18 ديسمبر اليوم العالمي للغة العربية
18ديسمبر
اليوم العالمي للغة العربية
بقلم: الشيخ الدكتور/ أبي لبيد ولي خان المظفر
الحمد للذي نزل القرآن بلسان عربي مبين، والصلاة على النبي العربي خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه وشعبه ومن والاه، وسلم . وبعد:
من الذي لا يعرف أن لكل مخلوق لغة، سواء كان إنساناً أو غيره من الحيوان والجماد، وكأن هذه الآية تدل عليه : {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}. فكلام السماء والأرض ثابت مع الله تعالى عند عرض الأمانة عليهما: {فأبين أن يحملنها وأشفقن منها}. وخطاب الله تعالى للنحل :{أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر...}. وخطاب النملة للنمل: {يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده}. ومكالمة الأحجار والأغصان مع النبي العربي الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ثابتة بالسنة. وبالجملة أن الله تعالى أو جد لمخلوقاته لغات ولهجات وألسنة مختلفة ليناقشوا ويخاطبوابها بعضهم بعضاً، ومن بين هذه المخلوقات حيوان ناطق يسمّى بالإنسان، والحيوانات الأخرى دونه فهي ناهقة صاهلة وذوخوار و....و.....
وهذا الإنسان أشرف المخلوقات لعقله وحمله أمانة الله تعالى، فهو خليفة الله تعالى في الأرض، قَوَّام نظام الله تعالى الذي قرره لعباده في الأرض، فلغات الإنسان ولهجاته كثيرة حتى يصعب إحصاءها وتعديدها، وقيل: ألسنة الإنسان هي تزيد على ألف لغة، واللغات العالمية المعترف بهاهي كماتلي: اللسان العربي المبين، واللغة الإنكليزية والفرنسية والروسية والصينية، فاللسان العربي لسان قد نشأ مرحلة إثر مرحلة من الحجاز إلى العالم كله، وهذا اللسان محبوب ومرضي عند أكثر الناس، سواء كان يستطيع التخاطب به أم لا،أما اللغات الأخرى العالمية فإنها ما تطورت تطوراً طبيعياً، وهي ليست لغات التخاطب على الساحات الدولية لصلاحيتها وحسنها وجمالها التخاطبي، ولكنها لغات إستعمارية فبالإستعمارات صارت كأنها لغات عالمية، وهذا أظهر من الشمس أن هذه اللغات لا تصلح للتخاطب العالمي بطريق أحسن لعدم صحة مقاييسها وعدم تواجد متكلميها وجذورها في كل مكان وزمان وكل دولة، ثم إن اللغة العربية هي أقدم لغة حية فى العالم، لم يعترها التغيير والتبديل وهي وعاء الحضارة الإسلاميةوالإنسانية الغراء شرقاً وغرباً ،وبها نزل القرآن الحكيم دستورالمسلمين وبها تحدث خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم ،فالعربية ليست مجرد لغة بل هي لغة دين وحضارةوثقافةوتمدن ،وإتصال عالمي وخزينة العلوم الإسلامية كالفقه والتفسير وأصولهما والتاريخ والنحو والصرف والعقائد والكلام والفلسفة والعلوم الجديدة، واللسان العربي ترجمان الإسلام وأمين ذخائرالكتب الإسلامية والأدبية والحضارية، واللغة العربية هي أداة فهم للوحي الإلهي المتلو وغيره.
ولو لم يهتم بأمرها رؤساء الدول الإسلامية والعلماء والمسلمون والشخصيات الإسلامية البارزة والمؤسسات والإدارات الإسلامية والمدارس والجامعات العربية والملحقيات الثقافية،ولم يجتهدوا لها جهوداً جادة فربما أن تحرم هذه الأمة عن ورثة أسلافها من النبيين والصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء وعن روح الإسلام وعن خزانات العلوم والفنون ولله در هذه اللغة الشريفة حيث تنادي بلسان الحال:
أيُطربكم من جانب الغرب ناعب * ينـادي بوأدي في ربيع حيـاتي
أرى كـل يوم بالجرائد مزلقـاً * مـن القـبر يـدنيني بغير أنـاة
وسعـت كتـاب الله لفظاوغاية * ومـا ضقت عن آي به وعظـات
فكيف أضيق اليوم عن وصـف آلة * وتـنسيق أسمــاء لمـخترعـات
والقرآن ما نزل باللغة العربية فقط بل يدعو إلى فهمها وتفهيمها ،ويفرضها الإسلام فرض عين على العلماء والمثقفين وفرض كفاية على العامة،والقرآن يحمل لواء فصاحتها وبلاغتها وبراعتها وبيّن الله تعالى هذه الحقيقة الواضحة مراراً في كثير من آيات القرآن الحكيم بأنها فصيحة وبليغة ولسان مبين، وهي طاهرة من التكلفات الزائدة، كما أن الوصول بها إلى المعاني والإدراك بها سهل جداً، حينما يتفكر أحد في معانيها وآدابها ووسعتها وسهولتها ومرونتها يتبادر ذهنه وفكره، إلى أن الله تعالى إنما انتخبها لكلامه لأنها أفضل لغة بين اللغات الأخرى المتداولة ولتكون لغة التخاطب العالمي للإنسانية جمعاء،ولكن من المؤسف جداً أن بعض المدارس والجامعات الدينية وبعض الدول والحكومات الإسلامية لم تتخذها لغة رسمية حتى الآن، وسبقت عليهم الأمم المتحدة بأنها جعلت 18 ديسمبر كيوم عالمي للغة العربية ،كما اعترفت بها سابقاً كلغة رسمية لها من بين اللغات الخمس العالمية، فنقدِّم كل كلمات التقدير والاحترام والتهنئة لمنظمة الأمم المتحدة و القائمين عليها وقادتها وزعمائها بهذه الخطوات الرائعة البناءة .
كمانسأل الله تعالى أن يوفق أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، والعرب كلهم بغض النظر عن تخصصاتهم وأوطانهم ومللهم ونحلهم،والأناسي جميعاً ـ مسلمين وغيرهم ـ لنشرها وإشاعتها وتعليمها في ربوع العالم شعوباً وأفراداً، ومؤسسات وجمعيات،ومدارس وجامعاتٍ.
وصلى الله على النبي العربي محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ الدكتور/ولي خان المظفر
رئيس المجمع العالمي للدعوة والأدب الإسلامي