حكم حديث: يا أباذر تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك وتدخل الجنة وحدك
س : لو تكرمتم ساداتي صحة القصة : وكان أبو ذر رضي الله عنه تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أيام، وذلك أن جمله كان أعجف فلحق بعد ثلاثة أيام ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه، وحمل ثيابه على ظهره. فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كن أبا ذر، فقالوا: هو أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدركوه بالماء فإنه عطشان، فأدركوه بالماء ووافى أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه أداوة فيها ماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له: يا أبا ذر معك ماء وعطشت ؟ فقال: نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي انتهيت إلى صخرة وعليها ماء السماء فذقته فإذا هو عذب بارد، فقلت لا أشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله له: يا أبا ذر رحمك الله تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من العراق يتولون غسلك، وتجهيزك، ودفنك. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: 21/215].
الجواب حامدا ومصليا :
المصدر المذكور في آخر القصة : بحار الأنوار للشيعة والمجلسي من علمائهم، وهذه القصة بهذا السياق والألفاظ يروونها في كتبهم ، كما ذكرها محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي في المسترشد، والفيض الكاشاني الشيعي في تفسير الصافي ، وعلي بن ابراهيم القمي الشيعي في تفسيره ، ومحمد حسين الطباطبائي الشيعي في تفسيره.
وأخرج بعضها الحاكم في المستدرك على الصحيحين (معه تعليقات الذهبي في التلخيص) 4/ 113 بسند ضعيف ومرسل : وقال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : حدثني يزيد بن سفيان [ وهذا تصحيف، والصواب : بريدة بن سفيان] عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لما سار رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول : دعوه إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم و إن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه حتى قيل : يا رسول الله تخلف أبو ذر و أبطأ به بعيره فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : دعوه إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم و إن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه فتلوم أبو ذر رضي الله عنه على بعيره فأبطأ عليه فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره فخرج يتبع رسول الله صلى الله عليه و سلم ماشيا و نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم في بعض منازله و نظر ناظر من المسلمين فقال : يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كن أبا ذر فلما تأمله القوم قالوا : يا رسول الله هو و الله أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رحم الله أبا ذر يمشي وحده و يموت وحده و يبعث وحده. فضرب الدهر من ضربته و سير أبو ذر إلى الربذة فلما حضره الموت أوصى امرأته و غلامه إذا مت فاغسلاني و كفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمرون بكم فقولوا هذا أبو ذر فلما مات فعلوا به كذلك فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة فقالوا : ما هذا فقيل : جنازة أبي ذر فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي فقال : صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم يرحم الله أبا ذر يمشي وحده و يموت وحده و يبعث وحده فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه فلما قدموا المدينة ذكر لعثمان قول عبد الله و ما ولي منه. قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص : فيه إرسال.
وقال الزيلعي (المتوفى : 762هـ) في تخريج أحاديث الكشاف (2/ 107) : قلت : رواه الحاكم في مستدركه في كتاب المغازي من طريق ابن إسحاق ، وسرد الحديث يسنده ومتنه كما ذكرنا ثم قال : وعن الحاكم رواه البيهقي في دلائل النبوة في باب غزوة تبوك بسنده ومتنه سواء. وذكر ابن هشام في سيرته في غزوة تبوك عن ابن إسحاق بسنده المذكور ومتنه.
وهذا الحديث مرسل وضعيف ، أما الإرسال لعدم سماع محمد بن كعب القرظي من ابن مسعود رضي الله عنه .
قال المناوى في التيسير بشرح الجامع الصغير : 2/ 293، وفي فيض القدير : 4/484 : مرسل .
وقال العراقي في تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل (ص: 286) : ع محمد بن كعب القرظي روى عن علي والعباس وابن مسعود وأبي ذر وأبي الدرداء وذلك مرسل لم يلقهم ، قاله في التهذيب . قلت : الذي في التهذيب يقال : مرسل ... فقد روى عن أيوب بن موسى قال سمعت محمد بن كعب القرظي قال سمعت ابن مسعود فذكر حديثا ، رواه البخاري في تاريخه عن بندار عن أبي بكر الحنفي عن الضحاك عن عثمان عن أيوب ثم قال : لا أدري حفظه أم لا ؟ . اه.
وقال علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف تخريج أحاديث وآثار كتاب في ظلال القرآن (ص: 197): ضعيف. رواه: ابن إسحاق، وابن سعد في ((الطبقات))، والحاكم، والبيهقي في ((الدلائل))؛ بإسناد فيه بريده بن سفيان الأسلمي؛ ليس بالقوي. ثم إنه من رواية محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهذا إسناد منقطع؛ فمحمد بن كعب لم يدرك ابن مسعود على الراجح؛ فهو قد توفي سنة 118هـ وعمره 78 سنة، فتكون ولادته سنة 40هـ، وابن مسعود توفي سنة 32هـ على الراجح . اه.
وأما كونه ضعيفا لضعف بريده بن سفيان الأسلمي.
قال عبد الله بن أحمد : سألته (يعني أباه) , عن بريدة بن سفيان , كيف حديثه ؟ قال : له بلية تُحكى عنه. ((العلل)) (1500). انظر : موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل (4/ 137).
وقال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 141) : فيه نظر.
وقال الدارقطني في كتاب الضعفاء والمتروكين (ص: 6) : متروك.
وقال ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل (2/ 424) :وسمعته (أي أبي) يقول: وهو ضعيف الحديث.
وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (1/ 137).
ونقل الذهبي في الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة (1/ 265) : قول البخاري : فيه نظر. وقال في المغني في الضعفاء (1/ 102) : قال الدارقطني متروك.
وقال ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (2/ 61) : سمعت بن حماد يقول : قال السعدي : بريدة بن سفيان بن فروة رديء المذهب جدا غير مقنع مغموص عليه في دينه... وبريدة بن سفيان ليس له كبير رواية وعامة حديثه يرويه بن إسحاق ولم أر له شيئا منكرا جدا.اه.
وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (1/ 379) : وقال النسائي ليس بالقوي في الحديث ... وقال الآجري عن أبي داود : لم يكن بذاك ، تكلم فيه ابراهيم ابن سعد ، قلت : لأبي داود : كان يتكلم في عثمان ؟ قال نعم. قلت: بقية كلام ابن عدي منكر جدا... قلت: وقال ابن حبان في الثقات التابعين قيل ان له صحبة وحكى ابن شاهين في الثقات عن أحمد بن صالح انه قال هو صاحب مغاز وأبوه سفيان بن فروة له شان من تابعي أهل المدينة وقال الدارقطني متروك وقال العقيلى سئل أحمد عن حديثه فقال بلية. وقال في تقريب التهذيب (ص: 121) : ليس بالقوي وفيه رفض .اه.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 265) : وأما بريدة بن سفيان فرجل ليس من الصحابة وليس هو أيضا بذاك في الرواية.اه.
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 357) : تابعي مشهور مضعف عندهم . وضعفه الحافظ في الإصابة في تمييز الصحابة (7/ 129) وقال : وفي السيرة النبوية لابن إسحاق بسند ضعيف.
هذا وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وبارك وسلم.
أبو الخير عارف محمود الجلجتي
دار التصنيف بالمدرسة الفاروقية بجلجت باكستان
24 ـ 2 ـ 1441هـ / 24 ـ 10 ـ 2019م.