بقلم :
الإدارة
يمكنك القراءة في 23 دقيقة و 9 ثوان
العلامة عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي (1159 - 1239)
اسمه ونسبه ومولده:
هو عبدالعزيز بن ولي الله بن عبدالرحيم العُمري الدهلوي، وُلد ليلة الخميس لخمس ليالٍ بقين من رمضان، سنة تسع وخمسين ومائة وألف، وأُرِّخ مولدُه: "غلام حليم".
الدراسة والتحصيل:
تربَّى المترجم عند والده علاَّمة الوقت، فحفظ القرآن، وأخذ العلم عنه، فقرأ عليه وسمع في الحديث وغيره من العلوم قراءةَ درايةٍ وتحقيق، حتى حصلت له ملكة راسخة في العلوم، ولما بلغ ست عشرة سنة توفي والده، فأخذ عن كبار أصحابه، مثل الشيخ نور الله البدهانوي (وتفقه عليه، وتزوج بنته)، والشيخ محمد أمين الكشميري، والشيخ محمد عاشق بن عبيدالله البهلتي، فاستفاد منهم ما فاته على أبيه، وبرع وفاق الأقران.
قال النوشهروي في "تراجم أهل الحديث في الهند" (1/84): بدأ في قراءة القرآن وعمره خمس سنوات، ودرس معه اللغة الفارسية والنحو والصرف، وانتظم في الدراسة وهو في الحادية عشرة من عمره.
وعيَّن والده معلمًا لتدريسه، فدرس الجغرافية والتاريخ سنتين، ثم اهتم به والده بنفسه، فدرس الحديث والفقه، وأنهاها في مدة سنتين، وانتهى من العلوم كلها وهو في الخامسة عشرة من عمره، كسائر أبناء أسرة الشاه ولي الله؛ انتهى معربًا.
تفصيل أخذه وروايته عن شيوخه:
ذكر الشيخ المسند أحمد أبو الخير العطار الهندي في ثبته "النفح المسكي" (74/أ-ب): أنه وجد إجازة للشاه عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي مخرومة من أولها، لا يدرى لمن كتبها.
وصورة الموجود منها:
"وإني بحمد الله أخذت بعض كتب الأحاديث، مثل أحاديث "الموطأ" في ضمن "المسوى"، و"مشكاة المصابيح" بتمامهما قراءة على والدي - رضي الله عنه.
"والحصن الحصين"، و"شمائل الترمذي" سماعًا عليه، بقراءة أخي الأكبر الشيخ محمد.
و"الصحيح" للبخاري من أوله إلى كتاب الحج، سماعًا بقراءة السيد غلام حسين [1].
و"الجامع" للترمذي، والسنن - كذا - أبي داود، سماعًا عليه بقراءة مولوي ظهور الله المرادآبادي.
ومقدمة صحيح - كذا - مسلم، وبعض أحاديثه، وبعض "سنن ابن ماجه"، سماعًا عليه، بقراءة محمد جواد الفلتي.
و"المسلسلات"، و"النوادر"، وشيئًا من "مقاصد جامع الأصول"، بقراءة مولوي جار الله نزيل مكة، وشيئًا من "سنن النسائي"، سماعًا عليه.
وبقية هذه الكتب من الصحاح الستة، قرأتها سماعًا لخلفاء والدي - رضي الله عنه – مثل: مولوي نور الله، وخواجه محمد أمين.
وأخذتها - وغير ذلك من الكتب - إجازة عامة من أفضل خلفائه، وابن خاله، الشيخ محمد عاشق، وخواجه محمد أمين، وإجازته - رضي الله عنه - لهما مكتوبة في كتاب "التفهيمات الإلهية"، و"شفاء العليل" له - رضي الله عنه - وهؤلاء قرؤوا على والدي، مع أن الشيخ محمد عاشق كان شريكًا في السماعة والقراءة والإجازة لوالدي الشيخ الأجل الأكمل، مسند الوقت، ومحدث الزمان، وحافظ العصر، وحجة الله على الخلق، الشيخ أحمد بن عبدالرحيم، المدعو بولي الله العمري الدهلوي: عن شيخه أبي طاهر المدني، وأسانيد والدي عن الشيخ أبي طاهر مكتوبة في رسائل والدي - رضي الله عنه.
قال ذلك بفمه الفقير: عبدالعزيز بن الشيخ ولي الله، في خمس وعشرين من جمادى الأولى، سنة تسع وعشرين بعد الألف والمائتين، من هجرة رسول الثقلين - صلى الله عليه وسلم - في الملوين، مدة لمعان القمرين".
قال أبو الخير: انتهى ما وجدته من إجازته المخرومة أولها.
ونقلها العلامة عبدالحي الحسني بتصرف يسير في "نزهة الخواطر" (7/298).
وقال المترجَم في "العجالة النافعة" (65 ترجمة عبدالمنان عبداللطيف): "اعلم أن الفقير قد أخذ هذا العلم والعلوم الأخرى كلها عن الوالد الماجد - قدس سره - وبعض الكتب لهذا الفن مثلاً: "المصابيح"، و"المشكاة"، و"المسوى في شرح الموطا" من تصانيفه، و"الحصن الحصين"، و"الشمائل" للترمذي: أخذتها قراءة عليه وسماعًا به، بكل الضبط والإتقان والتحقيق، وسمعت أيضًا أطرافًا من أوائل "صحيح البخاري" على طريق الدراية، و"صحيح مسلم" بكامله [كذا]، وبقية الصحاح الستة سماعًا غير منتظم، فقد حضرتُ مجالسه والطلاب كانوا يقرؤون عليه، وأنا أسمع تحقيقاته وتنقيحاته، حتى حصلت لي ملكة معتدة بها في فهم معاني الأحاديث، وإدراك دقائق أسانيدها، بفضل من الله تعالى,ثم بناءً على الطريقة السائدة عند أهل هذا الشأن، حصلت لي الإجازة عن عمدة أحبابه، أمثال الشيخ محمد عاشق الفلتي، والشيخ محمد أمين الكشميري الولي اللهي".
