ومضات من حياة الشيخ سرفراز خان صفدر رحمه الله
وَمَضَاتٌ من حياة
الشيخ سر فراز خان صفدر رحمه الله
الحمد لله القائِل:{كُلُّ مَنْ عليها فَانٍ ويبقى وَجْهُ رَبِّك ذو الجلال والإكرام} ( سورة الرحمن، الآية: 26 ـ 27) والصَّلاة والسَّلام الأتمَّان الأكملان على سيِّدنا محمَّد بن عبدالله وعلى آله وصَحابته القَادَةِ السَّادَةِ البرَرَةِ المتَّقين، وعلى مَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين. أمَّا بعد:
من المعلوم لدى كلِّ واحد أنَّ الكتابة و التَّحرير عن الشَّخصيات العباقرة والعلماء الجهابذة من أصعب الأمور إن لم يكن أصعبها؛ لأنَّها تُوجب ذكاءً حادًّا وذهنًا وقَّادًا وفهمًا سليمًا وعلمًا غزيرًا وقلمًا سيَّالًا والكاتب عاجز عن هذه الأمور الآنفة الذِّكر، ولكنَّ الألفة والمودَّة قد دفعتْني إلى هذا الأمر العظيم فها أنا أكتب بيد مرتعشة وقلم كسير، وإن لم يكن في وسعي أن أستوعب جميع جوانب هذا الموضوع المهمّ فإنَّ ذلك لا يمنعني من أن أقطف من رَوضه زَهْرَةً، وأقتبس من نوره وَمْضَةً، وذلك لأنَّ ما لا يُدرَك كلُّه لا يُترك بعضُه، فلذلك أحببتُ بالمناسبة أن أسوق نبذةً وجيزةً عن حياة العلَّامة النِّحرير الجهبذ الشيخ سرفراز خان صفدر- نوَّر الله مرقده- وجعل الجنَّة مثواه.
هذا ما ذكرتُه في مقالي غيض من فيض وقطرة من بحر فليس في وسعي أن أصف شخصيَّته المرموقة بالسَّرْد فإنَّ فضيلة الشيخ رحمه الله يحتاج إلى كتب ومقالات لإحاطة مآثره الكريمة وميزاته الخاصَّة؛ لأنَّه ما كان عالماً جليلاً فحسب، بل كان محدِّثاً كبيرًا ومربِّياً مثاليًّا ومجاهدًا عملاقًا وبحرًا ذخَّارًا، وتعجَّب العلماء من غزارة علمه واعترفوا بفضله وكرمه، وحُقَّ أن يُقال فيه ما قاله "الفرزدق" الشَّاعر الأمويّ همَّام بن غالب التَّميمي الدَّارمي أبو فارس الملقب بـ "الفرزدق" يخاطب جريرا:
أُوْلَئِك آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ إذَا جَمَعَتْنا يَا جَرِيْرُ المجَامِعُ.
مولده وموطنه:
ولد العلاَّمة المفسِّر المحدِّث الفقيه الدَّاعية سرفراز خان الحنفيُّ مذهباً، الدِّيوبنديُّ مسلكاً، البختونيُّ لغةً الشَّهير بصفدر رحمه الله عام ألف وثلث مائة واثنين وثلاثين (1332هـ) الموافق سنة ألف وتسعمائة وأربع عشرة (1914م) في قرية "جيران دهكي كرمنك بالا" الواقعة حالا في مديريَّة "مانسهرة" فكان ينتمي الشيخ رحمه الله إلى أسرة متديِّنة ذاتِ صلةٍ عميقة بالشَّعائر الدِّينيَّة وهي أسرة متوسِّطة شهيرة بزيادة الكرم والجود.
وما كان يتوقَّعه أحد أنَّه يصبح يوماً ما عالماً عبقريًّا مثاليًّا ونموذجيًّا، ويقوم بأعمال عظيمة في ميادين نشر الإسلام والعلم الصَّحيح وفي مجال الوعظ والإرشاد والجدل ضدَّ الكفرة والجبابرة، ويتقن حجَّته في إحقاق الحقِّ وإبطال الباطل ، وينير تربة الهند وباكستان بنوره السَّاطع.
