويترجمونه بسلوكهم وتصرفاتهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام حمله، وترجمه بسلوكه وتصرفاته، وحوّله إلى واقع عملي محسوس وملموس، ولذلك بُعِث – صلى الله عليه وسلم- بعد أن قضى من عمره أربعين سنة؛ ليظهر في شخصيةٍ كاملةٍ صالحة ليترجم هذا المنهج، ويكون خير قدوة للبشرية جمعاء. فرسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو إمام الدعاة، وهو القدوة والأسوة والداعية المعلم الذي أمر الله تبارك وتعالى باقتفاء نهجه، قال تعالى: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يوسف:108)، وقال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" (الأحزب:21).
والطريق المنجي من هذه التعاسة هو الرجوع إلى الله تعالى، والاقتداء بالإسلام الجامع الذي اختاره لنا الله بقيادة الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - الذي بين لنا من خلال سيرته كيف نخرج من هذه المآزق والمآسي،فقد واجه -صلى الله عليه وسلم - في حياته التي عاشها في مكة والمدينة أكثر مما نواجه اليوم، فعيلنا أن لا نيأس؛ بل كيف نيأس! وفي حياة النبي صلى الله عليه وسلم ما يسكن نفوسنا الحائرة، ويسلي قلوبنا المضطربة، ويرفع هممنا الحائرة، وعزائمنا الفاترة، ويفرج الكروب التي حلت بنا، ويجلي الغمرات التي أصابتنا.