وقال في "بستان المحدثين" (64): إنه سمع من أبيه "المسوى من أحاديث الموطا" بضبط وإتقان تامين.
وقال (213): إنه سمع كتاب أبيه في المسلسلات.
وجاء النص في الوجازة للعظيم آبادي وثبت الخانفوري على تسلسل سماع الأَمَم للكوراني من طريق المترجم عن أبيه.
مرحلة العطاء:
بدأ المترجَم التدريس وهو في الخامسة عشرة من عمره، ولما توفي أبوه خلَفَه في درس التفسير العام وغيره، يقول عبدالحي الحسني (7/299): "كان آخر دروس الشيخ ولي الله المذكور: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، ومن هناك شرع عبدالعزيز، وآخر دروسه كان: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، ومن هناك شرع سبطه إسحاق بن أفضل، كما في مقالات الطريقة".
وقال: "وأما سبطه إسحاق بن أفضل العمري، فإنه كان مقرئه؛ يقرأ عليه كل يوم ركوعًا من القرآن وهو يفسره، وهذه الطريقة كانت مأثورة من أبيه الشيخ ولي الله".
وقال: "وكان - رحمه الله - أحد أفراد الدنيا بفضله، وآدابه وعلمه، وذكائه وفهمه، وسرعة حفظه، اشتغل بالدرس والإفادة وله خمس عشرة سنة، فدرَّس وأفاد، حتى صار في الهند العَلَم المفرد، وتخرج عليه الفضلاء، وقصدتْه الطلبة من أغلب الأرجاء، وتهافتوا عليه تهافت الظمآن على الماء".
وبقي المترجم متصديًا لتدريس العلوم - ولا سيما الحديث - بنفسه نحو عشر سنوات، ثم ابتُلي بالأمراض الشديدة، ففوَّض التدريس لأخويه، اللذَينِ تخرجا عليه: رفيع الدين، وعبدالقادر، قال عبدالحي:
"هذا، وقد اعترته الأمراض المؤلمة وهو ابن خمس وعشرين، فأدَّت إلى المراق، والجذام، والبرص، والعمى[2] ونحو ذلك، حتى عد منها أربعة عشر مرضًا مفجعًا، ومن ذلك السبب فوَّض تولية التدريس في مدرسته إلى صِنْوَيه: رفيع الدين، وعبدالقادر، ومع ذلك كان يدرِّس بنفسه النفيسة أيضًا، ويصنِّف ويُفتي ويعظ، ومواعظه كانت مقصورة على حقائق التنزيل في كل أسبوع يوم الثلاثاء، وكان في آخر عمره لا يقدر أن يقعد في مجلسٍ ساعة، فيمشي بين مدرستيه القديمة والجديدة، ويشتغل عليه خلق كثير في ذلك الوقت، فيدرِّس ويفتي ويرشد الناس إلى طريق الحق، وكذلك يمشي بين العصر والمغرب، ويذهب إلى الشارع الذي بين المدرسة وبين الجامع الكبير، فيتهادى بين الرجلين يمينًا وشمالاً، ويترقب الناسُ قدومَه في الطريق، ويستفيدون منه في مشكلاتهم".
وذكر أن العلماء كانوا يأتونه؛ لأخذ علمه، والأدباء؛ للاستفادة من أدبه، وعرض أشعارهم، وهكذا المحاويج؛ لحاجاتهم، والمرضى؛ للرقية، وغيرهم.
وقال النوشهروي: كانت عادته بأن يلقي درسه يومي الجمعة والاثنين في المدرسة القديمة -وهذه المدرسة في قبضة الهندوس الآن بسبب الفوضى في سنة 1947 - بكوجه جيلان، والمعترضون يأتون عند الشاه ويعرضون ما عندهم، وهو يجيبهم بأجوبة علمية، فيرجعون مطمئنين.
موقفه من الاجتهاد والتقليد:
كان المترجَم - لتوسع علمه، واطِّلاعه على الحديث - مجتهدًا غير متقيد بالمذهب الحنفي، ويعمل بالدليل، كما ذكر نصًّا في فتاواه (ص175 كما في كتاب النوشهروي)، ويظهر عمله بالحديث مما نقله عنه العلامة شمس الحق العظيم آبادي في "عون المعبود" (6/16، 17)، حيث من تعليقه على البخاري شرحه لحديث: ((لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد))، يظهر منه تقيُّده بالحديث، ووافق في ذلك أباه وشيخَ الإسلام ابن تيمية.
موقفه من ضعف المسلمين في بلده:
كان المترجَم يرى تسلط الكفار - ولا سيما السِّيْخ - على المسلمين حوله، وإذلالهم لهم، فكان يصرح بالتألم والنكير لذلك، ويحيي في تلامذته روح الجهاد والتغيير، فكان الأب الروحي - كما يُقال - للحركة التي قام بها المجاهدان أحمد عرفان الشهيد، ومحمد إسماعيل الشهيد، وهما من أبرز تلامذته، وآزرهم خليفته الشاه محمد إسحاق - رحم الله الجميع - ولكن لم يُكتب لهذه الحركة الإصلاحية السلفية أن تتم، ومن أهم أسباب ذلك: تعصب المتعصبين ضدها وخذلانها؛ بل الوقوف مع الأعداء، بحجة أن قادة الحركة من الوهابية!
وسجل التاريخ أن قادة الحركة هم كبار عشيرة وتلاميذ المترجم.
