محاضرة الشيخ فضل محمد حفظه الله في مدرسة ابن عباس، كراتشي
لقد نَوَّر أستاذ الحديث الشيخ فضل محمد مد ظله بقدومه وجوه الطلاب في مدرسة ابن عباس تلبية لدعوة تلامذته، فبعد ما أخذ الجلسة مع بعض الأساتذة حضر إلى صف التخصص مُنَفِّذًا رغبة الطلاب، وتلامذته، وألقى محاضرة بالأردية، فطلب مني أحد تلامذته تعريب فحوى محاضرته، فلبيته نظرا إلى أنه من أكابرنا، ثم إن له خدمات للحديث أيضا، ولقد أمضى حياته بين الطلاب وحرم المدرسة، وهذا من سعادتي بأن يوفقني الله تعالى لتعريب كلمات أستاذ الأساتذة، فها هي فحوى محاضرته وموعظته، ليستفيد منها الجميع، وإذا لاحظت في الترجمة خطأ، فلا تنسبه إلى الشيخ -أطال بقائه علينا جميعا- ، بل انسبه إلى الكاتب، على عدم تسجيله نقاط محاضرته بدقة، فأرجو أن تستفيد منها، وتفيد الآخرين أيضا، حتى تكون سبب زرع شجرة طيبة تعطيك ثمراتها وأنت في قبرك.
بداية فحوى محاضرة الشيخ....
قال الله تبارك وتعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعْلَمُ أَنِّي رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ، بُعِثْتُ بِرَفْعِ قَوْمٍ وَوَضْعِ آخَرِينَ»
إنّ العَالَم على ثَلاثةِ أنواعٍ، عَالَم الدنيا، عالَم البرزخ، عالَم الآخرة، فنحن في أحدها، والثاني مُقْبِلُون عليه، و هو المستودع، أما الثالث فنرحل إليه بعد قيام الساعة.
في عَالَم الدنيا الحاكم هو الجسد، أما الروح فهي محكومة، فعلى هذا الأساس لو تأثر أحد بروح ومات ، فالفقهاء يقولون: لا يجب عليه القصاص، لأنه في عالَم الدنيا، والأحكام تتعلق فيها بالجسد.
وفي عالَم البرزخ أجساد الأنبياء محفوظة، وأجساد الشهداء أيضا محفوظة، فإن كانت علاقة الروح بالجسد قوية، فالجسد أيضا يكون محفوظا، وإن كانت ضعيفة، فالجسد ينشق وينفجر.
وفي عالَم الآخرة تجرى على كل منهما أحكام خاصة به مستقلا عن الآخر، فلذا يوم الساعة يقول الروح: إن التقصير في هذا العمل كان من قبل الجسد، والجسد يقول: لا لا، بل التقصير من قبل الروح، وأجلب لكم مثلا حتى يتضح لكم جميعا ما قلت.
كان رجلان يسيران ، أحدهما أعرج والثاني أعمى، فمرّا بحديقة، فاقترح الأعمى على الأعرج أن يحمله على ظهره، وأن يرشده حتى نقتطف الثمار من الحديقة، فلما قَطَفَا الثمار، ففاجئهما صاحبُ الأرض والحديقة، فقال: أنتما مجرمان، سرقتما مالي دون إذني، فقال له الأعمى أنا بريء من هذه الجريمة، لأنني لا أقوى على الرؤية فكيف بإمكاني قطف الثمار من الشجرة، والأعرج أيضا يقول: أنا أيضا بريء لأنني أعرج فلا أقدر على الوصول إلى ثمار الشجرة، فكل واحد منهما يتهم الآخر بأنه هو السارق أصلا، فهناك صاحب الأرض ماذا يقول: أنتما شريكان في الجريمة، لو لم تكن مساعدة كل واحد منكما الآخر لما سرقتما، فنفس القضية تكون بين الروح والجسد يوم القيامة.
ثم قال: أيها الإخوة ابتعدوا عن المعاصي والتزموا بالأمور التالية:
اهتموا بقراءة سورة الكهف كل يوم الجمعة، وليكن في برامجنا اليومية تلاوة جزء واحد من القرآن الكريم يوميا على الأقل، ولا سيما الحفاظ، وقراءة آية الكرسي بعد كل صلاة مكتوبة، لكثرة ورود فضائلها، كما جاء في حديث أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ»
فلنُصبح كلُّنا على قراءة ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ونُمْسي بها أيضا كما جاء في الحديث، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ الثَّلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ، إِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.