التسوق في الأسواق الأسبوعية في مدينة كراتشي

كانت الأصوات مرتفعة متضاربة، متصادمة بعضها ببعض، فكل بائع يلفت أنظار الزبائن إليه بذكر أوصاف بضائعه بسعر مناسب... فلاحظت كل من يصل إليه صوته كان يذهب ويفحص ما يحتاجه من البضائع، ويساومه لشرائه...

   لمحت من بعد مكانا مخيما، فظننت أن هناك وليمة، أو حفلة سواء كانت دينية أم سياسية، لكن عدد الزوار  كان كبيرا إلى حد ما، فرأيت من بينها أطفالا، شبانا، نسوة، شيوخا...

   فسألت صديقي: ما هذا الذي أراه من مخيم وازدحام؟

   فبدأ ينظر إلي بنظرات الحائر، كأنه أول مرة سمع ما قلت له، وتوقف لحظة عن الإجابة...

   فقال لي: إنني حائر في أمرك، كيف لا يدري مثلك، الذي يسكن في كراتشي أكثر من سبع سنوات، وهو غافل عن تلك الأسواق التي تعقد أسبوعية في أماكن شتى، وهي عادة تكون مخيمة...

فقلت له: هذا من تقصيري، فاعذرني، ثم طلبت منه أنه يأخذني إلى السوق المخيم الأسبوعي حتى أرى ما فيه؟

   فأخذني إليه، فعند ما دخلت لم أجد فيه حوانيت مثل حوانيت الأسواق العادية، وإنما كانت على الأرض، فكل بائع حدد حدوده، بتثبيت المسامير، وربط بها أطراف رداء مفروشة على الأرض، ووضع عليها بضائعه...

ولم يكن هذا الأمر عشوائيا، بل كان تحت النظام والتنسيق، كيلا يتضايق على الزبائن ، المارين من بين الحوانيت... فكان الممر متروكا من أربع جوانب كل حانوت،..

   كانت الأصوات مرتفعة متضاربة، متصادمة بعضها ببعض، فكل بائع يلفت أنظار الزبائن إليه بذكر أوصاف بضائعه بسعر مناسب... فلاحظت كل من يصل إليه صوته كان يذهب ويفحص ما يحتاجه من البضائع، ويساومه لشرائه...

   فوجدت بضائع جديدة، ومستعملة،  لكن بسعر مناسب، فرغب قلبي بشراء شيء، إذ تذكرت أن علي شراء الأكواب الصغيرة للشائ، فقلت لصديقي: ما ذا رأيك لو نذهب إلى حانوت الأواني وأشتري الأكواب، فمباشرة مسك يدي قائلا: تعال من هنا، فكنا نمر من بين الحوانيت المتنوعة حتى أوصلني إلى الحانوت المطلوب، فقلت: ما شاء الله، لاحول ولا قوة إلا بالله، أنت خبير بحوانيت هذا السوق، فقال لي: الحمد لله أعرف جميع الحوانيت...

   فاشتريت الأكواب الصغيرة، وهو أيضا اشترى حقيبتين، حقيبة للحاسوب، وحقيبة لابنه بسعر مناسب...

   ورأيت تقريبا كل ما يتعلق بحياتنا، ومن ضرورياتنا، مثل القماش، والخضروات والفواكه، والأواني والأستار، والأدوات الكهربائية، والأحذية، والحقائب، وغير ذلك ما سواه...

   فتجولنا ساعة واحدة من حيث أننا لم نشعر التعب، وكيفية مضي الوقت... ثم عند الخروج قد أخبرني أن أسعار البضائع في مثل هذه الأسواق مناسبة، وإن شئت شراء أي شيء فاحضر فيه على الساعة الحادية عشرة صباحا، وذلك لأن ذاك الوقت عادة لا يكون السوق مزدحما، وأنت تستطيع زيارة السوق بأكمله في غضون نصف ساعة...

أ.د.خليل أحمد


مجموع المواد : 507
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025