وساق له النوشهروي شعرًا، كتبه المترجم لعمه أهل الله، يظهر فيها موقفه، فيقول:
سَلاَمٌ عَلَى مَوْلَى الجَسِيم الفَضَائِلِ = كَرِيم الوَرَى حَاوِي فُنُونِ الفَوَاضِلِ
حَمَاهُ إِلَهُ العَالَمِينَ عَنِ الأَذَى = وَعَنْ كُلِّ شَرٍّ فِي الخَلِيقَةِ نَازِلِ
وَبَعْدُ فَإِنَّ العَبْدَ يَحْمَدُ رَبَّهُ = عَلَى مَا حَمَاهُ عَنْ صُنُوفِ الغَوَائِلِ
لأَغْدُو وَأَثْوَابُ النَّعِيمِ مَلاَبِسِي = وَأُمْسِي وَأَيْدِي الطَّيِّبَاتِ حَمَائِلِي
وَلَكِنْ أَرَى الكُفَّارَ أَرْبَابَ ثَرْوَةٍ = لَقَدْ أَفْسَدُوا مَا بَيْنَ دِهْلِي وَكَابُلِ
لَقَدْ رفعَ الأَشْرَارُ فَوْقَ خِيَارِنَا = وكل امر اشر يلح بالثناظل[3]
جَزَى اللَّهُ عَنَّا قَوْمَ سِيخٍ وَمِرْهَتٍ = عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلاً غَيْرَ آجِلِ
فَقَدْ قَتَلُوا جَمْعًا كَثِيرًا مِنَ الوَرَى = وَقَدْ أَوْجَعُوا فِي أَهْلِ شَاءٍ وَجَاهِلِ
[لَهُمْ] كُلَّ عَامٍ نُهْبَةٌ فِي بِلاَدِنَا = يَخُوضُونَ فِينَا بِالضُّحَى وَالأَصَائِلِ
لَقَدْ فَسَدَتْ هَذِي الدِّيَارُ وَقَدْ خَلَتْ = عَنِ العَدْلِ حَتَّى قُلْتُ بَلْ كُلُّ قَائِلِ
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مِنْ مُعَاذٍ لِعَائِذٍ = وَهَلْ مِنْ مُغِيثٍ يَتَّقِي اللَّهَ عَادِلِ
ومن حليته وخصاله:
ذكر عبدالحي أنه كان طويل القامة، نحيف البدن، أسمر اللون، أنجل العينين، كث اللحية.
وذكر أنه كان يكتب النسخ والرقاع بغاية الجودة، وكانت له مهارة في الرمي والفروسية وغيرها، وقال: إن مَجالسه كانت من العجائب، بما فيها من الأخبار، والأشعار، والحكايات عن الأقطار البعيدة وأهلها وعجائبها، بحيث يظن السامع أنه شاهدها، مع أنه لم يعرف غير كلكتا، ولكنه كان باهر الذكاء، قوي التصور، كثير البحث عن الحقائق، فاستفاد ذلك بوفود الناس إلى دهلي، وما في المصنفات.
وذكر أن كرمه كلمة إجماع، وكان باذلاً نفسه للشفاعة، والمحتاجين، والمرضى، وغيرهم.
ونقل عن الترهتي أنه كان قوي العارضة، مقدمًا في الأدب والإنشاء، صاحب فراسة وإمامة في تعبير الرؤى، ويأتي النقل قريبًا.
وقال النوشهروي: كان قوي الذاكرة جدًّا، حتى إنه إذا أملى على التلاميذ من حفظه، ثم رُجع إلى الأصل، لوُجد صحيحًا كما أملاه، وكتب الشيخ خادم علي السنديلوي صاحب "تاريخ جدولية" تلميذ تلامذته عنه: ذاكرة الشيخ كنسخة الكتاب المحفوظ.
وأشار في "نزهة الخواطر" (7/427) إلى أن خزانة كتب المترجم كانت نفيسة، ونسخ منها تلميذه قطب الهدى البريلوي.
مؤلفاته:
قال عبدالحي الحسني: "هذا، وللشيخ عبدالعزيز مؤلفات، كلها مقبولة عند العلماء، محبوبة إليهم، يتنافسون فيها، ويحتجون بترجيحاته، وهو حقيق بذلك، وفي عبارته قوة وفصاحة وسلاسة تعشقها الأسماع، وتلتذ بها القلوب، ولكلامه وقع في الأذهان، قلَّ أن يمعن في مطالعته مَن له فهم فيبقى على التقليد بعد ذلك، وإذا رأى كلامًا متهافتًا زيَّفه ومزقه بعبارات عذبة حلوة، وقد أكثر الحطَّ على الشيعة في المسائل الكلامية، وله حجة قاطعة عليهم، لا يستطيعون أن ينطقوا في جواب تحفته ببنت شفة.
وأما مصنفاته:
فأشهرها: تفسير القرآن، المسمى بـ"فتح العزيز"، صنَّفه في شدة المرض، ولحوق الضعف إملاءً، وهو في مجلدات كبار، ضاع معظمها في ثورة الهند، وما بقي منها إلا مجلدان من أول وآخر[4].
ومنها: "الفتاوى في المسائل المشكلة"، إن جمعت ما تحويها ضخام الدفاتر، والميسَّر منها أيضًا في مجلدين[5].
ومنها: "تحفة اثنا عشرية في الكلام على مذهب الشيعة"، كتاب لم يسبق مثله[6].
ومنها: كتابه "بستان المحدثين"، وهو فهرس كتب الحديث، وتراجم أهلها ببسط وتفصيل، ولكنه لم يتم[7].
ومنها: "العجالة النافعة"، رسالة له بالفارسية في أصول الحديث[8].
ومنها: "رسالة فيما يجب حفظه لطالبي الحديث".
ومنها: "ميزان البلاغة"، متن متين له في علم البلاغة.
ومنها: "ميزان الكلام"، متن متين له في علم الكلام.
ومنها: "السر الجليل في مسألة التفضيل"، رسالة له في تفضيل الخلفاء بعضهم على بعض.
ومنها: "سر الشهادتين"، رسالة نفيسة له في شهادة الحسنين - عليهما السلام.
ومنها: رسالة له في الأنساب.
ومنها: رسالة عجيبة له في الرؤيا.
وله غير ذلك من الرسائل.
وأما مصنفاته في المنطق والحكمة[9]، فمنها: "حاشية على مير زاهد"، رسالة، وحاشية على مير زاهد ملا جلال، وحاشية على مير زاهد شرح المواقف، وحاشية على حاشية ملا كوسج المعروفة بـ"العزيزية"، و"حاشية على شرح هداية الحكمة للصدر الشيرازي".
