كيف يمكنك إبعاد الملل ما دمت محبوسا في بيتك
أصبح كل واحد محبوسا في بيته، ويقضي أوقاته حسب ما يشاء، فأحدهم ينام من الصباح إلى المساء، ومن المساء إلى الصباح، وكل مرة عند ما يمل من النوم يطلب شيئا من مأكولات ومشروبات، والبعض ما عندهم شغل سوى الجوال، فأوقاته ماضية بين النوم واستخدام الجوال والحاسوب، فما إن أكمل نومه يشتغل بتواصل اجتماعي عبر الجوال، وإذ انتهت بطاريته فيربطه بشحن، ويأخذ حاسوبه ويشتغل فيه، والبعض الآخرون أوقاتهم تمضي بين كتب ونوم وجوال وحاسوب، حيث إنه يطالع كتابا من كتبه عند ما يمل من النوم، وإذا تعب من مطالعة كتاب يقترب من جواله، ولما يسأم من استخدامه يأخذ حاسوبه حتى يسدل الليل ستائره، فينام...
فكل واحد مخير في اختيار طريقة من طرق لقضاء أوقاته في بيته ما دام هو محبوسا فيه، ظنا بأنها طريقة مفيدة له، وسبب استثمار أوقاته، ويبعد ملله بطريقته الخاصة التي اختارها لتكون مثمرة له، وإن لم يختر طريقة من طرق يمكن أن يكون متعرضا بمرض نفساني، ولذا لا بد من إشغال نفسه فيما يفيده حسب ظنه...
وبما أني أيضا محبوس في بيتي كالآخرين، فأحاول كل يوم قضاء أوقاتي فيما يفيدني، وينفعني، فنظرا إلى نفع وفائدة وضعت بعض الكتب المختارة قريبا من وسادتي، والحاسوب والجوال أيضا وضعتهما قريبا مني حتى عند ما أحتاجه أستخدمه، فأمضي أوقاتي بين مطالعة كتب، واستخدام حاسوب للكتابة، واستعمال جوال للاطلاع على نشرة الأخبار هذه الأيام، وما يجري في داخل البلد وخارجها، وما توجيهات جديدة موجهة من قبل الحكومة إلى سكان البلد، وهذا مما ينبغي الاطلاع عليها حتى لا نواجه أية مشكلة...
لما انتهيت من مطالعة كتاب حول سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اليوم أخذت جوالي كي أنظر فيه ما يفيدني، فاطلعت على تسجيل مرئي عنوانه "لا تحكم على شيء من غلافه"، وهذا العنوان لم يكن غريبا علي، بل سمعته مرارا وتكرارا، ولكن الإنسان عدو لما يجهله، فيكون حريصا على الحصول على معلومات جديدة، فأنا أيضا شغلت ذلك التسجيل المرئي كي أجد فيه درسا جديدا أجهله حاليا، وبهذه النية بدأت أشاهده...
وما شاهدته فيه هو أن أحدا من الشباب قد مر على سيارة، زجاجة نافذتها مفتوحة، ومفتاح السيارة كان مركبا في مفتاح التشغيل، فلما رآه اتكئ عليها من ذلك الجانب حتى لا يراه أحد، وكان متنظرا لعودة صاحب سيارته، فلم يمض وقت قليل إلا وقد ظهر ثلاثة شبان، وكان أحدهم صاحب تلك السيارة، فما إن رآه جاءه مباشرة، ودفعته بشدة، وقال له: لماذا استندت إلى سيارتي، اغرب عن وجهي، فذلك الشاب ذهب ولم يقل له كلمة واحدة، فلما توجه صاحب السيارة إلى سيارته وجد زجاجة نافذته مفتوحة، والمفتاح مركب في مفتاح التشغيل، فعلم مباشرة بأن ذلك الشاب لم يكن مستندا على سيارته فقط، بل كان قصده حفاظا عليها، فذهب خلفه، واعتذر إليه وشكر له على ما فعله لأجل حفاظ سيارته، وانتهى التسجيل المرئي بكلمات " لا تحكم على شيء من غلافه"...
وفيه درس لنا جميعا بأننا لا ينبغي أن نحكم على أحد من ظاهره، بل ننظر ونتدبر ثم نحكم عليه، وهذا ما تعلمته اليوم في حياتي...
حررت هذا النص في تاريخ: 29-03-2020م الأحد