دراسته الابتدائيَّة:
تلقَّى مبادئ القراءة والكتابة في بيته، ودرس على ابن عمِّه الشيخ سيّد فتح علي شاه القاعدة العربيَّة والقرآن الكريم، ولم يكن له كبير اشتغال بالدِّراسَة الدِّينيِّة إذ ذاك؛ فإنَّه كان يرعى الغنم في غالب الأحيان؛ لأنَّ البيئة الدِّراسيَّة لم تتيسَّر له بالتي هي أحسن في تلك المناطق الرِّيفيَّة، وشاءت الأقدار حتى أسعفه الحظّ وتمَّ التحاقه بمدرسة عصريَّة حتى واصل هذا المسير التَّعليمي إلى الصفِّ الثَّالث.
رحلته السَّعيدة للدِّراسَة الدِّينيَّة:
وقد صار لطيماً منذ نعومة أظفاره، وما كان في حِسبان الحاسبين ولا في خيال المتخيِّلين أنَّه يتطوَّر في علمه، فأشار رجل صالح عليه وعلى أخيه الصَّغير "مولانا الصّوفي عبدالحميد السَّواتي "رحمهما الله إلى جهة المدرسة لمواصلة الدِّراسة الدِّينيَّة فقد انضمَّ إلى المدرسة التي أسَّسها الشيخ غلام غوث الهزاروي ـ رحمه الله ـ وتتلمذ عليه وتعلَّم وتفقَّه على يده كتاب "تعليم الإسلام" وجزءا من نحومير، ثم التحق بمدارس "سيالكوت، ملتان، وكوئته" وتلقَّى مبادئ العلوم حسب المنهج النِّظامي، وأراد أن يتضلَّع من علمه فارتحل للدِّراسة العليا إلى مدرسة أنوار العلوم والمسجد الجامع "شيرانوالة" في گجرانوالة، وتلمَّذ على الشيخ عبد القدير كيملفوري ـ رحمه الله ـ ودرس عليه الهداية في الفقه الحنفي وتفسير البيضاوي، ومشكاة المصابيح في الحديث وغيرها من الكتب المهمَّة، واستفاد من علومه ومعارفه أيَّما استفادة، واستقى من منبعه العذب النَّمير الصَّافي الغزير.
وكان يقول: أكثر من اعتنى بي وبشؤوني من الأساتذة الأكارم هو الشيخ عبد القدير _ رحمه الله _ تلميذ الإمام الجليل الشيخ أنور شاه الكشميري رحمه الله، وإضافة إلى ذلك أنِّي حزتُ الذَّوق الأدبيّ والتقدُّم العلميّ بجهود الشيخ وعنايته الكاملة، ودرس عليه الشيخ صفدرـ رحمه الله ـ العديد من الكتب.
ومن تمام شفقته عليه أنَّ الكتب التي درَّسه في زمن تحصيله فكلَّفه تدريسَها الطلاَّبَ تحت إشرافه يعني أنَّ التلميذ الفائق والنَّابغ تحت إشراف الأستاذ العطوف كان يمرُّ بمرحلة التعلُّم والتعليم معًا لتطوير مواهبه العلميَّة وقدراته الذِّهنيَّة والفكريَّة، ولا يقدِّر هذا إلا من له صِلة قويَّة بهذه الظروف؛ ولذا كلَّما حلَّ به الأستاذ عبد القدير رحمه الله ترك الأعمال المهمَّة والمفيدة التي لا مناصَ له منها، وانشغل بخدمة الأستاذ انشغالا تامًّا.
وأمَّا أخوه الجليل الشيخ عبدالحميد "السَّواتي"ـ رحمه الله ـ مدير مدرسة نصرة العلوم "بگجرانواله" فكان معه في الدِّراسة بيد أنَّه كان متخلِّفًا عنه بسنتين، فأراد الشيخ صفدر ـ رحمه الله ـ أن يتخرَّج من أكبر الجامعات العالميَّة وهي دارالعلوم ديوبند لكن أحبَّ أن يتخرَّج الأخوان معًا، فأجَّل دورة الحديث إلى سنتين، واختاره الشيخ عبد القدير رحمه الله مدرِّسًا بمدرسة أنوارالعلوم لفرط ذكائه في العلوم الدِّراسيَّة فشرع في التَّدريس تحت رعاية الأستاذ المبجَّل، وسرعان ما اشتهر بالتَّدريس في أوساط الطَّلبة، وواصل هذا المسير التَّدريسيَّ إلى سنتين، ثم عاد إلى دراسته (علمًا أنَّه لم يكمل دراسته المنهجيَّة آنذاك)، والتحق مع أخيه الصَّغير الشيخ عبد الحميد "السَّواتي "بأزهر الهند "دار العلوم ديوبند"، وتلمَّذ بها على أساتذتها الأفاضل ومشايخها الأماثل كالشيخ حسين أحمد المدني، والشيخ محمَّد إبراهيم البلياوي، والشيخ إعزاز علي رحمهم الله جميعا وغيرهم من العلماء الأعلام، وتخرَّج من الجامعة الفيحاء "دارالعلوم ديوبند" في سنة ألف وتسعمائة وأربعين للميلاد (1940م) وبذل قصارى جهوده وأفنى عمره في خدمة الإسلام فلِلَّهِ دَرُّه من بشر عظيم.
أشهر شيوخه في دار العلوم ديوبند:
ولا يخفى على أحد أنَّ سماحة الشيخ رحمه الله تعلَّم من الشُّيوخ المَهَرَة والعباقرة في رحاب دارالعلوم ديوبند وارتشف من مناهلهم العِلميَّة العذبة الصَّافية، فوددتُ أن أقدِّم نبذة موجزة عن أساتذته العظام:
1: شيخ العرب والعجم مولانا حسين أحمد المدني رحمه الله: (المتوفى سنة 1377هـ)
ولاريب أنَّ الرَّاحل الكريم تناول العلوم الكثيرة وتلقَّى الدُّروس المختلفة وتَتَلْمَذَ على الشيخ ودرس عليه الكتابين الجليلين الجامع الصَّحيح البخاري وجامع أبي عيسى التِّرمذي.
2: إمام الفلسفة والمنطق مولانا حسين أحمد البلياوي رحمه الله:(المتوفى سنة 1387هـ)
وقرأ عليه سماحة الشيخ كتابا مهمًّا في الحديث النَّبويِّ الجامع الصَّحيح للإمام مسلم خلال إقامته في دارالعلوم ديوبند.
3: شيخ الأدب مولانا إعزاز علي رحمه الله:(المتوفى سنة 1374هـ)
ودرس الفقيد الرَّحيل عليه سنن أبي داؤد والشَّمائل للترمذي.
4:المفتي العلاَّمة محمد شفيع الدِّيوبنديّ رحمه الله :(المتوفى سنة 1396هـ)
ودرس على يده شرح معاني الآثار لأبي جعفر الطَّحاوي، وكذا قد استفاد كثيرا من العلماء ا لأجلاَّء الآخرين في دار العلوم ديوبند كـ الشيخ محمد إدريس الكاندهلوي، والشيخ السيّد عبد الحق، ونافع گل كاكا خيل، والمفتي رياض الدين، والشيخ أبو الوفاء الجهانفوري، والشيخ ظهور أحمد الدِّيوبندي رحمهم الله جميعا رحمة واسعة.
تلاميذه المشاهير:
لا غرو أنَّ الشيخ رحمه الله كان بين تلامذته كـ الأب الوقور يُنبِّههم على الحقائق العلميَّة برفق وهدوء واطمئنان، ويؤثِّر فيهم بروحه وفكره، ولسانه وقلمه، وإخلاصه لله تعالى في رسالته، وقد تتلمذ عليه خلق كثير، وخرج من تحت يديه العلماء الأفذاذ، وأذكر منهم بعض الأسماء المشهورة:
1 ـ الشيخ أبو عمار زاهد الرَّاشدي من گجرانواله.