وله شرح على أرجوزة الأصمعي، وله مراسلات إلى العلماء والأدباء، وتخميس نفيس على قصيدتي والده: البائية والهمزية".
وزاد النوشهروي من مصنفاته: "عزيز الاقتباس في فضائل أخيار الناس"، بالعربية، في مناقب الخلفاء الأربعة.
"تقرير دلبذير في شرح عديم النظير" بالفارسية، وترجم للأردية، يتكلم عن أركان الخمسة، في 22 صفحة، طبع.
"هداية المؤمنين" في سؤالات يوم عاشوراء بالأردية، في 32 صفحة، مطبوع في دهلي.
تعليقاته على "المسوى من أحاديث الموطا".
قلت: يظهر أن له تعليقات على عدد من أمهات كتب السنة، فنقل في "عون المعبود" من تعليقه على "صحيح البخاري".
ومن رسائله: "سعادة الدارين في شرح حديث الثقلين"، وهو ردٌّ قوي على الرافضة، وعرَّبه العلامة محمود شكري الألوسي، وطُبع مؤخرًا بتحقيق الشيخ عبدالعزيز بن صالح المحمود.
ومن مراسلاته مع أهل عصره ما جمعه رفيع الدين المراد آبادي، مما أرسله المترجم له في الفوائد الغريبة من التفسير، وأسماها "الإفادات العزيزية"، كما في "النزهة" (7/204).
ومنها: مراسلاته مع حسن علي اللكهنوي، قال في "النزهة" (7/151): في مجموع لطيف.
ومنها: ما جمعه أبو القاسم الهنسوي الفتحبوري، ضمن رسائل العلماء إلى أبي سعيد البريلوي المسماة: "مكتوب المعارف"، كما في "الزيادة على نزهة الخواطر" (8/19).
وله رسالة في الرد على عبدالرحمن اللكهنوي في تفسيره التوحيد بوحدة الوجود، كما في "نزهة الخواطر" (7/284).
وذكر صاحب "النزهة" في مواضعَ متفرقةٍ عدة مراسلات له مع أفاضل بلده.
وجمع ديوان شعر والده الشاه ولي الله.
وقال العلامة محمد زكريا الكاندهلوي في مقدمة "لامع الدراري" (156): إن للمترجم أربعين مخطوطة في مكتبة مظاهر العلوم.
أدبه ونظمه:
قال عبدالحي الحسني: "وكان نسيج وحده في النظم والنثر، وقوة التحرير، وغزارة الإملاء، وجزالة التعبير، وكلامه عفو الساعة، وفيض القريحة، ومسارعة القلم، ومسابقة اليد، وعندي - بفضل الله - جملة صالحة منها، وإن كان يسعها هذا المختصر لأوردت شيئًا كثيرًا ها هنا.
وأما القليل من ذلك الكثير، فقوله:
يَا سَائِرًا نَحْوَ بَانِ الحَيِّ وَالأَسَلِ = سَلِّمْ عَلَى سَادَةِ الأَوْطَانِ ثُمَّ قُلِ
مَا زِلْتُ فِي بُعْدِكُمْ كَالنَّارِ فِي شَعَلٍ = وَالأَرْضِ فِي كَسَلٍ وَالمَاءِ فِي مَلَلِ
أُرِيدُ لَمْحَةَ وَصْلٍ أَسْتَضِيءُ بِهَا = فِي ظُلْمَةِ الهَجْرِ ضَاقَتْ دُونَهَا حِيَلِي
إِنِّي صَلِيتُ عَلَى أُنْسٍ وَتَذْكِرَةٍ = لأَهْلِ وُدِّي وَخُلْقُ المَرْءِ لَمْ يَحُلِ
فَلاَ أَزَالُ بِإِبْكَارِي أُسَائِرُكُمْ = وَإِنْ خَدَمْتُ كِرَامَ الخَيْلِ وَالإِبِلِ
مَا العَيْشُ إِلاَّ خَيَالاَتٌ أُوَجِّهُهَا = إِلَى ذُرَاكُمْ لَدَى الأَسْحَارِ وَالأُصُلِ
أُعَلِّلُ النَّفْسَ بِالآمَالِ أَرْقُبُهَا = مَا أَضْيَقَ العَيْشَ لَوْلاَ فُسْحَةُ الأَمَلِ
لَعَلَّ إِلْمَامَكُمْ بِالدَّارِ ثَانِيَةً = يَدِبُّ مِنْهُ نَسِيمُ البُرْءِ فِي العِلَلِ
أَرْجُو اللِّقَاءَ بِمِيعَادٍ وُعِدْتُ بِهِ = وَالخُلْفُ فِي الوَعْدِ مِنْكُمْ غَيْرُ مُحْتَمَلِ
فَإِنْ عَزَمْتُمْ عَلَى إِنْجَازِ وَعْدِكُمُ = سَعَيْتُ فِي طَلَبِ الأَسْبَابِ وَالوُصُلِ
أَرَدْتُ تَفْصِيلَ آمَالِي فَعَارَضَنِي = خَوْفُ السَّآمَةِ فِي الإِكْثَارِ وَالمَلَلِ
لاَ زَالَ مَجْدُكُمُ فِي الدَّهْرِ مُنْبَسِطًا = وَظِلُّكُمْ فِيهِ عَنَّا غَيْرَ مُنْتَقِلِ"
وأورد له قصيدة في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلعها:
أَلاَ يَا عَاذِلِي دُمْ فِي مَلاَمِي = فَإِنِّي لاَ أَحُولُ عَنِ الغَرَامِ
فَجَفْنِي سَاهِرٌ مَا دُمْتُ حَيًّا = وَقَلْبِي هَائِمٌ وَالدَّمْعُ هَامِي
إلى آخر القصيدة[10].
ومَضَتْ له قصيدةٌ في التألم لأحوال المسلمين في بلده.
