الصبر في الوضع الذي يعيشه المسلمون اليوم
كلنا يعلم أن المسلمين في هذه الأيام تتعرض للأزمات والمصائب المختلفة الشديدة، ولكن الأزمات التي تتصاعد شيئا فشيئا في بلاد المسلمين ليست شرا محضا؛ بل قد تحمل في ثناياها عبرا كبيرا وخيرا كثيرا، فإن كل المحن والشدائد رغم مرارتها وآلامها إلا أنها تحمل في ثناياها منحاً ربانية وبشرى سارة؛ تخفف من المصاب، وتقوي العزيمة، قال الله – تعالى -: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104]. ويمكن أن تكون الأزمات فرصة للتحول إلى التوبة والرجوع إلى الله، وإن هذه الأزمات تذكر الأمة الإسلامية بالعودة الصادقة إلى الله - عز وجل – وتريد أن تدفعهم إلى حسن الصلة بالله سبحانه وتعالى، واللجوء إليه؛ فإن ذنوبنا التي ارتكبنا بها هو الذي نزلت لنا هذه الأزمات عقوبة لنا وابتلاء، فتوبتنا تنزل الرحمة الفرج، قال الله تعالى {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } [الشورى: 30]، وقال سبحانه: {أَوَ لَـمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ} [آل عمران: 165]، وقال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} [النساء: 79]، وذمَّ الله – عز وجل – الكافرين الذين لا يتّعظون بالفتن، فقال سبحانه: {فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43]. لابد للناس أن يستحث عند نزول الفتن أن يتضرع إلى الله، والاشتغال بعبادته تعالى كما قال سبحانه تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة: ٥٤]، فإن الرجوع إلى الله تعمر القلب بالطمأنينة، وتملؤه بالراحة، وتزيل عنه الخوف، وتذهب الوحشة من النفوس، ويستنزل بها نصر الله – تعالى - وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها: بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم).