هل يمكن لأحد البقاء في غرفة واحدة مدة طويلة!؟
البقاء في مكان واحد لمدة طويلة لم يكن أمرا سهلا، ولا سيما في غرفة واحدة، فالبقاء فيها أكثر من خمسة وعشرين ويوما يجعل الإنسان مريضا، بل لو أٌقول: إن التفكير حوله يجعل دماغ المتفكر يتدوخ، فلذا لا يرضى أحد ببقاء مدة طويلة في غرفة واحدة، إلا اللهم هنالك داع للبقاء فيها، ثم لا سبيل من المفر من البقاء في مكان واحد مدة طويلة...
اليوم لما تفكرت بأن المدة التي قضيتها في غرفتين هي أكثر من خمسة وأربعين يوما ما كنت أصدقه، بل كنت أكذب ذلك الخبر، ولكنه كان خبرا صادقا فلم أتمكن من تكذيبه سوى تصديقه، فصدقته، ولكني كنت حائرا بأني كيف قضيت هذه المدة الطويلة في غرفتين بين جدرانها، وشبانها، ولا أرى فيها الا الجدران والشبابيك والستائر والمصابيح والمروحة ومرغة الهواء وساعة جدارية، فقلت في نفسي: لو لا توفيق الله وفضله وكرمه لما تمكنت من البقاء مثل هذه المدة في غرفة واحدة....
فمنذ أن انكسر عظم فخذي التزمت فراشي، فيوما واحدا كنت في المستشفى التي أجريت فيها عملية جراحيتي، ثم نقلت إلى مستشفى يملكها عمي، وبقيت فيها حوالي ستة وعشرين يوما، فلم أرى فيها شمسا ولا قمرا، سوى ضوءها، فإنه يرى من نافذة تلك الغرفة التي كنت فيها، ثم أذن لي بالذهاب إلى البيت، فنقلت إلى البيت قبل أسبوعين...
فمنذ أن نقلت إلى البيت كنت محبوسا في غرفة واحدة، فبقيت فيها حوالي أسبوعين، واليوم قلت لأخي: أريد أن أتشمس وأريد الخروج من هذه الغرفة، فمن فضلك ساعدني في الخروج، فجزاه الله خيرا أعانني بالخروج من الغرفة، فخرجت، ومشيت على رجل واحدة حتى أتيت إلى سرير أمي الحبيبة، فجلست عليه، وتحدث معها، وشربت الشاي، ثم رجعت إلى غرفتي من جديد... وبعد عودتي إلى الغرفة شعرت نشاطا حيويا في جسدي...
حررت هذا النص في تاريخ 30-03-2020م الإثنين