2 ـ مولانا عبدالقدوس من گجرانواله.
3 ـ الشيخ المفتي جميل خان من كراتشي.
4 ـ الشيخ المقرئ سعيد الرحمن من راولبندي.
5 ـ مولانا عبد الحق بشير من گجرات.
وغيرهم الألوف من عطاش العلوم الذين ارتشفوا من ينابيع علومه الفيَّاضة.
حياته التَّدريسيَّة:
بعدما تخرَّج في دار العلوم ديوبند عن الدِّراسة المنهجيَّة وانخرط في سلك التَّدريس، وعُيِّن مُدَرِّسًا في مدرسة أنوار العلوم بگجرانواله سنة (1941م)، ثم ارتحل إلى مدرسة نصرة العلوم التي أنشأها أخوه الصغير الشيخ عبدالحميد السَّواتي ـ رحمه الله ـ ، وبدأ يُدَرِّس بها إلى آخر حياته أكثر من خمسين عامًا، ودرَّس أمَّهاتِ الكتب في الأحاديث النَّبويَّة والعلوم المختلفة، واستمرَّتْ خدمته في تدريس البخاري والتَّعليم إلى سنة (2001م) وبعدما أنهك مرضه قواه فترك تدريس البخاري، وقضى حياته الثَّمينة للعلم تعلُّمًا وتعليمًا وعملاً، وبرع في علوم التَّفسير والحديث والفقه والعقيدة، وصرف أوقاته في القراءة ومدارسة العلم مع تلامذته وإلقاء الدُّروس القرآنيَّة والمحاضرات العلميَّة، وتلمَّذ عليه خلق كثير من الطَّلبة وانتفعوا من علومه ومعارفه أيَّما انتفاع، وارتووا من معينه العذب، فكلُّ مدينة فيها له بنون تلاميذ.
رحلاته العلميَّة والدِّينيَّة:
وقد كانت له رحلات علميَّة دينيَّة إلى شتَّى البلاد، منها: الهند (ديوبند وكلكته)، وبلاد الشَّام، والإمارات العربيَّة المتَّحدة، وبريطانيا، وجنوب إفريقيا، وأفغانستان، وما إلى ذلك من البلاد والأوطان.
مآثره وخصائله:
لو أردنا أن نستقصي خصاله الحميدة وأخلاقه السَّامية لطال بنا الحديث، وكما عُرف أنَّ شخصيَّة الشيخ رحمه الله غنيَّة من أن تُذكَر فقد عرفها العلماء والدَّهماء، فأكتفي ببعضها ما سمعتُها من الشُّيوخ الكِرام.
مواقف شجاعته:
أمَّا الحديث عن شجاعته فحدِّثْ ولا حرج، لقد كان شجاعاً صامداً أمام الكفرة والجبابرة وجريئاً
يقول كلمة الحقِّ أمام سلطان جائر، ولا يخاف في الحقِّ لومة لائم ومنع مانع.
ذات مرَّة كان سماحة الشيخ رحمه الله يقود موكب حركة نظام المصطفى، فمرَّ الموكبُ من "مسجد بوهر" فحاول قائد الجيش غاية وسعه للحيلولة دونَ زَحْف الموكب ولكن باءتْ محاولاتُه بالفشل، وتقدَّم الموكب إلى الأمام بكلِّ جرأة وشجاعة، فخطَّ قائد الجنود خطًّا معيَّنا، وأطلق صفَّارةَ الإنذار قائلاً: من تعدَّى هذا الخطّ يُطلق عليه الرَّصاص دون إشعار آخر، فأضاف لافتاً إليه الشيخ في غاية البسالة والشَّجاعة: استمع أيُّها القائد بآذان مصغية وقلبٍ واعٍ: إنَّني أكملت عمري المسنون، وبلغت السَّنة الثَّالثة والسِّتين وأتمنَّى الشَّهادة بكلَّ لهفة واشتياق، وتجاوز الشيخ الخطَّ المحدَّد بكل جسارة، وساق الموكبَ أمام الجنود فنُكِّسَتْ رؤوسها وبنادقها من الذُّلِّ والهوان أمام هذا المقدام العظيم.