خاتمته وعقبه:
في أواخر حياة المترجم أصيب بوفاة إخوانه، ثم استخلف سبطه الشاه محمد إسحاق، ووهبه كتبه، وفوض إليه أموره.
وقال النوشهروي: لما كان الشاه في مرض الموت لم يترك التدريس في هذه الحال، فقال: أجلسوني، وليعضدني رجلان، فإذا بدأت أتكلم فاتركوني، ففُعل ما أمر، وبدأ يتكلم بسكينة، وكان الضعف باديًا، ولكنه تكلم كعادته، وحينما انتهى رفع يديه ودعا الله لأقربائه والمسلمين جميعًا، وأمر ذويه أن يأتوا بجميع ممتلكاته، ففعلوا، وقسمها بين الورثة بنفسه، ثم قرأ الأشعار في مدح الله، وتوفي يوم السابع من شوال سنة 1239، ودفن بمقبرة مهنديان قرب والده؛ انتهى معربًا.
وقال عبدالحي الحسني: "توفي بعد صلاة الفجر، يوم الأحد، لسبعٍ خلون من شوال سنة تسع وثلاثين ومائتين وألف، وله ثمانون سنة، وقبره بدهلي عند قبر والده خارج البلدة".
ونقل أبو الخير العطار في معجمه وفاته بهذا التحديد من خط الشيخ سعد الله الرامبوري.
وقال عبدالستار الدهلوي في "فيض الملك الوهاب المتعالي" (2/1089): "صلى عليه مولانا محمد إسحاق، وبعده الشيخ نصير الدين الدهلوي، حتى صُلي عليه خمسًا وخمسين مرة، رحمه الله، آمين".
وأما ذريته:
فقال النوشهروي: رزقه الله ثلاث بنات: حرم الشيخ الشاه محمد عيسى بن رفيع الدين، وحرم الشيخ محمد أفضل اللاهوري [اسمها عائشة]، والدة الشاه محمد إسحاق والشاه محمد يعقوب، وحرم الشاه عبدالحي البدهانوي، والدة الشيخ عبدالقيوم البهوبالي.
من ثناء العلماء عليه:
قال السيد محمد علي بن عبد السبحان البريلوي صاحب "المخزن": إن أحمد عرفان البريلوي الملقب بالشهيد كان يقول لهم: اذهبوا إلى دهلي، ولازموا صحبة الشيخ عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي، واغتنموه. نقله في "النزهة" (7/34).
قال الشاه محمد إسحاق: "الشيخ المحدِّث الأعلم، والفاضل الأمثل الأكرم، الشاه عبدالعزيز الدهلوي"، كما في إجازة محمد عالم علي المراد آبادي، لمحمد علي أكرم الآروي؛ من معجم العطار (89/ب)، وقال في إجازته لأحمد علي السهارنفوري: "الشيخ الأجل، والحبر الأكمل، الذي فاق بين الأقران بالتمييز"، كما في المصدر السابق.
وقال عبدالحق الخير آبادي (كما في "نزهة الخواطر" 8/239): إن الشيخ عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي كان متبحرًا في العلوم الدينية، عارفًا بالمنطق والحكمة.
وقال الشيخ محسن بن يحيى الترهتي في "اليانع الجني" (73 و74): "هو سيد علماء زماننا وابن سيدهم، لقبه بعضهم سراج الهند... تذرَّى سنام الفضل، واطلع ثناياه، ورقى قلله، برع على فضلاء زمانه، وخضعت له النواصي، وشهد بكماله الداني والقاصي، ولم يزل ما أبقاه الله - تعالى - يزيد علوم الدين رُواءً ونضارة، وبينها بأحسن عبارة، واشتد اشتغاله بها درسًا وتصنيفًا، ومُدَّة في بنيانها ترصيصًا وترصيفًا".
وقال أيضًا (78، 79): "وقد بلغ عبدالعزيز من الكمال والشهرة، بحيث ترى الناس في مدن أقطار الهند يفتخرون باعتزائهم إليه؛ بل بانسلاكهم في سمط مَن ينتمي إلى أصحابه، ومن سجاياه الفاضلة الجميلة، التي لا يدانيه فيها عامة أهل زمانه، قوةُ عارضته، لم يناضل أحدًا إلا أصاب غرضه، وأصمى رميته، وأحرز خَصْلَه، ومِن ذلك براعته في تحسين العبارة وتحبيرها، والتأنق فيها وتحريرها، حتى عده أقرانه مقدمًا من بين حلبة رهانه، وسلموا له قصبات السبق في ميدانه، ومنها فراسته التي أقدره الله بها على تأويل الرؤيا، فكان لا يعبر شيئًا منها إلا جاءت كما أخبر به كأنما قد رآها، وهذا لا يكون إلا لأصحاب النفوس الزاكيات، المطهرة من أدناس الشهوات الردية وأرجاسها، وكم له من خصال محمودة، وفضائل مشهودة.
وجملة القول فيه: إن الله - تبارك وتعالى - قد جمع فيه من صنوف الفضل وشتاته، التي فرقها بين أبناء عصره في أرضه، ما لو رآه الشاعر الذي يقول:
وَلَمْ أَرَ أَمْثَالَ الرِّجَالِ تَفَاوُتًا = لَدَى المَجْدِ حَتَّى عُدَّ أَلْفٌ بِوَاحِدِ
استبان له مثل ضوء النهار، أنه وإن كان عنده أنه قد بالغ فيه، فإنه قد قصر، فكيف الظن بأمثالي أن يحسن عدَّ مفاخرَ، هنَّ أكثر [من] حصى [الحصباء، و][11] من نجوم السماء؟".
وقال عبدالمجيد الخاني في "الحدائق الوردية" (351): العالم المحدث، الواعظ الصوفي، صاحب التآليف النفيسة في التفسير، ومترجم "التحفة الاثني عشرية" التي ليس لها في الرد على الروافض نظير.
وقال عبدالحي الحسني في "نزهة الخواطر" (7/297): الشيخ الإمام، العالم الكبير، العلامة المحدث، عبدالعزيز بن ولي الله بن عبدالرحيم العمري الدهلوي، سيد علمائنا في زمانه وابن سيدهم، لقبه بعضهم سراج الهند، وبعضهم حجة الله.
وذكره عبدالرحمن المباركفوري في مقدمة "تحفة الأحوذي" (1/51) ضمن جماعة قال فيهم: كان كل واحد منهم إمام زمانه في غزارة العلم، وملازمة التقوى، ونهاية في الورع والزهد، رأسًا في التحقيق والإتقان، فقد أُشرب في قلوبهم حبُّ الحديث واتباعه، وامتاز من بينهم الشيخ الأجل، مسند الوقت، الفقيه المفسر المحدث الشاه عبدالعزيز بمزيد الاعتناء بعلوم الحديث والقرآن وسبقهم.
وحين كان عمره سبع عشرة سنة توفي والده المعظم، فانتقل إليه وظيفة التدريس والإفتاء، والإرشاد والهداية، فأكبَّ الناس عليه، وصار مرجعَهم في مهمات الدين والعلوم الشرعية، فلازم التدريس والإرشاد إلى آخر عمره، ودرَّس من سائر العلوم، سيما الحديث والتفسير، فإنه أقبل عليهما بشَراشِره ومجامع قلبه، واعتنى بترويجهما بما لا يُستطاع بيانه، فنشأ بإفاضته العلمية كثيرٌ من العلماء العُباد، والفضلاء النقاد، والجهابذة أولي الإصلاح والإرشاد.
وقال عبدالستار الدهلوي في "ذيل نثر المآثر" (51/أ): هو المولوي المعنوي، الفائق بين الآفاق بالفضل والتمييز، وقال (52/ب): الملقب بملا أعلى، وحجة الله.
وقال في "فيض الملك" (2/1089): تورك سنام المجد والفضل اطلع ثناياه، وبرع على فضلاء زمانه، وخضعت له النواحي، وشهد بكماله القاصي والداني.
وقال فيه (2/1097): أكمل العلماء، وأفقه الفقهاء، وقدوة المحدثين، عمدة الكاملين.
ووصفه المحدِّث أحمد الله الدهلوي في إجازته للقرعاوي (خ) بالشيخ الشهير، العالم الجليل.
وقال عبدالحي الكتاني في "فهرس الفهارس" (2/874): العلامة المحدث المسند، سراج الهند ومحدثه وعالمه، وذكر أيضًا (1/178، 179) أنه ممن أحيا الله بهم الحديثَ والسنة بالهند بعد مواتهما، وأنه كان من الأئمة في الدين، الدعاة إلى صراط مستقيم، وأنه لذلك لا أحلى عنده ولا أجل من السند الذي هو فيه، عن أبيه ولي الله.
وسألت شيخنا العلامة عبدالقيوم الرحماني - رحمه الله -: هل تعتبر رواية شيخك أحمد الله عن نذير، عن الشاه محمد إسحاق، عن جده عبدالعزيز، عن ولي الله - مثل رواية مالك، عن نافع، عن ابن عمر؟ فقال بلا تردد: نعم.
وقال محمد يوسف البنوري في مقدمته "للامع الدراري" (هـ-و): "حجة هذه الأمة الشاه عبدالعزيز؛ بل هو الذي جمع مع علوم العرفاء أرباب القلوب، علومَ المحدثين وأرباب الظواهر، واستبحارًا مدهشًا في علوم الرواية، ودقة مدهشة في فنون الدراية، علوم ناضجة، وأفكار ثاقبة، وأنوار من الغيب لامعة ساطعة، وعلى بصيرة أقول: إن الله - تعالى - خلق شخصًا من شخصين: أحدهما جمع بين أشتات علوم الظاهر، روايتها ودرايتها، منقولها ومعقولها، وهو الحافظ ابن تيمية الحراني، وذلك البحر الزخار، والآخر: جمع بين الحقائق الإلهية، وعلوم العارفين الربانية، مع حظ وافر من علوم الظاهر، وعلوم غريبة من العلوم الدقيقة، وهو الشيخ الأكبر الأندلسي محي الدين بن العربي[12]، جمع من هذين الشخصين العظيمين شخصية كبيرة بارزة، وهو الشيخ الحجة عبدالعزيز الدهلوي، نعم، من كان قادرًا على خلق الماء والنار، هو تدبر على الجمع بين النار والماء، وهو تدبر من تكوين شخص من شخصين متضادين..." إلخ.
وقال محب الدين الخطيب في مقدمة "مختصر التحفة الاثني عشرية": "كبير علماء الهند في عصره شاه عبدالعزيز الدهلوي (1159 - 1239)، أكبر أنجال الإمام الصالح الناصح شاه ولي الله الدهلوي (1114 - 1176)، وكان شاه عبدالعزيز يُعَد خليفة أبيه ووارث علومه، وكان - رحمه الله - مطلعًا على كتب الشيعة، متبحرًا فيها".
وقال الزركلي في "الأعلام" (4/14): مفسر عالم بالحديث.
تلامذته:
انتشر تلامذته في أنحاء الهند، فمِن أهل الطبقة الأولى إخوانه الثلاثة: عبدالقادر، ورفيع الدين، وعبدالغني، وختنه عبدالحي بن هبة الله البدهانوي، وقرأ عليه المفتي إلهي بخش الكاندهلوي، والسيد قمر الدين السوني بتي مشاركًا لإخوته في القراءة والسماع، وسمع عليه الشيخ غلام علي بن عبداللطيف الدهلوي "صحيح البخاري"، وقرأ عليه السيد قطب الهدى بن محمد واضح البريلوي الصحاح الستة.
ذكر ذلك عبدالحي الحسني، وقال: وأما غيرهم من أصحابه، فإنهم قرؤوا على إخوته، وأسندوا عنه، وحضروا في مجالسه، وسمعوا كلامه في دروس القرآن، واستفادوا منه إلا ما شاء الله.
قلت: وأسرد بقية تلاميذه مجموعين من "نزهة الخواطر"، ومن ترجمة النوشهروي، و"فيض الملك"، ومشيخة العطار، وغيرها.