جهوده لحماية ختم النُّبَوَّة سنة (1953م):
ظهرت في العالم فتن كثيرة، وعمل العلماء ضدَّها بجهود كبيرة، ومن الفتن الكبرى التي وقعت في هذه البلاد هي: (نشأة الفتنة القاديانيَّة) وقد واجه العلماء هذه الفتنة الملعونة للقضاء عليها بجهود بالغة في أرجاء العالم، ولقد كانت للفقيد الكريم جهود مشكورة في حركة ختم النُّبوَّة ضدَّ القاديانيَّة، فقد أسهم فيها برأيه السَّديد، وعلمه الغزير، وبذل الغاليَ والنَّفيسَ ومساعيه الحميدة لها حتى اعتقل _ رحمه الله _ سنة ألف وتسعمائة وثلاث وخمسين (1953م)، وقضى تسعة أشهر في معتقل ملتان لكن لم يتقاعس عن تنشيط هذه الحركة ولو لحين، بل ضاعف جهوده الجبَّارة في إذكائها، وأخوه الكريم الشيخ عبد الحميد السَّواتي ـ رحمه الله ـ سار على وتيرته في هذه المسيرة حتّى ألقي القبض عليه، وبقي في سجن "گجرانواله" ستَّة أشهر.
اهتمامه بالحفاظ على الوقت:
ومن المناسب هنا أن نشير إلى أنَّ الشيخ رحمه الله كان ملتزمًا بالمواعيد ومحتفظاً بأوقاته العزيزة، وكان يحضر المسجد قبل الموعد بدقيقة واحدة؛ ليؤمَّ النَّاس في الصَّلوات، وبالإضافة إلى ذلك أنَّه اقتفى نفس المنوال في تدريسه وتعليمه حتى لم يلاحظ عليه التأخر، ولو كان في الحرِّ الشَّديد أو البرد القارس في نزول الأمطار الغزيرة، وحقًّا ثمَّ حقًّا وصدقًا أنَّه استغلَّ أوقاته وقد كان مضرب المثل في ذلك.
ولا يختلف اثنان عاقلان أنَّ الشيخ ترك للأجيال اللاَّحقة أسوة حسنة في اهتمامه بالوقت، أما آن لنا أيُّها القارئ أن نغتم حياتنا النَّفيسة، ونحافظ على أوقاتنا الثَّمينة، ونعرف قيمتها ولا نقتلها سدى؛ لأنَّ الوقت الذي ينقضي من حياة الإنسان وعمره لا يعود أبدًا، وكما لا يخفى على كل ذي لبٍّ أنَّ الوقت أغلى وأثمن ما في هذه الدّنيا، فقيمة الوقت لا تُقَدَّر بمال أو ثروة.
أولاده:
تزوَّج الشيخ رحمه الله ببنت الشيخ محمد أكبر من گجرانواله ، وولدت له منها بنتان وثلاثة أبناء:
1 ـ الشيخ العلاَّمة عبد المتين خان زاهد الرَّاشدي وبه يكتنى.
2 ـ الشيخ المقرئ عبد القدوس قارن .
3 ـ الشيخ عبد الحق بشير.
ثم تزوَّج بالثانية وهي بنت فيروز خان من مانسهرة فولدت له منها بنت وستة أبناء:
1 ـ الشيخ شرف الدين حامد.
2 ـ الشيخ رشيد الحق خان عابد.
3 ـ الشيخ عزيز الرحمن خان شاهد.
4 ـ الشيخ منهاج الحق خان راشد.
5 ـ المقرئ محمد أشرف خان.
6 ـ المقرئ عنايت الوهاب خان ساجد.