سبطه الشاه محمد إسحاق (وهو خليفته، وقرأ وسمع عليه الستة وغيرها)، وابن أخيه محمد إسماعيل بن عبدالغني الملقب بالشهيد، وأحمد بن عرفان البريلوي الملقب بالشهيد، وآل رسول المارهوري، وأحمد سعيد المجددي (وله منه إجازة)، وإسحاق بن محمد عرفان البريلوي، وإمام الدين الدهلوي (الملقب الحجة اللهي، نسبة إلى المترجم حجة الله)، وإمام الدين الكاندهلوي، وأمين الله العظيم آبادي، وبزرك علي المارهروي، وبشارة الله البهرائجي، وبناه عطاء السلوني (أجازه مكاتبة)، والقاضي ثناء الله الباني بتي (وكان المترجم يلقبه: بيهقي الوقت؛ لتبحره بالحديث والفقه)، وجعفر علي العلوي الكَسْمَندوي، والمنشي جمال الدين الدهلوي، وجيلاني الفاروقي، ومرزا حسن علي الهاشمي اللكنوي (وله منه إجازة)، وحسن القنوجي (والد صديق حسن خان)، وحسين أحمد المليح آبادي (حضر عنده ثلاث سنوات، وأخذ إجازته سنة 1238)، وحنيف الدهمتوري، وحيدر علي الطوكي، وحيدر علي الفيض آبادي، وخرم علي البلهوري، وخليل الرحمن الخوشابي، ورحمن بخش جشتي، ورشيد الدين الدهلوي، والشاه رفيع الدين، ورمضان علي أمرهوي، ورؤوف أحمد المصطفى آبادي، وسراج أحمد الخورجوي، وسلام الله الدهلوي، وسلامت الله بدايوني الكانفوري (وله منه إجازة)، وسناء الدين البدايوني، والمفتي صدر الدين خان الدهلوي، وضياء الدين البرهانبوري، وظهور الحق البهلواروي (وأجازه مكاتبة)، وعبدالله الإله آبادي، وعبدالحق العثماني، وعبدالخالق الدهلوي، وعبدالرحيم الكوركفوري، وعبدالعزيز بن إلهي بخش الدهلوي (قرأ عليه "المشكاة")، وعبدالعزيز النصير آبادي، وعبدالقادر الحيدر آبادي (وله منه إجازة)، وعلي كبير المجلي شهري، وعياض خان باجوري أكبر آبادي، وغلام جيلاني البريلوي، وغلام جيلاني الرامبوري، وغلام حيدر الدهلوي، وغلام علي الجرياكوتي، وفضل الحق الخيرآبادي، وفضل حق المعروف غلام مينا ساحر كاكوري، وفياض خان بلاسفوري، وقطب الهدى الراي بريلوي، وكرم الله الدهلوي، وكريم الله الجعفري الدهلوي، ومير محبوب علي الدهلوي (وله منه إجازة)، ومحمد بن خدا بخش الباني بتي، ومحمد سعد الله المراد آبادي، ومحمد شكور الجعفري المجلي شهري، والشاه محمد يعقوب (قرأ عليه "الجلالين"، ونص عبدالحي الحسني أنه أجازه)، والشاه مخصوص الله بن رفيع الدين الدهلوي (وكان مقرئًا في درس عمه المترجم)، ومظهر علي الكروي، ووحيد الدين الفلتي، ونصر الله الدهلوي، ونظام الدين الكشميري، ويحيى الزاهد الفارسي، وأبو سعيد بن صفي الدهلوي (وله منه إجازة، وهو والد الشاه عبدالغني).
وممن أخذ عنه من خارج الهند من الرحالة: أحمد بن محمد الشرواني، وخالد الكردي النقشبندي (وله منه إجازة).
وآخر مَن بقي من مشاهير الآخذين عنه بالسماع والإجازة: الشيخ المعمَّر فضل الرحمن بن أهل الله البكري المراد آبادي (ت1313)، سمع منه الحديث المسلسل بالأولية، والمسلسل بالمحبة، وطرفًا صالحًا من "الجامع الصحيح" للإمام البخاري - قال تلميذه عبدالحي الحسني: كما أخبرني بلفظه - وقال العطار في "معجمه": إن شيخه فضل الرحمن بعد أن سمع الأولية من المترجم، طلب منه أن يملي عليه بعض ما يتعلق بشرحه، ففعل، وذكر أنه أجازه.
رحمه الله رحمة واسعة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] هنا كلمة رسمها في "النفح المسكي" كأنه: "التميني"، وفي "نزهة الخواطر": "المكي"، وأظنه "الصَّمدني" المذكور من تلامذة الشاه ولي الله في الحديث، كما في "نزهة الخواطر" (7/387).
[2] أخبرني فضيلة الشيخ عبدالقدوس نذير الهندي بها: أن من المشتهر عندهم هناك أن الرافضة قاموا بتسميم المترجم، محاولين قتلَه؛ لمواقفه منهم، مما سبَّب ذهاب بصره، وبعض الأمراض الأخرى.
وأفاض عبدالحي الحسني في ذكر ما ابتُلي به المترجم من أمراض وأوجاع، لا يحتملها إلا مَن أفرغ الله عليه صبرًا ومعونة، ثم قال: "ولعلك تتعجب أنه كان مع هذه الأمراض المؤلمة، والأسقام المفجعة: لطيف الطبع، حسن المحاضرة، جميل المذاكرة، فصيح المنطق، مليح الكلام، ذا تواضع وبشاشة وتودد، لا يمكن الإحاطة بوصفه"، وعاش المترجم مريضًا بضعًا وخمسين سنة، ضاعف الله له الأجور.
[3] هكذا في المطبوع، ولم يظهر لي تصويب عجز البيت.
[4] قلت: رأيت منها مجلدًا ضخمًا مخطوطًا في مكتبة الجامعة العالية العربية في مَوُو، وآخره بحاجة لترميم.
وقال النوشهروي: المجلد الأول يحتوي من سورة الفاتحة حتى ربع {سَيَقُولُ}، والمجلد الثاني من {تَبَارَكَ الَّذِي} وعم يتساءلون فقط.
[5] قال النوشهروي: كان الناس يعتمدون فتاواه حتى خارج الهند، كما يظهر من رسالة الشيخ الملا الرشيدي المدني من القسطنطنية إليه: "أيها الشيخ الشاه، يتقبل الناس منك في العالم الاسلامي، حتى إنهم إذا يفتي العلماء في مسألة وختموا عليها، فالناس يبحثون عن ختمك في الفتيا، وإذا لم يكن ختمك عليها، فلا يأخذونها بذاك الاحترام والتقدير، ولو زرتنا فستشرفنا زيارتك، وسيقدمك ملك الأتراك كذلك (تحيات طيبة)". انتهى معرَّبًا.
[6] كتبه بالفارسية، وعرَّبه الشيخ غلام محمد الأسلمي، واختصره العلامة محمود شكري الألوسي، واشتهر مختصره في الآفاق، وأما الأصل فقد حقق كاملاً في رسائل جامعية في جامعة الإمام بالرياض، وقد استفاد فيه من "منهاج السنة"؛ لابن تيمية؛ كما قال شيخنا الفريوائي في مقال بمجلة البحوث الإسلامية بعنوان: "شيخ الإسلام ابن تيمية: علومه، ومعارفه، ودعوته في شبه القارة الهندية".
وقال النوشهروي: انفضحت أسرار الشيعة؛ بسبب كتاب الشاه ولي الله "إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء"، ولكن كتابه "التحفة الاثني عشرية" فضح الشيعة أكثر من كتاب أبيه، وكان علماء أهل السنة يهتمون بهذين الكتابين كثيرًا في الرد على الشيعة ومناظرتهم، حتى صاحب "منتهى الكلام" الشيخ حيدر علي الفيض آبادي، لم يستغنِ عن "التحفة الاثني عشرية"، وكان عالمًا كبيرًا معروفًا بين الناس. اهـ معربًا.
وكان العلامة رحمة الله بن خليل الكيرانوي ترجم بعضها، وحال الموتُ دون الإتمام.
[7] بالفارسية، وطُبع تعريبه لفضيلة الشيخ البحاثة محمد أكرم الندوي - وفقه الله - وعرَّبه أيضًا محمد إشفاق السلفي، ويظهر في الكتاب سعة اطلاع المترجم على كتب الحديث.
[8] وفيه أسانيده أيضًا، بالفارسية، وطُبع تعريبه في دار الداعي بالرياض.
[9] ذكر في "نزهة الخواطر" (7/87) أن تلميذ المترجم إمام الدين الدهلوي جمع تعليقاته على كتب المنطق والحكمة في مجلد.
[10] ولعلها من شعره في بعض أطواره التي لم يستقر عليها؛ لأن فيها ما يُستنكر شرعًا من طلب التفريج من الجناب النبوي، بينما في كتابه في الرد على الرافضة، نعى عليهم صرفَ مثل ذلك لغير الله، ونص على ذلك في بعض كتبه (انظر: "جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية" 2/1147)، ومواقف تلميذيه الكبيرين الشاه إسحاق ومحمد إسماعيل الشهيد، معروفة في نصرة مسائل التوحيد - والثاني ألَّف كتابه "تقوية الإيمان" أو "رد الإشراك" في حياة المترجم كما يظهر - وهما تخرجا به في الأصول والفروع، وكان يعتز بهما اعتزازًا بالغًا، وكان يردد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 39]؛ بل حركة أحمد عرفان الشهيد الإصلاحية منطلقة من دعوة الشاه عبدالعزيز، وكانت توصم بالوهابية - كما قال شيخنا بالإجازة أبو الحسن الندوي وغيره - لمواقفها في نصرة التوحيد، ودحر البدعة؛ بل ردَّ أحد متعصبة الحنفية على المترجم والشاه إسماعيل في مسائل التوحيد، وهو محبوب علي السنبهلي.
وأنبِّه كذلك أن المترجم كان متأثرًا بالتصوف وعلم الكلام كغالب علماء عصره، ولكن لم أرَ في النقول عنه غلوًّا أو انصرافًا عن السُّنة كغيره؛ بل كان على العكس مشتغلاً بالسنة، عاملاً بها - رحمه الله - ولا بد من مراعاة ظروف التطور والتصفية نحو السنة، من سلسلة مشايخ أبيه، إلى والده الشاه ولي الله، ثم المترجم، ثم من بعده، إلى أن استقرت عند السيد نذير حسين ومدرسته.
بل نجد في رسالة المترجم للحافظ صدر الدين الحيدر آبادي (نقل بعضها في "نزهة الخواطر"، ترجمة أحمد السرهندي) إنكارَه على الصوفية الوجودية، وتصريحه بإلحادها، وألف رسالة في الرد على عبدالرحمن اللكهنوي في قوله بوحدة الوجود.
[11] ما بين معكوفتين استدركته من نقل "نزهة الخواطر".
[12] قلت: هذا بحسب اعتقاد القائل وتحسينه الظن بابن عربي، كما كان منتشرًا عند علماء الهند وآخرين سواهم من المتأخرين، وإلا فالكلام عليه بات معروفًا عند أهل السنة، وأُفردت المؤلفات في زيغه وضلاله، ومن أعيان من كتب فيه: التقي ابن تيمية، والتقي الفاسي، والبرهان البقاعي، والشمس السخاوي، وتوسع في جمع الأقوال عنه صاحبنا الشيخ دغش العجمي الكويتي - وفقه الله - وتكلمت عنه في رسالتي "دفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته المطهرة" (101)، وأوسع منه في "الإزهاق لأباطيل الإغلاق" (148 - 162) المطبوعان ضمن "مجموع في كشف حقيقة الجزء المفقود (المزعوم) من مصنف عبدالرزاق".
بقلم: محمد زياد التكلة