ومن الجدير بالذِّكر أنَّ الأبناء السَّبعة الأفاضل منهم خِرِّيجو المدارس الدِّينيَّة والمدَرِّسون في مدارس شتى، والاثنان منهم قارئان جيِّدان، وأمَّا بناته الثلاث فهُنَّ حافظات القرآن الكريم، ويُعَلِّمْنَ الأخريات تعليمه، ويشاركن في نشر الخير خير مشاركة عاملاتٍ بقول المصطفى والحبيب المجتبى: "خَيْرُكُم مَنْ تَعَلَّم القرآن وَعَلَّمه". (رواه البخاري) فيا سلام يا سلام وبارك الله في هذه الأسرة المباركة العريقة.
نشاطاته في السُّلوك والإحسان:
كما لا يخفى على كلِّ ذي لُبٍّ أنَّ حياة الشيخ رحمه الله كانت حافلة بالمشاغل الدِّينيَّة والعِلميَّة والدَّعويَّة في مختلف مجالات الحياة، وكذا تُعَدُّ حياته الإصلاحيَّة سَبَّاقةً في مجال الإصلاح والسُّلوك، وكان رحمه الله نموذجا مثاليًّا في البساطة والسَّذاجة وفي كلِّ ما يتعلَّق بالأخلاق والسُّلوك ورقَّة القلب وطَيِّب النَّفس، وتلقَّى التَّربية الرُّوحيَّة من رئيس الموحِّدين وإمام المفسِّرين الشيخ حسين علي رحمه الله و صحبه وتناول منه شيئا من تفسير القرآن الكريم، وتكرَّم بإجازته في التَّفسير والحديث والطَّريقة النَّقشبنديَّة، واستفاد من صحبته ومجالسه وبقي على الصِّلة به حتى وافاه الأجل المحتوم.
مؤلَّفاته القيِّمة:
صنَّف الشيخ رحمه الله كتبا قيِّمة ورسائل نافعة تتزايد على خمسين وكلُّها مطبوعة بحمد الله، واستفاد منها العامَّة والخاصَّة استفادة، وتتجلَّى غزارة علمه وتحقيقه في مؤلَّفاته وكتبه العلميَّة، ونذكر ما هو الأشهر منها:
1 ـ ذخيرة الجنان في فهم القرآن.
2 ـ خزائن السُّنن في شرح سنن التِّرمذي لأبي عيسى التِّرمذي.
3 ـ الكلام الحاوي في تحقيق عبارة الطَّحاوي.
4 ـ أحسن الباري لفهم البخاري.
5 ـ تسكين الصُّدور في تحقيق أحوال الموتى في البرزخ والقبور.
6 ـ أحسن الكلام في ترك القراءة خلف الإمام.
7 ـ إزالة الرَّيب عن عقيدة علم الغيب.
8 ـ إظهار الغيب في كتاب إثبات علم الغيب.
9 ـ الكلام المفيد في إثبات التَّقليد.
10 ـ ضوء السِّراج في تحقيق المعراج.
11 ـ هداية المرتاب في طريق الصَّواب.
12 ـ عمدة الأثاث في حكم الطَّلقات الثلاث.
13 ـ توضيح المرام في نزول المسيح عليه السَّلام.
14 ـ تبريد النَّواظر في تحقيق الحاضر والنَّاظر.
15 ـ تفريح الخواطر في ردِّ تنوير الخواطر.
وفاته:
وقد انتقل الشيخ من دار الفناء والغموم إلى دار البقاء والسُّرور، ووافاه الأجل المحتوم يوم الثَّلاثاء التَّاسع من جمادى الأولى سنة 1430ه الموافق الخامس من مايو سنة 2009م عن عمر يناهز خمسة وتسعين عاما، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، وصلَّى عليه نجله وخلفه الرَّشيد الشيخ محمَّد زاهد الرَّاشدي ـ أدام الله بقاءه ـ وكثَّر الله أمثاله.
وكانت جنازته عظيمة مشهودة، شهدها حشد كبيرٌ من العلماء والمشايخ والأصحاب والطُّلاَّب والمحبِّين وعامَّة المسلمين.
وأخيرًا نسأل الرَّحمان أن يرحمه رحمة واسعة، ويغفر له، وأسكنه فسيح جِنانه، ووفَّقَنَا لاقتفاء آثاره، اللهم آمين يا ربّ العلمين.
قصيدة مَدْحِيَّة
ويطيب لي أن أذكر هنا قصيدةً التي قالها الشَّيخ محمَّد عيسى الكورماني ـ أكرمه الله ـ في مدح الشيخ العَلاَّمة مولانا محمَّد سرفراز خان صفدر رحمه الله.
وَلِلهِ حَمْدَاً وَافِيًا مُوَافيًا قبل الثَّناءِ و السَّلامُ على الرَّسُوْلِ وعلى صَحْبِهِ البَرَرَةِ التُّقَى.
فإنَّ الشَّيْخَ محمَّد سَرْفَرَازْ صَفْدَرَ المولى |
|
كان قَدْ أحيَا العِلْمَ والدَّرْسَ والفَضْلَ والسُّنَّةَ |
|
فَوَ اللهِ مَا رَأَيتُه ولَعَلَّ مَا رَأَى هُوَ في عَصْرِه مِثْلَه |
|
في جُهْدٍ لِدِيْنِ الله قَطُّ وَفي المَشَقَّةِ والمِحْنَةِ |
|
وَقَدْ أَبْلى نَفْسَه وَأَهْلَه وَمَالَه وَحَيَاتَه |
|
لِخِدْمةِ الْمِلَّة الْحَنِيْفِيَّةِ السَّمْحَةِ البَيْضَاءِ |
|
وَمِنْ صَنْعَةِ الشَّيْخ أنَّه شَدَّ ردًّا على أَهْلِ الهَوَى |
|
يعني الغُلاَةَ في الدِّين ممَّنْ مَضَى كان أو حَدثًا |
|
فما أتَوْا بجوابٍ صَحِيحٍ وقد مات أكثرُهم |
|
بالحَسْرَةِ والوَيْلِ والبُغْضِ والشَّحْنَاءِ |
|
فيا له مِنْ شَأنٍ لقد فَاقَ أهلَ العَصْرِ آخرَهُم |
|
فِقْهَاً حَدِيْثاً وأثرًا لِسَلَفٍ كان أو عَمَلاً |
|
وفي عِلْمٍ وفي حِلْمٍ وفي خُلُقٍ وفي حُسْنٍ |
|
وفي أَدَبٍ وفي قِرَىً لضيْفٍ وفي صِلةٍ لأرْحَاماً |
|
وجَرَتْ وُفُوْدُ العلمِ من كلِّ شَرْقٍ وغَرْبٍ بحَضْرَتِه |
|
لِتَفْسِيرالقُرْآنِ الَّذي كَرَامَةُ الشيخ فيه قد ظَهَرا |
|
مِنْ ضَبْطِ آثارٍ وحِفظِ أقوالٍ وصِحَّةِ أخْبَارٍ مع الَّدليلِ لها |
|
فلم يُرَ ولم يُسْمَعْ بهذا الطَّريق في أوائلِ الذين مَضَى |
|
وإنَّه لم يَزلْ بِعِلْمِ رِجالِ الحَدِيْثِ مِيْزَاناً لسَبْقَتِه |
|
فليَنْظُرْ كمالُ الصِّدق لي فيما تعرَّضَ مِنْ بَحْثٍ أو تَقَدَّمَا |
|
وماذا يقول محمَّد عِيْسىَ الَّذيْ هُومنْ أدنى تلاميذه |
|
في الشَّيخِ العالِمِ الكبيرِ الَّذي لإسْنَادِه اسْتَجَازَهُ العلماءُ |
كتبه: فضل واحد
خِرِّيجُ جامعة العلوم الإسلامية علاَّمة محمَّد يوسف بنوري تاؤن كراتشي.